القوات المسلحة مؤسسة وطنية ليس مثلها وأي تشكيل عسكري سوى كان مليشيا متمردة أو غيرها ولذلك وجدت تقديراته الخاصة حول السماع لأي جهود ولأي مبادرة لتسوية الصراع في السودان تأييدا شعبيا فهي ليست ضعفا أو إنكسارا لكن واضح أن مؤسسة القوات المسلحة إستخلصت أن طبيعة الحرب الحالية ليست كالحروب التقليدية وهي قد اتخذت أعمال عدائية واسعة ضد المدنيين في المناطق المتضررة من الحرب وهي حرب ربما لا تنتهي بصيغة رابح _خاسر المعروفة حتي يفرض الطرف الرابح شروطه علي الطرف الخاسر كما كان الشأن بالنسبة للحروب النظامية المعروفة للجيوش ولذلك تصريحات الفريق أول ركن شمس الدين كباشي ليست جديدة فقد قالها قبله الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان كما انها متسقة مع تصريحات الفريق أول ركن ياسر العطا كخط لتهيئة الأجواء المواتية للتسوية السلمية _ الجديد في تصريحات كباشي حاجة واحدة وهي المطالبة باعمار ما دمرته الحرب بينما لم تتوافق القوي السياسية التي فقدت الحكم في 25 اكتوبر (الحرية والتغيير_المجلس المركزي) إلا علي التصدي للجيش والاصطفاف خلف الدعم السريع وإستمرار الحرب ليس حبا فيه وانما املا في ان يعيدها لكرسي السلطة ومن ثم تحريرها من قبضة الدعم السريع وهي معركة مؤجلة بالنسبة لهم وعلي الرغم من الإنحسار الشديد للغة السياسية المؤيدة للحرب ورفضها وسط الشعب والقوي المدنية وتصاعد عدد ضحايا الصراع في الخرطوم ودارفور لكن عناصر الحرية والتغيير وقادة فلول حكومتها ما يزالون يتجولون في المطارات وعبر الدول والحكومات طلبا لدعم إستمرار الحرب بين فواعلها العسكرية امعانا في إستمرار معاناة الشعب السوداني عقوبة له وحتي لا يحدث لهذا الملف انفراجا وتعوض لغة الحرب لغة الحوار الشامل بحسب ما ينادي به قادة الجيش _ثلاثون عاما مدة حكم الانقاذ قليل من هذه المدة حكمت الانقاذ منفردة بينما اغلبية السنوات كانت حكومات إئتلافية شاركت فيها جميع مكونات الشعب السودان من دون استثناء، طيلة هذه المدة حاصرت الانقاذ الحرب ووطنت لغة الحوار ولم تدخل الحرب بشكلها الحالي اي مدينة كبري ناهيك عن العاصمة وحتي عندما فقدت الانقاذ السلطة في 11 ابريل 2019م لم تطلق طلقة بالسودان ولم تعبئ قواعدها عسكريا لمقاومة التغبير ومواجهة الجيش الذي انحاز الي المتظاهرين ولكن قوي الحرية والتغيير التي شهد العالم خطل حكمها وضعف تجربتها خلال أربعة سنوات وانسداد الاوفق السياسي والانقسامات التي ضربت كل معسكرات اصطفافها من احزاب سياسية وحركات مسلحة ولجان مقاومة وعندما فقدت السلطة بعد 25 اكتوبر 2021م اشعلت الحريق في كل مكان بالسودان بتأجيج الصراع المسلح بين الجيش والدعم السريع وتعثر جميع الجهود بسبب وقوف الحرية والتغيير والبعثة الاممية بالخرطوم وقيادة الدعم السريع مع مشروع الاتفاق الاطاري وهو ذات النموذج الذي اتبع في ليبيا التي قسمت الي ثلاثة كيانات وهي حكومة الوفاق الليبي بزعامة فايز السراج وحكومة طبرق المدعومة من مجلس النواب الليبي المنتخب والجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر وبسبب دعم جميع الأطراف تعثرت كل جهود التوفيق بينها واستمرت الازمة الليبية حتي اليوم نتيجة تعارض مصالح اطراف الصراع واشتعلت صراعات في مدن ومواقع ليبية مختلفة لكنها منخفضة الكثافة لكن في السودان اشتغلت صراعات عالية الكثافة في الجنينة حاضرة غرب دارفور نتيجة المحفزات المحلية وكذلك في جنوب كردفان رغم قلة محفزاتها المحلية ولكن اذا استتمرت أحداث جنوب كردفان قد تشل حركة الحكومة لانها إستراتيجية من نوع استراتيجيات شد الأطراف والتصعيد العسكري رغم عدم توافق فواعلها (الدعم السريع _ الحركة الشعبية شمال) طالما أنها في نظر الداعمين تساعد علي تمدد الحرب خارج نطاق حدودها داخل العاصمة الخرطوم وتؤدي الي استنزاف السودان واضعاف جيشه _ لذلك ربما الجيش إراد من خطواته الاخيرة تفعيل الاستراتيجية العسكرية التي تقود الي الفوز في الحرب دون الاضطرار الي إطلاق رصاصة واحدة وفي ذلك يكفيه كمية الرصاصات التي اطلقت بعد فشل استراتيجية الدفع بقوات الدعم السريع الي الاستسلام التي اتبعت قبل الدخول في الحرب بشكلها الحالي _ ومن مضمون بيانات الدعم السريع ومحتوي تسجيلات قيادته الأخيرة اذا صحت فانه يصبح من الواضح ان الدعم السريع قد اتخذ مسارا غير مسار الحرية والتغيير التي اعطتهم املا زائفا قبل بداية الاعمال القتالية التي دخلها الدعم السريع وقد خسر فيها كل شئ ليته من البداية قبل بورقة الجيش وصيغة الاندماج والبناء وفق رؤية القوات المسلحة بدلا من هذه الكلفة السياسية والعسكرية العالية والتسبب في الفوضي وعدم الاستقرار واستغلال الاجندات الأجنبية والجماعات الجهوية والاثنية في الصراع _ إن المسار الجديد ربما هو من مهد لقائد ثاني الدعم السريع عبدالرحيم دقلو الخروج من الخرطوم في عز المعارك وترك قواته هائمة والمسار الجديد ربما هو من غير لغة حميدتي الخشنة الداعمة لإستمرار الحرب الي لغة ناعمة تنادي اشاوس الدعم السريع بترك البندقية وحمل غصن الزيتون…
نواصل انشاء الله