
تكونت الحركة الشعبية بجناحها السياسي أولاً وفق مشروع سياسي سمي بالمنفيستو السياسي للحركة الشعبية ثم تم إنشاء الجناح العسكري بعد ذلك في إشارة ذكية من قرنق ، ومقارنة بذلك نجد الدعم السريع قدم البندقية على السياسة وبدأ مشروعه السلطوي بالبندقية إنطلاقاً من محطة قوات حرس الحدود بعد الغدر بالشيخ موسى هلال زعيم المحاميد.
كانت هذه المقدمة مهمة للولوج إلى مسرحية تكوين الحكومة في نيروبي . .حيث أن هذه الحكومة تقودها البندقية ، وذلك لسبب بسيط هو غياب المشروع السياسي الموحد للمجتمعين في نيروبي بل نجد بعض الكيانات المجتمعة تفتقر لوجود مشروع سياسي لكياناتها وهذا هو سبب تأجيل أعلان الحكومة المزعومة لمرتين بإعلان التأجيل الذي صدر اليوم ….
هذه المجموعات المجتمعة في نيروبي تفتقر للقواسم المشتركة سياسياً وتخطيطياً واستراتيجياً ولكن يجمع بينها عامل الإثنية والجهوية ماعدا بعض والمكملات من أعضاء أحزاب لا يوجد اتفاق داخلها حول هذه الحكومة المزعومة.. وحتماً سيؤدي ذلك لانقسامات مستقبلية في أجسام هذه الاحزاب خاصة حزب الأمة والاتحادي. أما حركة العدل والمساواة جناح صندل فقد انشقت اليوم إلى حركتين بسبب المشاركة في نيروبي وبالتأكيد سيكون هذا هو مصير الحركة الشعبية شمال جناح عبد العزيز الحلو .
للأسف الصراع حول موارد السودان هو صراع بين حلفاء أمريكا العرب ( السعودية، مصر والإمارات ) وهو صراع سيظهر للعلن أيضاً في مرحلة من مراحل الحرب ولذلك لابد لقادة الجيش أن يلتزموا أستراتيجية حربية وسياسية ودبلوماسية لمواجهة أثار هذه الصراعات الداخلية التي ستنتج عن نيروبي والخارجية القائمة بين حلفاء أمريكا العرب.
والأهم هو ان يتحرك الجيش بخطى سريعة نحو تحرير الجنينة ونيالا والضعين كضربة لامال وطموح الدعم السريع الساذجة ولكنها رغم سذاجتها هي معول ووسيلة يتكئ عليها حلفاء أمريكا العرب ويعتمد عليها الغرب لتحقيق مشروع الشرق الأوسط الجديد الذي يقضي بتكوين خمس دول في أرض الدولة السودانية ونجحوا في صناعة الأولى( دولة جنوب السودان )
والمضحك والمحزن هو غباء حلفاء أمريكا العرب الذين يعلموا ان التقسيم في السودان هو الخطوة الأولى لتقسيم دول مثل مصر والسعودية ودمج أخرى كالامارات.. ولكن يبدو أن الضغوط الواقعة على هذه الدول وخاصة الامارات أكبر من أن تجعلها تلتفت لمصالحها وبقاءها ..
خلاصة الأمر هو أن ما يحدث في نيروبي هو أمر خطير يمكن أن يكون سابقة في دول أفريقية أخرى وان كان السودان أكثر مقدرةً على تحمل تبعات نيروبي أكثر من غيره من الدول الأفريقية اذا ما مرت بهذه التجربة القاسية.