قراءة متأنية وتحليل لخطاب سعادة الفريق الطيب عبد الجليل بقلم : العميد شرطة (م)محمد ابوالقاسم

الشرطة السودانية مؤسسة وطنية زاخرة بعلمائها في كافة المجالات التشريعية والقانونية والمهنيةالشرطية والجنائية،والطبية،وفي مجالات الصحة النفسية وعلم الإجتماع، وعلوم الأدلة الجنائية إلى غير ذلك من العلوم الإنسانية التي تساعد على نهضة المجتمعات في كافة دروب الحياة،ولعل الفريق د. الطيب عبد الجليل هو أحد هؤلاء العلماء الذين ساروا في درب الشرطة سنوات طويلة متسلحا بالعلم صادحا بالحق، لا يخشى في قوله لومة لائم ،فهو ذلك القانوني الضليع الخبير في صياغة التشريعات، وهكذا عهدناه نحن الذين عملنا معه وتحت إمرته ،ولذلك لم يكن خطابه بدعة وتطاولا ولكنه حديث العالم الخبير الذي يحمل الهم الوطني ، نتابعه في أثناء معركة الكرامة وهو يجوب ولايات البلاد يحصي ويحاصر جرائم المليشيا الإرهابية مسلطا عليها سيف العدالة والقانون،فاضحا لها في ساحات العدالة الدولية، و سعادة الفريق محامي ضليع يشار له بالبنان نجده واقفا في ساحات العدالة مترافعا بقوة وحجة قانونية عن كل صاحب حق تعرض للظلم،كما أن له العديد من المؤلفات القانونية التي تصلح أن تكون مراجعا علمية، وهو بهذه الخلفية حق له أن يخاطب قيادة الدولة متكئا على رصيد علمي وخبرة عملية ومعرفة ودرايةبأجهزة العدالة الجنائية بالبلاد،هدفه خدمة الأمن الجنائي الذي هو الدعامة الأساسية للأمن الوطني ، وعلى الرغم من تقاعده إلا أنه لم يتحلل من قسم أداه في باكورة شبابه بأن ينذر حياته لله والوطن وخدمة الشعب في صدق وأمانة ، فالصدق والأمانة تقتضي إسداء النصح ومحاولة تقويم الإعوجاج، وهو ما ذهب إليه سعادة الفريق في خطابه. -جاء خطاب سعادة الفريق في محاور محددة يدعو من خلالها إلى الإصلاح المؤسسي للإرتقاء بالعملية الأمنية ، ففي جانب التشريع والقوانين أشار سيادته إلى أهمية سن تشريعات وقوانين رادعة وفعالة في ظل هذه الظروف الإستثنائية تراعي المهددات والمخاطر الأمنية الحالية،وتعمل على رفع درجة التأمين للمواطن وحمايته، وذلك من خلال تشديد العقوبات المنصوص عليها في القوانين السارية خاصة في الجرائم التي تتعلق بأمن المجتمع وجرائم أمن الدولة،كما أشار سيادته إلى أهمية التشريع القانوني لتمكين الشرطة من القيام بمهامها بالصورة المطلوبة وهذا يستدعي مراجعة سلطات الشرطة بموجب قانون الإجراءات الجنائية لسنة ١٩٩١م،وذلك لمنح الشرطة السلطات اللازمة التي تمكنها من القيام بواجباتها بالصورة المطلوبة،هذا مع أهمية التشريع القانوني لتوفير الحماية القانونية الموضوعية والإجرائية اللازمة للشرطة وهي تمارس مهامها،وقد دعا السيد الفريق قيادة الدولة لإقرار هذه التعديلات إستنادا على ما نصت عليه الوثيقة الدستورية السارية المفعول. –أشار السيد الفريق في خطابه إلى أهمية تنمية الموارد البشرية بالمؤسسة الشرطية وذلك بدعمها بالكفاءات من الكوادر المؤهلة في مدخل الخدمة مع أهمية التدريب المستمر ،وأشير هنا إلى ضرورة مراجعة مناهج التدريب حتى تكون مواكبة لكل ما يطرأ من تطور في كافة المجالات،ولعل الإهتمام بالمورد البشري يرتبط إرتباط مباشر بالإستحقاقات المادية وقد دعا السيد الفريق إلى تحسين الأجور بتعديل الهيكل الراتبي ،ومنح المعاش وفقا لما يقرره القانون وذلك تحقيقا للحياة الكريمة لمنسوبي الشرطة،إضافة لتقديم الخدمات العلاجية وتوفير وسائل إنتاج كدعم مادي لمن هم بالخدمة والمعاشيين. -لم يغفل الخطاب الإشارة للدعم اللوجستي لمؤسسة الشرطة بتوفير الميزانية اللازمة للاحتياجات و معينات العمل من آليات ومتحركات وتسليح ووسائل إتصال بالقدر اللازم الذي يمكنها من تأدية مهامها والقيام بواجباتها كما ينبغي. -إعتقد أن ما جاء بالخطاب يمثل موجهات لخطة عمل بالتأكيد سيستفيد منها السادة القادة في مؤسسة الشرطة وهم بلا شك في حوجة لمساندة كل صاحب خبرة وهم يتصدون بكل جدارة وإقتدار لقيادة الشرطة في ظل هذا الوضع الإستثنائي،ويحتاجون لكل عون من كل وطني غيور. -إعتقد أنه كان من المهم الإشارة إلى الشراكة المجتمعية مع الشرطة،ولعل حصر هذه الشراكة وإسناد أمرها لإدارة مختصة هو السبب الرئيسي في أن لا تكون الشراكة المجتمعية ناجحة بالصورة المطلوبة، ولذلك يجب أن تكون الشراكة المجتمعية فلسفة عمل ومسؤولية تقع على عاتق كل إدارة شرطية وأن تتحول إدارة الشرطة المجتمعية إلى إدارة رقابية وإشرافية لمتابعة تنفيذ المشاركة المجتمعية في العمل الشرطي. -إن الظرف الإستثنائي الذي تمر به البلاد وما هو طارئ في الساحة من مستجدات أمنية ناتجة عن أثار الحرب التي شنتها المليشيا المتمردة وما إرتكبته من جرائم في حق المواطن السوداني،يستدعي أن يلتف الجميع حول قيادة الدولة وقيادة مؤسساتها بإسداء النصح وتقديم العون والإسهام في الإصلاح والإرتقاء بكل مؤسسات الدولة وهذا ما فعله سعادة الفريق شرطة د. الطيب عبد الجليل ،فله منا التقدير والإحترام.