المقالات

حقيقة الهجمات السيبرانية على بعض مطارات أوروبا

كتب:إبراهيم عدلان

شهدت عدة مطارات كبرى في أوروبا ـ بينها بروكسل، برلين، وهيثرو في لندن ـ اضطراباً غير مسبوق خلال الساعات الماضية إثر تعرض أنظمة إنهاء إجراءات الصعود وتسليم الأمتعة لهجوم سيبراني استهدف نظام MUSE الذي تطوره شركة Collins Aerospace، أحد أبرز مزوّدي الخدمات التقنية لقطاع الطيران.

ما حدث فعلياً

الهجوم لم يطل أنظمة الملاحة الجوية أو سلامة الطيران بشكل مباشر، بل أصاب طرفاً ثالثاً يزوّد المطارات بخدمات تقنية حيوية، ما أدى إلى توقف منصات إلكترونية أساسية. أمام هذا الوضع اضطرت إدارات المطارات إلى تشغيل خطط الطوارئ والعودة إلى الإجراءات اليدوية، وهو ما تسبب في تأخيرات كبيرة، إلغاء بعض الرحلات، وازدحام شديد في صالات المغادرة.

ما هو مؤكد وما يزال غامضاً
• المؤكد: الخلل سببه هجوم سيبراني استهدف مزود خدمة خارجي، والأثر اقتصر على أنظمة تسجيل الركاب وتسليم الأمتعة.
• الغامض: لم تُعلن أي جهة مسؤوليتها حتى الآن، ولا يزال الدافع غير واضح، سواء كان مالياً (ابتزاز)، أو سياسياً، أو محض تخريب.

من يقف وراء الهجوم؟

التحقيقات الأولية تفتح عدة احتمالات:
• عصابات الجريمة الإلكترونية: من المرجح أن تكون الجهة المنفذة عصابة متخصصة في هجمات الفدية، وهو النمط الأكثر شيوعاً ضد البنى التحتية المدنية.
• جهات مدعومة من دول: لا يمكن استبعاد فرضية أن يكون الهجوم جزءاً من اختبار قدرة أو رسالة سياسية في سياق التوترات الجيوسياسية.
• مخربون مستقلون: احتمال أضعف لكنه وارد، حيث يسعى بعض القراصنة لإحداث فوضى دون هدف مالي مباشر.

ماذا يبحث عنه المحققون؟

الجهات الفنية تركز حالياً على تحليل سجلات الدخول والاتصالات الخارجية، رصد أي برمجيات خبيثة أو أدوات تشفير، وفحص كيفية استغلال الثغرات في ربط الأنظمة بين Collins والمطارات. ظهور مطالب فدية أو تسريب بيانات سيكشف الكثير عن هوية المهاجم.

التداعيات الفورية
• تعطل العمليات الرقمية وتحولها إلى الإجراءات اليدوية يعني تأخيرات طويلة ومخاطر أكبر من الأخطاء البشرية.
• الثقة في منظومات الطيران الرقمي تلقت ضربة قوية، خاصة مع الاعتماد الكبير على خدمات خارجية مركزية.
• الركاب سيظلون يواجهون اضطرابات على مدى الأيام المقبلة حتى تتم استعادة الأنظمة أو تفعيل بدائل مستقلة.

الدروس المستخلصة والتوصيات
• تعزيز أمن سلاسل التوريد: من خلال إعادة النظر في عقود الطرف الثالث وتشديد متطلبات المصادقة والأمن.
• إيجاد أنظمة احتياطية: تُمكّن المطارات من الاستمرار دون الاعتماد على نقطة فشل واحدة.
• التدريب على الطوارئ: لضمان انسياب العمل حتى في الظروف اليدوية.
• تعاون أوسع مع هيئات الأمن السيبراني الأوروبية لمشاركة المؤشرات والدروس المستفادة.

الهجوم لم يهدد سلامة الطيران مباشرة لكنه عرّى هشاشة البنى الرقمية التي تدير ملايين المسافرين يومياً. ومع غياب إعلان مسؤولية واضحة حتى اللحظة، يبقى المشهد مفتوحاً على كل الاحتمالات، ما يضع المطارات الأوروبية أمام تحدٍ كبير لتأمين أنظمتها وتفادي تكرار مثل هذه الحوادث.

طيران بلدنا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *