تقرير

الحكومة البلغارية ترد بشأن أسلحة تخصها بالسودان

‏وكالات _ عزة برس

في الجزء الأول من تحقيق موسّع أعدّه فريق “مراقبون” في فرانس 24، وشارك في إعداده كل من Elitsa Gadeva وQuentin Peschard، كُشِف عن مسار شحنة من قذائف الهاون البلغارية التي كانت في طريقها إلى مليشيا الدعم السريع (الجنجويد) في السودان، في انتهاك واضح لحظر تصدير السلاح المفروض من الاتحاد الأوروبي منذ عام 1994.

يستند التحقيق إلى مقاطع فيديو صوّرها مقاتلون من قوات الحماية المشتركة المتحالفة مع الجيش السوداني، حيث تظهر قافلة محمّلة بصناديق خشبية وسط صحراء دارفور. وتحمل الصناديق علامات تحذيرية من المتفجرات، وملصقات باللغة الإنجليزية تشير بوضوح إلى أنها قذائف مدفعية من عيار 81 ملم شديدة الانفجار (81mm Mortar HE). وخلال التوثيق، اتهم المقاتلون الإمارات العربية المتحدة ومحمد بن زايد بشكل مباشر بإرسال هذه الأسلحة إلى مليشيا الجنجويد.

كما وُجدت مع القافلة جوازات سفر لكولومبيين اثنين، إضافة إلى أوراق نقدية إماراتية، ما دفع المقاتلين إلى اتهامهم بأنهم مرتزقة، دون أن يتضح مصيرهم بشكل دقيق في الفيديو.

وقد كشف التحقيق أن هذه الذخائر قد صُنعت في بلغاريا بواسطة شركة “دوناريت – Dunarit”، وتم تتبعها عبر شفرات متسلسلة تبدأ بالرقم “46”، الذي يدل على بلغاريا. وتطابقت هذه الشفرات مع صور نشرتها الشركة ذاتها على صفحتها الرسمية، وهو ما يعزّز التتبع الفني للمصدر.

وفي حديث مع فريق “مراقبون”، أكد المدير العام لشركة “دوناريت”، بيتر بيتروف، أن الذخائر تم تصنيعها بالفعل في مصنعه، مشددًا على أن عملية التصدير تمت بموجب تراخيص رسمية إلى جهة حكومية لا تشملها أي عقوبات. لكنه رفض الاعتراف بوصول الأسلحة إلى السودان، رغم تطابق الصور والفيديوهات.

أما السلطات البلغارية، فقد نفت تصدير أي سلاح مباشرة إلى السودان، وأوضحت أن الصفقة كانت موجّهة إلى طرف ثالث لا يخضع للعقوبات. وهنا يبرز اسم شركة “International Golden Group” الإماراتية، المعروفة بتوريد الأسلحة إلى مناطق نزاع، والتي يُرجّح أنها الجهة التي اشترت هذه الذخائر ومن ثم نقلتها إلى شرق ليبيا، الخاضع لسيطرة خليفة حفتر، حليف الإمارات، قبل أن تُنقل إلى السودان.

الباحث نيكولاس مارش، المختص في سياسات تصدير الأسلحة، علّق على القضية قائلاً: “ما حدث يُعد خرقًا واضحًا لسياسات الاتحاد الأوروبي، ولا يمكن تبريره بأي استثناء معروف.”

ويُعد هذا التقرير الجزء الأول من سلسلة تحقيقات تستعرض المسارات غير القانونية التي تسلكها الأسلحة الأوروبية لتصل إلى مناطق الحروب، بمشاركة إماراتية واضحة في التمويل والتسليح.

وقد اصدرت الحكومة البلغارية بيانا اكدت أنها لم ترسل أسلحة إلى السودان وأن تلك الأسلحة تم بيعها إلى حكومة أبوظبي التي حولتها إلى مليشيا أسرة دقلو الإرها_بية

جاء في البيان الرسمي للحكومة البلغارية ردا على ما ورد في تقرير القناة الفرنسية عن وجود أسلحة بلغارية بيد الجنجويد ما ترجمته:

“تدعي الشركة المعنية أنها وفرت وثائق توضح تتبع مسار الذخيرة والأسلحة من Dunarit كشركة مصنعة لصالح حكومة الإمارات العربية المتحدة كمستخدم نهائي. وقد أكدت مراجعة وزارة الاقتصاد للوثائق أن ترخيص التصدير مُنح لوكالة حكومية في بلد لا يخضع لعقوبات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة [أي الإمارات]

كشفت شبكة “فرانس 24” الإخباريّة، أنّ “مقاطع فيديو التقطت في 21 تشرين الثاني 2024، أظهرت مقاتلين متحالفين مع الجيش السّوداني، بصدد مصادرة صناديق من قذائف “هاون” ذات منشأ أوروبي، موجّهةً وفق تأكيدهم إلى “قوّات الدّعم السّريع”، ونُقلت إلى ​السودان​ على الرّغم من الحظر الّذي فَرضه الاتحاد الأوروبي على إرسال أسلحة إلى هذا البلد، الّذي مزّقته الحرب الأهليّة”.

وأشارت، في تحقيق أعدّته حول مسار هذه الأسلحة، إلى أنّه “تمّ التّأكد من أنّ هذه الأسلحة تمّ تصنيعها في ​بلغاريا​ واشترتها شركة إماراتيّة. وقبل دخولها إلى السّودان وضبطها من قبل القوّات المشتركة، قام الموكب بنقلها إلى شرق ليبيا، وهي منطقة يسيطر عليها جيش المشير خليفة حفتر المتحالف مع ​الإمارات​”.

في هذا الإطار، أكّدت شركة دوناريت (Dunarit) البلغاريّة، في بيان بحسب وكالة “فرانس برس”، أنّها زوّدت الإمارات بأسلحة تمّ نقلها لاحقًا إلى السودان، رغم الحظر الّذي يفرضه الاتحاد الأوروبي على تصدير الأسلحة إلى هذا البلد، موضحةً أنّه “تمّ استلام المنتجات بالكامل من قبل وزارة الدّفاع في الإمارات”.

​​​​​​ونشرت الشّركة نسخةً من شهادة مؤرّخة في آب 2020، تتعلّق بطلب القوّات المسلّحة الإماراتيّة شراء 15 ألف قذيفة “هاون” من عيار 81 ملم، وذلك “لتبديد أي شكوك بشأن شرعيّة الموقف البلغاري في هذه المسألة”، حسبما أفادت “دوناريت”.

من جهتها، نقلت وكالة الأنباء البلغاريّة عن وزارة الاقتصاد البلغاريّة، نفيَها أي انتهاك للحظر الأوروبي على تصدير الأسلحة للسّودان. ولفتت الوزارة إلى أنّ تصريح التّصدير مُنح “لجهة حكوميّة في دولة لا تخضع لعقوبات الأمم المتّحدة”.

يُذكر أنّ الحرب كانت قد اندلعت في السّودان بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان، و”قوّات الدّعم السّريع” بقيادة محمد حمدان دقلو المعروف بحميدتي، في 15 نيسان 2023، على خلفيّة صراع على السّلطة بين الحليفَين السّابقَين. وأدّى النّزاع إلى مقتل عشرات الآلاف من الأشخاص ونزوح أكثر من 13 مليون شخص، وفقًا للأمم المتّحدة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *