“كثير الهجوم لديه ما يخفيه وهو يشبه كثيراً ما يهاجمك بشأنه”.. رؤى الماوردي..!
يُحكى أن أكاديمياً مرموقاً كان قد اختار في شبابه أن يستثمر علمه في جامعة ذائعة الصيت بإحدى الدول الأوروبية، ثم مرَّت الأيام وتعاقبت الفصول على هجرته تلك حتى أدركته الكهولة. وفي إحدى زياراته للخرطوم دخل على أحد زملاء مهنته في مقر عمله، فوجده يشمر عن ساعديه وهو يهم بتناول إفطاره البلدي “عصيدة الذرة وملاح الويكاب” ..!
بعد السلام و”المطايبة” دعاه صديقه إلى أن يشاركه الطعام، فتمنَّع قليلاً قبل أن يهجم بأصابعه على العصيدة اللذيذة. دارت دوائر “الونسة” واستقر بها المُقام في أوان عودته النهائية إلى البلاد، فاختار الضيف أن يدفن مخاوفه الكثيرة، وبينما كان يفكر في تجميل الأسباب سقطت بضع قطرات من “الملاح اللايوق” على ربطة عنقه الأنيقة – التي كانت باهظة الثمن – فما كان منه إلا أن صاح مخاطباً جليسه في حَنَقٍ عظيم “ما داير أرجع عشان جنس ده” ..!
بعض مواقف البشر الخطائين لها أسباب حقيقية يعمدون إلى تغليفها بأسباب أخرى “وجيهة”، يفعلون ذلك خوفاً أو ربما طمعاً، وتلك الأسباب لا تخضع عادةً لدقة التحليل إن هي لم تبرح إطارها الإجتماعي العفوي..!
وفي معرض تبرير بعض ثورات النساء وتأصيل بعض غضباتهن المضريَّة تقول أحلام مستغانمي إن “عدوانية المرأة لا تعود غالباً لمزاجها السيئ، بل لأنّ الحب يجعلها كذلك، وهذا حسب دراسات علمية تجزم أنه عندما تحب المرأة ترتفع لديها نسبة هرمون التستوسيترون الذكري المرتبط بالنزعة العدوانية – ربما نبهكم هذا الاكتشاف إلى عدم الثقة بامرأة تلاطفكم وتسايركم وتوافقكم على كل شيء، وطمأنكم بالمقابل لصدق عواطف نساء بطباع شرسة – هذه الدراسة نفسها توصلت إلى أنّ الرجال حين يقعون في الحب تتراجع لديهم معدلات الهرمون إياه فيصبحون لطفاء ورقيقي المشاعر وعاطفيين، ومرهفي الحس”، وقبل أن تصدر تلك الدراسة كان رولان بارت قد قال “عندما يحب الرجل يدخله العنصر الأنثوي”..!
في سلسلة اعترافات نادية عابد – الشخصية الوهمية التي ابتكرها خيال الكاتب المصري مفيد فوزي لتمرير قناعاته وأفكاره بشأن المرأة وعلاقتها بالرجل – وفي مقال طريف عن الأسباب غير المعلنة للنكد الزوجي ضَمَّنت الكاتبة بعض الأمثلة على الأسباب الحقيقية غير المعلنة لاندلاع الشجارات الزوجية المفتعلة من قبل الزوجات بدافع غالباً هو الذود عن حياض الكبرياء الأنثوي الجبار ..!
مثلاً – وبحسب منطق نادية عابد – إذا ما بدأت زوجتك بالتذمر على نحو مفاجئ، من الفوضى التي تخلفها أغراضك المبعثرة في أرجاء المنزل كل يوم، فتأكد أنك أمام أنثى غاضبة لسبب آخر تماماً. ربما كلمة باطل أريد بها حق وردت على لسانك إعجاباً بإحدى الصديقات أو الجارات إلى آخر تلك الهنات الرجالية إياها ..!
المهم أن السبب الحقيقي لمعظم نوبات النكد هو دائماً غير معلن، ربما لأن في الجهر به مخالفة لقواعد “البرستيج الأنثوي” مصدر النكد!.
munaabuzaid2@gmail.com