المقالات

استراتيجيات.. د. عصام بطران يكتب : منظومة الجسور الاستراتيجية بالخرطوم ..!!

– يعتقد كثير من الناس ان اسم العاصمة (المثلثة) جاء من ثلاث مدن تتكون منها الخرطوم هي: (الخرطوم، امدرمان، بحري) وان كان تاريخيا هي المكونات الرئيسة للخرطوم الكبرى الا ان خارطة الخرطوم هي ايضا تاخذ شكل المثلث، والقطع الثلاثة التي يقطعها النيل الازرق والابيض ونهر النيل ايضا قطع تأخذ شكل المثلث منفرج الزاوية في بحري وامدرمان بينما حاد الزاوية في الخرطوم ، لذلك لعبت الجسور الرابطة بين شواطئ المثلثات الثلاثة حلقة وصل مهمة بين اضلاعها ..
– كان من الصعب والعسير في الماضي قبل انشاء منظومة الجسور الاستراتيجية بولاية الخرطوم (1990 – 2017) التفكير في اي تحرك عسكري او محاولة انقلابية الا بعد السيطرة على الجسور الاستراتيجية الثلاثة: (الحديد النيل الازرق ،الحديد النيل الابيض وشمبات) وقد الحق بها في السبعينيات من القرن الماضي جسر القوات المسلحة كوبر ، وكانت تمثل الجسور العابرة لنهر النيل اهمية استراتيجية بالغة التعقيد لعمليات السيطرة العسكرية الميدانية وصولا الى الحكم والاستيلاء على مباني الاذاعة والتلفزيون في الخطوة التي تلي التنوير العسكري بالوحدات العسكرية وتامين المرافق الاستراتيجية واعتقال القيادات العسكرية والسياسية ثم اذاعة البيان الاول ..
– تمثل منظومة الجسور الاستراتيجية بولاية الخرطوم عامل حاسم في كسب الارض وقطع خطوط الامداد والمواصلات لاي معركة محتملة داخل العاصمة لذا عمدت المليشيا المتمردة في عملياتها داخل الخرطوم الى السيطرة على الجسور الاستراتيجية التي منحتها حرية في الحركة والمناورة والامداد من اقصى محلية شرق النيل شرقا الى اقصى محلية امبدة غربا وكذلك من اقصى محلية بحري شمالا الى اقصي محلية جبل اولياء جنوبا ..
– تمتلك منظومة الجسور الاستراتيجية بالعاصمة الخرطوم مفاتيح الانتشار وتسريع عمليات الكر والفر (الفزع) التي انتهجتها المليشيا المتمردة تكتيكا مباشرا لتطويق الاهداف الاستراتيجية ومحصلتها الاخيرة احكام حصار القيادة العامة والقصر الجمهوري ..
– لكل جسر من منظومة الجسور الاستراتيجية بولاية الخرطوم اهمية قصوى في الحركة والمناورة وتحريك الاليات والقوات ووصول الامداد واطباق الحصار وهي على النحو التالي:

– اولا : مجموعة جسور نهر النيل:
– (جسر الحلفايا) اكتمل تشييد الجسر في العام 2010م ويمثل الجسر نقطة احتباس للقوات القادمة من منطقة وادي سيدنا العسكرية وقاعدتها الجوية اذ كانت تمثل القيادة الميدانية الرئيسة النشطة للجيش السوداني واغلاق المليشيا المتمردة لجسر الحلفايا من الجهة الشرقية ناحية بحري يقطع اوصال منطقة كرري العسكرية مع قاعدة حطاب العملياتية ومعسكر الكدرو وبذلك يكون وضعهما في حالة الدفاع بدلا عن الهجوم لاسترداد مصفاة الجيلي او القيام باي عمليات داخل محلية بحري ومن ضمنها فك حصار سلاح الاشارة ..
– (جسر شمبات) تم افتتاحه في العام 1966م ، يمثل حماية خلفية للمليشيا المتمردة لمنطقة الاذاعة والتلفزيون وقطع الطريق بين منطقة وداي سيدنا وسلاح المهندسين والسلاح الطبي وجعلهما جزر معزولة اضافة الى تمرير الامداد القادم للمليشيا من كردفان ودارفور وصولا الى شرق النيل وولاية الجزيرة والتمدد نحو مناطق البطانة الى تخوم ولايتي القضارف وكسلا ، ويمثل جسر شمبات حماية استراتيجية لوجود المليشيا المتمردة في منطقة المظلات بحري وتأمين كل بحري القديمة وشكل ايضا حماية لظهر القصر الجمهوري من الناحية الشمالية لشاطئ النيل الازرق في اتجاه بحري ..

– ثانيا : مجموعة جسور النيل الابيض:
– (جسر الحديد النيل الابيض) افتتح في العام 1926م ، من هذا الجسر احكمت المليشيا المتمردة حصارها على سلاح المهندسين وشكل نقطة حماية لاي امداد قادم للخرطوم ويعد جسر النيل الابيض مع جسر الانقاذ الفتيحاب ادوات خنق للمنطقة الاستراتيجية ومنطقة الابراج (زين، بترودار، بنك السودان، كورال قاعة الصداقة، برج الفاتح مداخل شارع النيل ومنطقة المؤسسات الحكومية بما فيها القصر الجمهوري والسوق العربي والافرنجي وجاكسون حتى الدفاعات المتقدمة للقيادة العامة بكلية الهندسة جامعة الخرطوم ..
– (جسر الانقاذ الفتيحاب) بدا العمل في انشاءه في العام 1990م وافتتح في العام 2000م ، هذا الجسر اتاح للمليشيا المتمردة حرية الحركة والمناورة لاشغال الدفاعات الخلفية لمنطقة امدرمان العسكرية (المهندسين) بجانب تامين مناطق وجودها في قيادة المنطقة الاستراتيجية وشارع الغابة ومنطقة المقرن وميدان جاكسون وتوصيل الامداد الى قواتها المحاصرة لسلاح المدرعات وتامين مناطق الخرطوم 2 ، 3 مرورا بالسجانة وابوحمامة الى منطقة جبل اولياء العسكرية ليمثل شريان للطريق الدائري مع معبر خزان جبل اولياء ..
– (معبر خزان جبل اولياء) هو جزء من جسم سد جبل اولياء تم افتتاحه في العام 1936م، رغم الصغر المتناهي للمعبر والطاقة الاستيعابية لمرور المركبات والمدرعات الكبيرة الا انه كان شريان حياة للمليشيا المتمردة ونقطة امداد مهمة في تعزيز وجود المليشيا في معسكر طيبة الحسناب والتمدد الى ولاية النيل الابيض حتى كوبري الدويم وغرب ولاية الجزيرة في محاولات متكررة لاسقاط القيادة الميدانية بمحلية المناقل ولازال يمثل عبور خزان جبل اولياء طوق النجاة للقوات الهاربة من محليات الخرطوم وامدرمان وجبل اولياء وولايات الجزيرة والنيل الابيض هذا بجانب توفير المعبر لمرور الامداد والفزع القادم من دول عربان الشتات وحواضن المليشيا من ولايات كردفان ودارفور لتغذية قواتها بمنطقة جبل اولياء وتعزيز الامداد لمعسكر الصالحة جنوب امدرمان ..
– (جسر الدباسين) ، هذا الجسر تحت الانشاء وهو من الجسور المهمة لنقل الحركة عبر الطريق الدائري الكبير الذي يربط جسور (سوبا، الدباسين، الحلفايا) ، ولولا لطف الله واقداره التي جعلت الجسر غير مكتمل بسبب تطاول اشكالات التمويل لكان يمثل اكبر خط امداد للمليشيا المتمردة ..

– ثالثا : مجموعة جسور النيل الازرق:
– (جسر الحديد النيل الازرق) تم تشغيل الجسر لعبور خط السكة حديد في العام 1909م ، رغم ان الجسر كان في حالة تحييد من استخدام المليشيا المتمردة لانه يقع في مرمى نيران القوات المسلحة في سلاح الاشارة والدفاعات المتقدمة للقيادة العامة الا ان المليشيا المتمردة عملت على وضعه في مرمى نيرانها من ناحية النقل الميكانيكي (سابقا) المتحف الحربي ومحطة مياه بحري بمنطقة الاملاك لتحييد الجسر من مرور الامداد القيادة العامة جهة الخرطوم وسلاح الاشارة بحري مما يشكل خطورة على قواتها المتواجدة على طول شارع الانقاذ حتى مناطق شمال بحري (الدروشاب، السامراب) ..
– (جسر توتي) تم افتتاحه في العام 2008م ، استحق جسر توتي (المعلق) صفة (الحاكم) في استحكامات دفاعات المليشيا المتمردة في كل من شواطئ بحري وامدرمان والخرطوم بحكم الموقع الاستراتيجي لجزيرة توتي الذي يتوسط مجرى النيلين الازرق والابيض والنيل وشكلت توتي مصدر امداد غذائي للمليشيا بجانب الاطلالة النيلية على دفاعات الاذاعة والتلفزيون والتدوين على سلاح المهندسين والسلاح الطبي وحماية لظهر المليشيا في منطقة سلاح المظلات بحري وتامين مرور الامداد بجسر شمبات ..
– (جسر المك نمر) تم تشغيل الجسر في العام 2007م ، على الرغم من وجود دفاعات القيادة العامة في الناحية الجنوبية للجسر من ناحية الخرطوم الا ان المليشيا كثفت وجودها بمنطقة الديار القطرية ومحطة مياه بحري مما مكنها من السيطرة على كامل شارع المعونة بحري وتامين وجود قواتها في بحري القديمة ووسط بحري هذا بجانب اطباق الحصار وقطع الطريق بين قوات القيادة وسلاح الاشارة ، ولكن الجسر ايضا شكل نقطة حياة محورية اجبرت سكان بحري من مغادرة منازلهم لتوقف العمل بمحطة مياه بحري التي تعمدت المليشيا على ايقافها عن العمل لانها تغذي بجانب مدينة بحري بالمياه ولكن نطاق امدادها للمياه يصل الى القيادة العامة حتى مدينة الصحافة في الخرطوم ..
– (جسر القوات المسلحة كوبر) افتتح في العام 1973م ، يعتبر هذا الجسر نقطة فاصلة لاحكام المليشيا المتمردة حصارها على القيادة العامة والامداد لمنطقة مطار الخرطوم وبري مع مناطق كوبر وكافوري كافوري ويمثل ايضا نقطة تحكم في حصار سلاح الاشارة من ناحية الاسوار الغربية ومباني جهاز المخابرات العامة موقف شندي هذا اضافة الى ان الجسر يتوسط منظومة الجسور الاستراتيجية على النيل الازرق ويمثل نقطة تواصل دائري مع جسور سوبا والمنشية ، وقد اتاحت عملية توسيع الجسر بعمل كوبري طائر بتقاطع الجسر مع الطريق العابر الى كافوري ببحري والحاج يوسف بشرق النيل اتاحت نقطة ارتكاز عصية للمليشيا المتمردة بتواجد قواتها اسفل النفق الطائر الذي شكل لها حماية من ضربات الطيران والمسيرات ..
– (جسر سوبا) الجسر الاحدث ضمن منظومة الجسور الاستراتيجية بالولاية اذ تم افتتاحه في العام 2017م ، هو الجسر الرابط بين محلية الخرطوم ومحلية شرق النيل وهو جسر الطرق الاستراتيجية بلا منازع اذ يربط كل من شارع الهواء الخرطوم وامتداده حتى معبر خزان جبل اولياء وشارع القذافي المؤدي الى معظم قرى محلية شرق النيل وشارع الشرق مدني الخرطوم مرورا بمناطق سيطرة المليشيا المتمردة في رفاعة وتمبول وسهل البطانة، وظل هذا الجسر في حركة مرور مستمر لعمليات الفزع من ولاية الجزيرة الى المدينة الرياضية ومناطق جنوب الخرطوم (المجاهدين، المعمورة، الراقي، السلمة، الازهري، مايو، عد حسين، الانقاذ عشش فلاتة، السوق المركزي، السوق المحلي، قيادة المليشيا المتمردة في ارض المعسكرات) ، هذا مع جود اكبر عدد من ارتكازات المليشيا المتمردة باعتبار ان الجسر هو الوحيد الذي كان يمثل الطريق السفري للمواطنين الفارين من الحرب بالخرطوم وشرق وجنوب ولاية الجزيرة الى ولاية نهر النيل عبر الطريق الدائري ثم الى ود حسونة بشرق النيل ومنها الى شندي ومدن نهر النيل والشمالية وولايات شرق السودان ..
– (جسر المنشية) وتم افتتاحه في العام 2006م، يعد الجسر المكمل لعمليات الامداد القادمة للمليشيا المتمردة عبر جسر سوبا وكان مصدر للفزع من شرق النيل خاصة مناطق الحاج يوسف ومستشفى شرق النيل (المستشفى المركزي لاخلاء مصابي المليشيا) الى الخرطوم وتامين مناطق المطار وقيادة المليشيا المتمردة بمقر هيئة العمليات بالرياض وسكن قيادات المليشيا بمنازل المواطنين في كل من احياء المنشية وقاردن سيتي ببري وقد اتخذت المليشيا المتمردة من برج الاتصالات والعمائر العالية نقاط تامين للجسر عبر اطقم القناصين واجهزة التشويش عالية الدقة ، كما مثل جسر المنشية اكبر خط امداد للوقود للمليشيا المتمردة من مصفاة الجيلي للبترول ..
– باستراد القوات المسلحة لجسر المنشية اخر جسر من منظومة الجسور الاستراتيجية تكتمل عملية تقطيع اوصال المليشيا المتمردة في ولاية الخرطوم وهذا ما سيجعل الامر يسيرا لتسهيل تحرير ماتبقى من مناطق سيطرة المليشيا بوسط وشرق وجنوب الخرطوم واسترداد جسر توتي ومعبر جبل اولياء والجانب الاخر من جسور المك وكوبر وحينها اعلان الخرطوم خالية من التمرد وكنس المليشيا واعوانها الى مزبلة التاريخ .. ولكن ثمة ملاحظة لابد من ايرادها، ان على القوات المسلحة اعادة حسابات وجود المناطق العسكرية داخل ولاية الخرطوم لان منظومة الجسور الاستراتيجية ساهمت في خلل في بعض تحصينات المواقع العسكرية القديمة داخل العاصمة المثلثة والتي تم انشاءها على حسابات الجسور الثلاثة القديمة وهذا ما اقره المخطط الهيكلي لولاية الخرطوم واستوعب هذا الأمر وبالفعل قد بدأ الجيش اخذه بجدية وبدا تنفيذ المخطط في عهد الفريق اول/ عبدالرحيم محمد حسين عندما كان وزيرا للدفاع ولكنه لم يكتمل ..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *