الأخبار

مفضل في “أرض النار”! .. الدبلوماسية الأمنية السودانية .. أشرقت في أوروبا وسطعت في باكو! بقلم : مكي المغربي

أكتب مقالي هذا، وبعد قليل سيخطو واثقاً الفريق إبراهيم مفضل لاعتلاء منصة مؤتمر باكو الدولي للأمن في أذربيجان، حيث تحتشد أجهزة الأمن والمخابرات من مختلف دول العالم. كيف لا ومنبر باكو هو النسخة الآسيوية لمؤتمر ميونخ الدولي للأمن.
هنا في باكو، أذربيجان، ينعقد الحدث الكبير، ومن ألقابها “أرض النار” لوجود بئر غاز تشتعل طبيعيا من مئات السنين، في منطقة “يانارداغ” في ظاهرة طبيعية محيرة صارت قبلة للسواح.
سأكتب بعد كلمة السيد الفريق مفضل مقالاً شارحاً، كما التقي السادة المشاهدين عبر الجهات الأربع على “شاشة الزرقاء” مساء اليوم الأحد، بالمزيد ما بين السر والجهر ولكنني واثق أن للمؤتمر ما بعده، لأن السيد مدير المخابرات يخاطب الحشد الكبير الذي التقى قبله 19 من أجهزة المخابرات العالمية من كل قارات العالم؛ كلهم.. الصديق والمحايد والمناوئ.. وهذا هو دور الدبلوماسية الأمنية.
في اللقاءات كان النقاش جاداً وصريحاً، وكانت الأوراق مرتبة وجاهزة، وشروط السودان في الصداقة والتعاون واضحة، وكانت الرسالة مذهلة لهم جميعاً.
كثيرا ما قلت … الدبلوماسية لا تعني أن تلتقي الدولة الصديقة لك، لأن الطبيب لا يذهب للأصحاء بل المرضى، وهنالك فرصة للقنوات الأمنية المحروسة المحفوظة من نزق السياسيين والناشطين و”بهلوانات الصحافة” لمناقشة الدول كلها.
كتبتُ من قبل في فبراير هذا العام في ردهات ميونخ بعنوان “الدبلوماسية الأمنية تصحح الموقف الأوروبي وتحشد الإجماع العربي” عن نجاح هذا النهج في التجربة السودانية بقيادة الفريق أول مفضل، حيث استطاعت الأجهزة الأمنية أن توظّف الحوار والشراكات الإقليمية والدولية لاحتواء التهديدات وتعزيز الاستقرار. أكدت في ذلك المقال أن الدبلوماسية الأمنية ليست إثارة سينمائية من وراء النظارات المظللة، بل أداة عملية مكّنت السودان من تحقيق توازن بين الردع والتعاون، والانتقال من نهج ردّ الفعل إلى بناء أحزمة تأمين دبلوماسية استباقية لحماية الأمن القومي السوداني.
منتدى باكو للأمن هو النسخة الآسيوية، بل الدولية الثانية، من مؤتمر ميونخ، حيث يُعدّ أبرز منصة إقليمية للحوار الأمني في قلب الصراعات، ويُنظر إليه الآن على نطاق واسع على أنه كواليس إدارة الصراعات.
منذ انطلاق نسخته الأولى عام 2023، أصبح المنتدى نقطة التقاء لصنّاع القرار وقادة الأجهزة الأمنية والاستخبارية من عشرات الدول. يناقش المنتدى القضايا العالمية مثل أمن الممرات التجارية، التعاون في مكافحة الإرهاب، وحماية البنية التحتية الحيوية، إلى جانب ملفات الطاقة والأمن السيبراني. بطابعه غير الرسمي، يوفر المنتدى مساحة مفتوحة للحوار وبناء الثقة بين الشرق والغرب، ويعكس الطموح الأذري لتحويل باكو بوصلة سياسية للأمن الإقليمي.
أذربيجان دولة محيّرة؛ تحتفظ بعلاقات قوية مع إسرائيل ومع العالم الإسلامي، ومع الشرق والغرب. هي باختصار “سويسرا آسيا”.
تحتل أذربيجان موقعاً استراتيجياً فريداً على مفترق طرق أوروبا وآسيا والشرق الأوسط، ما يجعلها محوراً رئيسياً في معادلة الطاقة والنقل الإقليمي. فهي دولة منتجة ومصدّرة للنفط والغاز، وتشغّل ممرات نقل حيوية مثل ممر “الشرق–الغرب” الذي يربط الصين بأوروبا. كما تمتلك خبرة عملية في إدارة تحديات أمنية معقدة مثل النزاعات الإقليمية، وقضايا الإرهاب، وتأمين خطوط الطاقة العابرة للقارات. ومن خلال استضافة منتدى باكو للأمن، برزت أذربيجان مجدداً كوسيط وشريك مقبول، يربط بين مصالح القوى الكبرى ويقدّم منصة للحوار في منطقة غالباً ما تكون ساحة للتوترات الجيوسياسية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *