مقال

خبروتحليل –عمّـار العـركي سكتب : شيطنة الحركات وتمجيد المخابرات: أبـعــاد ودلالات ظاهــرة خـطــرة

▪️في توقيتٍ بالغ الحساسية ، وبينما تخوض الدولة السودانية معركة مصير ضد التمرد، برزت إلى السطح ظاهرة إعلامية مقلقة: حملة ممنهجة تستهدف الحركات المسلحة الموقعة على اتفاق جوبا، والتي انخرطت منذ بداية الحرب ضمن القوات المشتركة إلى جانب القوات المسلحة.
▪️الغريب أن هذه الحملة لا تأتي من صفوف خصوم الدولة أو معسكرات المليشيا، بل من أقلام وشخصيات تقدم نفسها باعتبارها مناصرة للقوات المسلحة والدولة، لكنها – في مفارقة لافتة – تهاجم بضراوة أحد أهم شركاء الجيش في الميدان.
*تنــاقـض يـُهــدد الــصــف الــوطــــني

▪️ما الذي يدفع من يزعم دعم الجيش إلى مهاجمة من يقاتل معه في الخندق نفسه ؟
السؤال ليس ترفًا بل ضرورة ، لأن هذا التناقض لا يُمكن فصله عن محاولات إعادة إنتاج استقطاب سياسي تحت لافتة الحرب، وتحويل المعركة من معركة وطن إلى ساحة تصفية حسابات.
▪هذه الحملة الإعلامية ليست مجرد مواقف نقدية، بل محاولات شيطنة،تُعيد إنتاج صور نمطية سلبية تجاه الحركات المسلحة، وتُحمّلها مجددًا وزر مرحلة سياسية ماضية، مع تجاهل تام لمواقفها الحالية و التزامها العسكري في الحرب.
*تزامـن مريـب … تمجيــد المخابــرات وتشويــه الحـركات !!*
▪️الأكثر لفتًا أن بعض ذات الأقلام التي تُشيطن الحركات، تُفرط في تمجيد وتعظيم جهاز المخابرات العامة ؟! ، في سياق إعلامي يُسلط الضوء بكثافة على الجهاز، ويُغرقه في دائرة الاهتمام والرأي العام، في تناقض صارخ مع طبيعة مهامه القائمة على السرية والعمل في الظلال.
▪️لقد نبّهنا سابقًا، في مقالات تحليلية، إلى خطورة هذا التوجه، وقلنا بوضوح إن إغراق جهاز المخابرات في واجهات الضوء يضعف فعاليته المهنية، ويُقحمه في مزايدات سياسية هو في غنى عنها.
▪️وبينما يتم تضخيم صورة المخابرات، يتم في ذات الوقت تفريغ رصيد الحركات الميداني بتشويش متعمد على مشاركتها في الحرب، وكأنما هناك من يسعى لإعادة تشكيل مشهد القوة والانتماء الوطني وفق مقاييس ضيقة وخطيرة.
أدوات حرب نفسية.. بصيغة محلية
▪️هذه الحملات – بوعي أو بغير وعي – تُسهم في حرب نفسية تُخدم المليشيا المتمردة، التي تعمل على شق الصف الوطني، وبث الشكوك، وضرب الثقة بين أطراف الجبهة الواحدة.
إنه العدو الناعم الذي لا يظهر بالبزة العسكرية، بل يتسلل عبر المفردات، والتغريدات، والتقارير الصحفية، ليفكك التماسك الوطني ويزرع القابلية للانقسام والتشكيك.
*مرة أخرى: جــرس إنـــذار مبكـــر
▪️مرةً أخرى، نقرع جرس الإنذار من خطر إعلامي وصحفي مبكر، يتسلل تحت عناوين الوطنية، بينما يُضعف الصف، ويُربك الرأي العام، ويزرع الشكوك بين مكونات الجبهة الداخلية.
▪️إن البلاد اليوم تحتاج إلى مزيد من الوعي الوطني، والإدراك الحقيقي لحساسية المرحلة، وتقدير حجم التحديات والمخاطر – خاصة الإعلامية منها – التي تُهدد الجميع دون تمييز، ولا سيما تلك الخطابات والممارسات التي تنقض غزلها من بعد قوة أنكاثًا، فتُضعف ما تم بناؤه، وتُربك المشهد بدلًا من توحيده.
▪️المعركة ليست بين مكونات سياسية أو تيارات فكرية، بل هي معركة وجود حقيقية، تخوضها الدولة دفاعًا عن كيانها، في مواجهة مليشيا تمارس حرب تدمير شامل، وتُراهن على الفوضى والانقسام.
*لا للـتـشويــــــــه.. لا للتـطبـيــــًل
▪️إذا كان من محاسبة أو تقييم أو مراجعة، فليكن ذلك بعد تجاوز المحنة الوطنية، ثم العبور والإنتقال، حين يُترك القرار للشعب ليختار ويُحاسب ويُكافئ.
▪️أما الآن، فإن أي تصنيفات أو إقصاءات أو محاكمات إعلامية لا معنى لها، ولا يُعوّل عليها، لأنها ببساطة تُضعف الجبهة الوطنية، وتُطيل أمد الحرب، وتُخدم أجندة العدو الخارجي.
▪️وفي هذا السياق،لابد من التذكير بأن :”عند انطلاق الرصاصة ، تسقط كل النظريات”، والمقصود هنا أن طلقة حرب 15 أبريل الاستثنائية وغير المسبوقة أسقطت كل الاعتبارات السابقة، وأعادت ضبط المشهد السياسي و العسكري والاجتماعي على قاعدة “ما بعد الحرب”.
▪️لقد قامت تلك الحرب بـ”تصفيير العدادات”– السياسية والاقتصادية و المجتمعية –وأعادت تشكيل المفاهيم والعلاقات و المواقع ،ولم يعد هناك معنى حقيقي لأي موقف أو نظرية لم تُختبر تحت نار هذه الحرب.
▪️وعليه، فإن المواقف والاصطفافات يجب أن تُقاس بالأفعال الميدانية والمواقف في خندق الدفاع عن الدولة، لا بالموروثات أو التحفظات الأيديولوجية السابقة.
*و الأهــــم مـــن ذلـــك أن :
▪️الحركات الموقعة على اتفاق جوبا، والتي تقاتل اليوم دفاعًا عن الدولة، فوق كل التشويهات العاطفية وغير المنطقية، طالما ظلّت وفية للمعركة الوطنية الراهنة.
▪️وجهاز المخابرات العامة ليس في حاجة إلى مظاهر التطبيل أو موجات التفضيل الإعلامي، بل إلى دعم هادئ يتيح له أداء دوره في الظل بحرفية ومسؤولية.
*خلاصة القول ومنتهاه
▪️إننا نخوض معركة وعي بقدر ما نخوض معركة نار، ولا تحتمل المرحلة مزيدًا من التنازع… ولا مزيدًا من التطبيل… ولا مزيدًا من التشويه…… فليصمت الجميع… ليتكلم الوطن.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *