المقالات

بينما يمضي الوقت.. هذا الشبل من ذاك الأسد.. وشتان ما بين هذا وذاك.. أمل أبو القاسم

اطلعتنا هذه الحرب على العديد من التسجيلات ومقاطع الفيديو التي تروجها الميديا على اختلاف موضوعاتها زمانها ومكانها، الوحشى منها والإنساني، المحزن منها فرط البكا والمبهج النبيل حد الدموع، المقزز منها المثير للسخرية، والآخر الذي يدعو للفخر وهكذا تناقضات ابانت معادن الكثيرين فيما نزعت القناع عن آخرين مدعين.

ومن بين ذلكم الزخم ورغم ان ما يستحق الطرق والإشادة كثير مما ضربه المواطنون وقواتنا المسلحة إلا ان مقطع فيديو لم يتجاوز الدقيقتان كان كفيلا بذرف الدموع والفخر والإعزاز، وكفيل بتلخيص الواقع الذي يمور به جوف المجتمع السوداني ويشغل العالم.

المقطع لجندي سوداني ربما عشريني لكن ما تفضل به أكبر من سنه بكثير وينم عن وعى ووطنية وحب مطلق للوطن وترابه، وهكذا ديدن كل رفاقه من الجنود الذين ظهروا (لايفات) معبرين عن مدى حبهم لجنديتهم واخلاصهم للسودان ولشرف عسكريتهم التي اختاروها بحب ورضا وكأن هذه الحرب نزلت عليهم بردا وسلاما للتعبير عن كل يعتمل بقلوبهم، وما يحملونه من ثقل حب السودان ليلقونه دفعة واحدة في هذا المعترك لا يهابون الموت ولا ينزعون للتخاذل مهما قسى عليهم الميدان.

تحدث الجندى ابن المؤسسة العسكرية الأم الرؤوم للسودان عن كيف ان المليشيا المرتزقة عندما قامت بأسر زملائهم وجدت في جيوبهم بصل ( البصل الواحد دا) يحتفظون به ويتناولونه الى جانب خبز جاف كوجبة خلال ترحالهم ويستسغونه كما الشهد. قال هذا الفتى (الفتي) انهم راضون به كونه حال كثير من الأسر الآن بل بعضها لا يجد فتاته حتى، مذكرا بأنهم طالما اكلوا من اطايب الطعام. اعتقد ان لا غرو في ذلك وهم يعيدون عقارب التأريخ عندما كان اشاوس القوات المسلحة يأكلون وينتعلون الحشائش في آن إبان معاركهم في الادغال والأحراش وهذا الشبل من ذاك الأسد الذي ارعب وما زال يرعب عدو الداخل والخارج.

وفي الوقت الذي يفاخر فيه جند السودان البواسل بهذا وغيره من اظهار كرم تقديم ارواحهم غالية فدى ومهرا لعرس السودان القادم بلا محالة، يقوم المتمردين الذين كانوا وحتى وقت قريب ينتمون لهذه المؤسسة الباذخة بافعال ما انزل الله بها من سلطان بعد ان سقط القناع ليظهر الوجه الآخر منهم.

ففي الوقت الذي
يسد الجيش رمقه بعصارة بضع بصلات وخبز ناشف تتناول المليشيا الوجبات الفاخرة سوا المستوردة لهم من تلكم الدولة أو التي يسرقونها من المحال التجارية. وفي الوقت الذي يسهر فيه بواسل الجيش وقادتهم لأيام ممتدة يحمون السودان وأهله من حرب مزدوجة ذات أهداف متداخلة مدعومة من عدة محاور، يعربد هؤلاء ويمارسون المجون في بيوت المواطنين التي احتلوها عنوة بعد طرد أهلها. وفي الوقت الذي يرفع فيه الجندى سلاحه مباهيا بتقديم نفسه فدى للسودان والتصدى لحماية أرضه وعرضه تقوم المليشيا باغتصاب المنازل والحرائر وتدنيس شرف البلد. وفي الوقت الذي يخرج فيه هذا الجندى الشاب ورفاقه الميامين يعلنون انهم يعملون فقط لأجل الشارة المشرقة في اكتافهم ومنونة بعلم السودان ولا يهمهم ان جاعوا أو ماتوا، في الوقت نفسه تعمل مجموعة من اندادهم المدنيبن بدعم التمرد وخيانة الوطن في اقذر صورة واوسخ ارشفة لتأريخ السودان على مر العصور.

صحيح قد يدب اليأس في النفوس لبطء إنها التمرد الذي وبحمد لله بدأ يتجذر بعد تمدد كون المواطن ضاقت به الأرض وهو مشرد يعاني الأمرين حيث لا مأوى ولا دخل، لكن نظرة واحدة لما يقدمه هؤلاء الفتية، وما يعكسونه من ايجابية رغم انهم في الميدان بكل ما يعتريه، نظرة واحدة كفيلة بأن تشيع فينا الطمأنينة وتسكتنا على استحيا فالبعض الكثير منا ما زال يحتويه جدران يلبس نظيفا، ويأكل لقمة نظيفة، ويلتحف سريرا وثيرا. لله دركم.

امنياتنا لمن يزودون عنا بالحفظ والنصر المبين ونحن نراه قد لاح، وخسف كل من نال بالسودان وأهله، ونزعوا أمنه وأمانه، اللهم ارنا فيهم يوما عاجلا غير آجل وما توكلنا إلا على الله.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!