المقالات

قبل المغيب.. عبدالملك النعيم أحمد يكتب: المدارس السودانية بجمهورية مصر

.
منذ أن وطأت قدماي أرض مصر المؤمنة بداية هذا العام للظروف المعلومة للجميع من ترتيب لأوضاع الأبناء ودراستهم وغيرها من المتطلبات التي يصعب توفيرها الآن في السودان رغم تحسن الأحوال تدريجيا والسعي الجاد للعودة والإستقرار…تابعت خلال هذه الشهور الكثير من معاناة السودانيين الذين جاءوا لمصر لاجئين واستقبلتهم بالأحضان قدمت لهم الكثير الذي لم يجدوه في اي دولة لجئوا إليها وذلك بحكم الأرتباط الوثيق لشعب وادي النيل والعلاقات الاجتماعية والتاريخية المتجذرة..فقد عاش السودانيون ومازالوا وسط احياء مدن مصر وحواضرها بما فيها القاهرة رغم ان معظمهم يحملون كروت المفوضية والتي حسب العرف الدولي يجب ان يكونوا في معسكرات لجوء خارج المدينة كما حالهم في كينيا، يوغندا، اثيوبيا، تشاد وليبيا وغيرها من دول الجوار ولكن مصر الشقيقة لم تفعل ذلك ولن..
معاناة السودانيين في مصر ثمثلت في جوانب عدة ولعل قضية الحصول علي الاقامات وترتيب الاوضاع من جانب المفوضية كان واحدا من الهواجس الكبيرة..ثم التعليم بشقيه العام علي مستوي المدارس والعالي علي مستوي الجامعات ثم موضوع الأوراق الثبوتية في السفارة وما يصاحبها من تعقيدات وارتفاع تكلفة الحصول عليها مقارنة بالظروف الاقتصادية التي يعيشونها والتدهور المريع للعملة السودانية وتلك معاناه يطول الحديث عنها نظرا للشكاوي الكثيرة التي وصلت لبريد الزاوية…
أما ما وددت تناوله في زاوية اليوم هو تداخل الصلاحيات والإرتباك الذي نراه في طريقة وكيفية ادارة المدارس السودانية او المراكز التي تدرس المنهج السوداني بمصر…ولعلي وبحكم عملي في سفارة السودان بالقاهرة لعدة سنوات وادارتي أيضا لملف الاعلام والملف الثقافي خلال اجازات المستشار الثقافي أجد نفسي ملما بما يحدث وادرك تماما التداخل المزعج الذي يحدث الآن خاصة بعد ظهور مدرسة الصداقة بمصر وتبنيها لقضية المدارس والتعليم وكأنها ممثلة لوزارة التعليم والتربية الوطنية رغم أن الامر ليس كذلك وانما كل ذلك هو مسؤولية المستشارية الثقافية بالسفارة ويقف علي رأسها الآن دكتور عاصم حسن وله من التأهيل والخبرة والتجارب ما يجعله الأقدر علي ادارة الملف إن ابتعدت مدرسة الصداقة عن ادارة الملف…وحتي مدرسة الصداقة يقف علي ادارتها اخ وزميل ووزير تعليم سابق له من الخبرة والتجربة ما يكفي وهو الدكتور عبدالمحمود نور الدائم…فطالما الأمر كذلك ففي تقديري أن تحديد المسؤوليات والفصل بين الصلاحيات يظل ممكنا حتي لا يحدث التضارب ويتضرر الطلاب كما حدث بالفعل للكثيرين في امتحانات الشهادة الثانوية والمتوسطة والاساس مؤخرا..
مناسبة حديث اليوم هي قرارات تم نشرها من مدرسة الصداقة بإغلاق 73 مدرسة ومركزا تعليميا لمخالفتهم مخالفة تامة للاسس والضوابط لتدريس المنهج وطباعتة…وانذرت مدرسة الصداقة 40 مدرسة ومركز واعطتهم مهلة 72 ساعة لتوفيق أوضاعهم بإعتبار أن مخالفتهم جزئية..صدرت هذه القرارات حسب مدرسة الصداقة بعد تشكيل لجنة طافت علي المدارس وقيمت الموقف ورصدت المخالفات هذه…
عملية تنظيم المدارس والمراكز التي تدرس المنهج السوداني في مصر امر ضروري وحتمي ومطلوب ولكنه في تقديري هو مسؤولية المستشارية الثقافية التي تمثل وزارة التعليم والتربية والوطنية السودانية في مصر وما مدرسة الصداقة الا واحدة من تلك المدارس التابعة للوزارة وعليها هي الأخري ان تخضع لإشراف المستشارية الثقافية لا ان تكون متحدثا باسم الوزارة او تصدر قرارات بالاغلاق والتهديد وتحذير اولياء الامور من التسجيل في هذه المدارس والمراكز والتي في معظمها اماكن للتدريس اما تنظيم الامتحانات وارقام الجلوس فهذا مسؤولية الوزارة بعد توصية المستشارية..
ماهو البديل لآلاف الطلاب الذين يتلقون التعليم في هذه المدارس ؟ هل توجد مدارس او مراكز بديلة معتمدة يمكن أن يذهبوا اليها والعام الدراسي علي الأبواب وظروف اولياء الامور والاسر معلومة بالضرورة..
هل المشكلة في طباعة المنهج المعتمد من الوزارة ام ان المنهج الذي يدرس في المدارس والمراكز مخالفا لما قررته الوزارة؟؟ في تقديري الامر لا يعدو كونه ضعف في الترتيبات الادارية لتحديد الاختصاصات وتوجيه هذه المدارس والمراكز باتباع ماتنص عليه قوانين الوزارة وليس بالطبع في بيئة التدريس في هذه الظروف الاستثنائية بقدر ما يجب ان يرتبط بالمنهج وسنوات الدراسة …فالتعويل الأكبر علي المستشارية الثقافية بتوحيد سلطة اتخاذ القرار بشأن التعليم والحرص علي تنظيمه وتوفير مقعد لكل من هو في سن الدراسة من ابناء السودان في مصر في مثل هذه الظروف الإستثنائية حتي لا يتضرر الطلاب أكثر مما تضرروا بسبب تجاوز بعض المدارس والمراكز حتي المعتمدة من الوزارة وبسبب تعدد جهات اتخاذ القرار من الناحية الأخري…ليت مشاكل هذه المدارس والمراكز يتم حلها قبل بداية العام الدراسي…

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *