المقالات

ديون السودان وحلولها الاقتصادية – رؤية تنموية استثمارية بقلم : أحمد حسن الفادني

طالعنا قبل أيام في بعض المواقع الإخبارية خبر مفاده أن السيد وزير المالية التخطيط الإقتصادي دكتور جبريل ابراهيم ناقش في اجتماع رسمي بالوزارة ديون السودان المتراكمة وعن المعناة التي يعيشها السودان بسبب الديون ، لكن للأسف لم تتناول هذه المواقع تفاصيل الاجتماع وإنما جاء الخبر في إطار السبق الصحفي وفي غياب تفاصيل ما دار في الاجتماع أأتوقع أنه ناقش كيفية حل مشكلات الديون وأن السيد الوزير تناولها بمهنية عالية .
إن قضية ديون السودان الخارجية وفوائدها تعتبر من المشاكل التي اقعدت بالسودان وجعلته في مأخرة الدول بالرغم من حجم ثرواته الكثيرة لذا من الضروري تقديم حلول اقتصادية تفضي الى حلول ناجعة.
إن غياب تفاصيل ما دار في الإجتماع الذي ذكر في سياق الخبر لايمنعنا من تقديم رؤيتنا للحل بمنظور اقتصادي تحليلي يعكس واقع الاقتصاد السوداني. حيث ان السودان ظل يعاني من عبء الديون الخارجية المتراكمة والتي تقدر بعشرات المليارات من الدولارات، و تعد هي من الاسباب الرئيسية التي تعيق مسيرة النمو الاقتصادي وتحد من قدرة الدولة على تمويل الخدمات الأساسية والتنمية المستدامة.
في ظل تلك التحديات الاقتصادية المتفاقمة تبرز الحاجة إلى تقديم رؤى وحلول مبتكرة تعتمد على شحذ الموارد المحلية من خلال مشاريع استثمارية تنموية ذات عائد اقتصادي واضح ومستدام وذلك من خلال توصيف منطقي علمي للديون الخارجية.

أولا: واقع الدين الخارجي في السودان:
1.حجم الديون:
تقدر ديون السودان الخارجية تقدر بمبلغ 56 مليار دولار (وفق التقديرات الأخيرة قبل الحرب) حسب ما ورد في تقرير البنك الدولي ، و معظمها وديون موروثة وفوائدها من فترة ما قبل الانفصال.
2.أسباب تراكم الديون:
أ.ضعف الإدارة الاقتصادية.
ب.الاعتماد على تصدير المواد الخام غير المصنعة.
ج .ضعف الإنتاجية وقلة الاستثمارات النوعية.
د.تراجع المساعدات والمنح بعد العقوبات السياسية والدولية تجاه السودان .

ثانياً: الرؤية التنموية الاستثمارية كمدخل لحل أزمة الديون:
1.التحول من الاقتصاد الربعي إلى الاقتصاد الإنتاجي وذلك من خلال :
أ.بتبني نموذج تنموي يعتمد على تحفيز الإنتاج المحلي.
ب.إنشاء صناديق استثمار سيادية تدار بشفافية وتخصص لمجالات ذات جدوى اقتصادية مباشرة كما تحدثنا فيها في مقالات سابقة .
2 إطلاق حزمة من المشاريع القومية ذات العائد الاقتصادي:
تشمل مشاريع استرايجية ذات قيمة تنموية استثمارية (الطاقة ،و الانتاج الزراعي و الحيواني ،و البنية التحتية ، والتعدين)

ثالثا: آلية ربط الاستثمار بسداد الديون وذلك عبر :
1 إنشاء محافظ مشاريع استثمارية تحت إدارة صندوق سيادي:
أ.تخصيص جزء من أرباح المشاريع لسداد أقساط الديون الخارجية.
ب.الشفافية في إدارة الموارد وتوجيهها للمصارف الدائنة كضمان للسداد.
2.الدبلوماسية الاقتصادية:
أ.التفاوض مع الدائنين لتحويل جزء من الديون إلى استثمارات مشتركة في المشاريع التنموية .
ب.استقطاب تمويل ميسر من مؤسسات دولية (مثل البنك الإسلامي للتنمية، والصندوق العربي).
3.إصدار سندات تنموية مضمونة بعائدات مشاريع محددة :
جذب ودائع السودانيين العاملين في الخارج والمؤسسات المالية.

رابعاً: متطلبات نجاح الرؤية :
1.إصلاح البيئة القانونية للاستثمار.
2.استقرار سياسي وأمني.
3.إنشاء هيئة وطنية عليا لإدارة الدين والاستثمار.
4.تحسين الشفافية والمحاسبة.

ونختم بالقول بأن حل أزمة ديون السودان لا يمكن أن يتم عبر القروض والمساعدات فقط، بل يتطلب تبني رؤية تنموية قائمة على شحذ الموارد الوطنية والدولية من خلال مشاريع استثمارية حقيقية.
كما أنه يمكن القول إن هذه الرؤية المختصرة قد تكون قادرة على تحويل التحدي إلى فرصة، وجعل الدين وسيلة للنمو وليس عبئا على الأجيال القادمة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *