المرأة الحديدية في قلب الدولة.. د. لمياء عبدالغفار خلف الله وزيرةً لمجلس الوزراء بقلم : مجدي عبدالعزيز

▪️سعدتُ – أيما سعادة – بتعيين الدكتورة لمياء عبدالغفار خلف الله وزيرةً لمجلس الوزراء في حكومة الأمل برئاسة الدكتور كامل إدريس الطيب .
لانه في هذه اللحظات المفصلية من تاريخ السودان، وفي هذا المنعطفٍ الوطني الحاسم كان واجباً استدعاء الأكفأ والأخلص .
لم يكن هذا التعيين مجرد إجراءٍ إداري أو ترفٍ سياسي؛ بل كان اختيارًا في موضعه، صادف شخصيةً تكتمل فيها شروط الكفاءة العلمية، والقدرة الإدارية، والنزاهة الوطنية، والتجربة الممتدة داخل مؤسسات الدولة والمنظمات الدولية على السواء.
▪️بهذه الخطوة وفي هذا الموقع الرفيع يتأكد ويترسخ أن سقف مشاركة السودانيات لم يعد منخفضاً بفعل اي عوامل سياسية او مجتمعية تاريخية او معاصرة ،، وكذلك تعيين الدكتورة ليمياء اليوم، هو انتصار مستحق لامرأةٍ بلغت بتدرّجها العلمي، وتراكمها العملي، وحنكتها التفاوضية، موقعًا سيعيد تعريف الأداء التنفيذي، لا سيما في قلب الجهاز الحكومي الذي يتقاطع مع كل مفاصل الدولة.
▪️ لأكثر من ثلاثة عقود، بنت د. لمياء عبدالغفار سيرة مهنية راسخة، بدأت ببكالوريوس الدراسات الاقتصادية والاجتماعية من جامعة الخرطوم، ثم ماجستير في النوع والتنمية من جامعة الأحفاد، فدكتوراه نادرة العمق والدلالة في السوسيولوجيا والسياسات الاجتماعية من جامعة نوتنغهام بالمملكة المتحدة، ناقشت فيها الآثار الاجتماعية والاقتصادية لسياسات الخصخصة على النساء في قطاعي البنوك والصناعة في السودان.
▪️هذه الخلفية الأكاديمية شكلت لها رصيدًا علميًا متينًا، انعكس على أدائها المهني في مؤسسات الدولة، والمنظمات الأممية، والجامعات، والمراكز البحثية، حيث قادت إدارات، ووضعت استراتيجيات، وترأست وفود السودان إلى كبريات المنتديات الدولية في مجالات التنمية والسياسات السكانية والنوع الاجتماعي وبناء السلام.
▪️شغلت الدكتورة لمياء مناصب حيوية، منها الأمانة العامة للمجلس القومي للسكان، ورئاسة دائرة المتابعة والتقييم في المجلس الأعلى للتخطيط الاستراتيجي، كما عملت خبيرًا في التخطيط التنموي بالمنظمة العربية للتنمية الزراعية، وكانت من أبرز خبراء السودان في مراجعة وتنفيذ أهداف التنمية المستدامة 2030..
ومع كل هذا البذل، لم تكن د. ليمياء يومًا موظفة تقليدية؛ بل كانت دومًا صاحبة مشروع، تبني مؤسسات، وتحوّل السياسات إلى برامج، وتدفع بالأفكار إلى حيز الإنجاز، بإرادة واضحة، ورؤية وطنية، ونَفَسٍ طويلٍ لا يعرف الملل أو التراجع.
▪️وما أعرفه عنها – عن قرب – أنها دقيقة في التقييم، صارمة في التنفيذ، وتملك قدرة فائقة على غربلة التفاصيل، وربط الجزئيات بالصورة الكلية. وهي لا تتردد في تصويب الأداء، ولا تجامل في الانحراف عن مسار الدولة، وتملك مهارة عالية في إدارة الحوار والتفاوض، سواء في الداخل مع شركاء الحكم، أو في الخارج مع المؤسسات الدولية.
▪️لقد تشرفتُ شخصيًا باستضافة الدكتورة لمياء عبدالغفار عدة مرات في برنامجي “أكثر من حوار” على شاشة قناة الزرقاء الفضائية، حيث حاورتها في ملفات إنسانية بالغة الأهمية، على رأسها خطط الاستجابة الأممية ومنظومات الإغاثة الدولية تجاه أزمة الحرب في السودان.
وكان مدهشًا بحقّ ذلك الإثراء الذي قدمته للحلقات؛ إذ جمعت بين المعرفة الدقيقة، والاطلاع العميق، والمتابعة الحية لما يجري على الأرض. كشفت عن فهمٍ نادر لتعقيدات الشأن الإنساني، ورصدٍ منهجيّ للانتهاكات التي ارتكبتها المليشيا المتمردة بحق نساء السودان وأطفاله في أكثر من موقع..
ولم يكن غريبًا، بناءً على هذا الحضور العلمي والإنساني، أن تُختار لتقديم كلمة المنظمات الوطنية السودانية أمام جلسة مجلس الأمن الدولي، في لحظة فارقة كشفت فيها للعالم وجه الحقيقة المغيب.
▪️حين نتحدث عن “المرأة الحديدية”، فإننا لا نقصد الصلابة في مواجهة المصاعب فقط، بل القدرة على حمل الملفات الثقيلة، وإحداث الأثر، ومراكمة الإنجازات في بيئة لا ترحم. والدكتورة لمياء، بخبراتها الطويلة في قضايا التنمية، والنوع الاجتماعي، وبناء القدرات، وبمساهماتها العميقة في صياغة السياسات العامة وتمثيل السودان دوليًا، تملك هذا المعدن النادر ،،
بل إن صعودها لهذا الموقع، في هذا الوقت تحديدًا، يمنحنا – كمواطنين وكمراقبين – جرعة أمل بأن الدولة السودانية يمكن أن تتعافى، وتنهض على أكتاف العارفين، لا الطارئين.
▪️في وجه الأزمات، لا تنتصر الأوطان بالشعارات، بل بالكفاءات. وتعيين الدكتورة لمياء عبدالغفار في قلب الجهاز التنفيذي هو خطوة واثقة في طريق بناء دولة تستعيد توازنها، وترسم ملامح مستقبلها بثقة.
لها منا كل الدعم، والدعاء، والانتظار.
،، والي الملتقي …
* رئيس تحرير “الرواية الاولى “