
تحليل بيانات وردود أفعال الدول ، السودان ، مصر ، اثيوبيا-
أصدرت وزارات الخارجية في البلدان الثلاثة (السودان،مصر،اثيوبيا) بيانات رسمية ، بخصوص البيان الصادر عن مجلس الامن الدولي.في 15سبتمبر الجاري : –
*- السودان:-* ، رحب ببيان مجلس الأمن ، مؤكدا علي أن اعتماد البيان الرئاسي يجيء ثمرة للجهود والتحركات الدبلوماسية المكثفة التي قامت بها وزارة الخارجية السودانية ، وأعرب السودان عن أمله في استئناف التفاوض وفق منهجية جديدة تحت رعاية الاتحاد الأفريقي، وتوصل الأطراف إلى اتفاق ملزم حول ملء وتشغيل سد النهضة ، وذلك توافقًا مع الفقرة الخامسة من البيان والتي تعطي المراقبين دورًا تيسيريًا في عملية التفاوض .
*- مصر:-* رحبت مصر بالبيان ،و استئناف المفاوضات بشأن سد النهضة في إطار المسار التفاوضي الذي يقوده رئيس الاتحاد الأفريقي، بغرض الانتهاء سريعاً من صياغة نص اتفاق قانوني ملزم حول ملء وتشغيل سد النهضة، وذلك في إطار زمني معقول.
*- كما شجع بيان* المجلس المراقبين الذين سبقت مشاركتهم في الاجتماعات التفاوضية التي عُقِدَت تحت رعاية الاتحاد الأفريقي، وأي مراقبين آخرين تتوافق عليهم الدول الثلاث، على مواصلة دعم مسار المفاوضات بشكل نشط بغرض تيسير تسوية المسائل الفنية والقانونية أو أية مسائل أخرى عالقة، هذا وتؤكد مصر على أن بيان المجلس ، وعلى ضوء طبيعته الإلزامية، إنما يمثل دفعة هامة للجهود المبذولة من أجل إنجاح المسار الأفريقي التفاوضي، وهو ما يفرض على أثيوبيا الانخراط بجدية وبإرادة سياسية صادقة بهدف التوصل إلى اتفاق قانوني مُلزِم حول قواعد ملء وتشغيل سد النهضة على النحو الوارد في البيان الرئاسي لمجلس الأمن.
*اثيوبيا: -* رحبت إثيوبيا بأعضاء المجلس لتوجيههم الأمر إلى المفاوضات الثلاثية التي يقودها الاتحاد الأفريقي .ومع ذلك ، فمن المؤسف أن يعلن المجلس نفسه في مسألة الحق في المياه والتنمية التي تقع خارج نطاق صلاحياته.
إن زلة تونس التاريخية في تقديم قرار المجلس تقوض مسؤوليتها الرسمية كعضو مناوب في مجلس الأمن الدولي على مقعد أفريقي. .تشيد إثيوبيا بأعضاء المجلس الذين لعبوا دورًا في تصحيح الانتهاكات ضد نزاهة أسلوب عمل المجلس في معالجة البيان.
توفر موارد المياه العابرة للحدود فرصة لتحقيق الصالح العام والتعاون الإقليمي. .موقف إثيوبيا من النيل عادل ويطمح إلى تحقيق حقها المشروع وبناء الصداقة بين شعوب الدول المشاطئة. تعتقد إثيوبيا أن الوقت قد حان الآن لدول حوض النيل لتهيئة وتعزيز التعاون على مستوى الحوض.
لن تعترف إثيوبيا بأي مطالبة قد تثار على أساس البيان الرئاسي.
القراءات والتحليل :-
*- السمة البارزة* في مواقف الدول الثلاث (السودان ، مصر ، أثيوبيا) ، أن منطلقات مواقفها ومرتكزاتها قائمة علي أسس (سياسية إعتبارية) ، وفق معايير.وحسابات وإرتباطات داخلية خاصة بالمصالح السياسية لحكومات تلك الدول ، لا تتوافق ، بل قد تتعارض مع المصلحة الوطنية العليا.
*- وأستدل علي هذه النقطة* بموقف السودان المتذبذب والمتأرجح خلال مسيرة العملية التفاوضية جراء متغيرات ومعايير سياسية حكومية داخلية ، فكان التنقل من خانة الحياد ثم التوسط ثم الإنحاز إلي أثيوبيا قبل الإنتقال والإنحياز إلى مصر ، وحاليا يسعي السودان في إثبات موقف مغاير من منطلق أمنه وسلامته ومصلحته الذاتية ، وهذا يتطلب جهدا كبيرا وخارقا ، نسبة لانعدام ثقة اثيوبيا.في السودان ، ومخاوف وشكوك مصر من مواقفه المتذبذبة .
*- كذلك ، وبذات الحيثيات* ومعايير المتغيرات السياسية الداخلية لدي مصر ، تنقلت من خانة المعارض المتطرف لمشروع السد بالأساس ، إلي خانة القبول وعدم الممانعة وفق اعلان المبادئ الموقع. حينها بواسطة سودانية في 2015م ، ثم اتخاذ مواقف تفاوضية غير متماسكة جراء ضغوط واعتبارات سياسبة داخلية متناقضة ما بين العودة إلي مربع رفض قيام السد – ولو بعمل عسكري – وما بين التفاوض والتعاطي مع الواقع بحسب القبول بقيام السد ووفق اعلان المبادئ.
*- استغلت إثيوبيا* انعدام الثقة بين القيادات السياسية لدولتي المصب، وضعف التنسيق بين شعبيهما، وإنعدام الرؤية الاستراتيجية عند كليهما فيما يخض الشأن الإفريقي، حتي أصبحت إحداهما شريكا مصر والأخرى وسيطأ السودان فكان أن أحدثت اختراقا جعلها تظفر بالموقف ولكن هشاشة موقفها الرافض لتقديم دراسة فنية متكاملة، ذلك الموقف المكابر، المغالي، والمعارض لمجرد الإشارة إلى
أي شراكة تشغلية مما تعتبره اثيوبيا قدح في سيادتها ، ذلك أن السودان ومنذ البداية وقع في مطب مناقشة جدوي المشروع الاقتصادية عوضاعن التفكر
في مشروعيته السياسية، وبالتالي طفقت أثيوبيا في الغلو ورفع سقف طموحاتها وأهدافها التفاوضية انطلاقا انطلاقا من فرضها لسياسية (الأمر الواقع) ، ولكن كان للمتغيرات والإعتبارات السياسية والأمنية الداخلية المعروفة في أثيوبيا رأي آخر في الموقف الأثيوبي.
*- من الواضح بأن فترة ال 68 الماضية* شهدت الكثير من التحركات والتحولات والتغيرات الإيجابية خلف كواليس السياسبة والعلاقات الدولية ، بالتزامن مع مرحلة الملئ الثاني ، حيث قالت (الطبيعة) كلمتها بان كان موسم المطار غذيرا ، وأقر السودان بأن الفيضانات والسيول التي أصابته كانت ستكون أكثر خطرا وإضرارا لولا عملية الملئ التي قامت بها أثيوبيا ، وأن إعلن السودان لاحقا بأن هناك خطأء فادح في المعلومات الأثيوبية سببت له الضرر ،
*- الموقف السوداني المصري الجديد* والمرحب ببيان مجلس الأمن ، ينُم بالضرورة عن وجود تطمينات وضمانات دولية إفريقبة، تم الوصول إليها خلال فترة ال 68 ، خصوصا بأن الموقف (السوداني المصري) تبلور سريعا وخلال اربعة وعشرين ساعة من بيان مجلس الأمن.
*- كذلك.، نعتقد بأن مصر والسودان* ، لم منذ البداية لم يهدفا الي تحويل الملف إلى مجلس الأمن لعلمهم المسبق بالعوائق والموانع القانونية والفنية ، ولكن هدفا إلي الحصول علي ضمانات ومراقبة دولية لضمان نزاهة وحيادية الإتحاد الإفريقي – المحسوب لصالح أثيوبيا – حين رعايته للمفاوضات القادمة.
*- أثيوبيا بدورها إستشعرت* خطورة موقفها وإرتخاء قبضتها علي الإتحاد الإفريقي جراء وجود مراقبين دوليين اضافة لفرصة إضافة آخرين بالتوافق ، مما جعل موقفها من بيان مجلس الأمن مرتبكا وغير متماسك ، وتناول مسآئل خلافية بعيدة عن مضمون البيان مثل ، اختصاصات مجلس الأمن بشأن الموارد المائية ، والهجوم علي تونس ،
*- عموما ،* المواقف الجديدة للدول الثلاث ، مؤشر إلي هنالك تحلل وانعتاق وكسر لكثير من القيود السياسية الإعتبارية ، وكل الأطراف باتت في وضع مكشوف ومراقب من قبل إفريقيا والمجتمع الدولي ، حيث لا مجال بعدها لأي إعتبارات وتقديرات وحسابات سياسبة جانبية ليس ذات صلة بالأزمة ، الأمر الذي سيسارع في الوصول لتسوية مرضية لكل الأطراف.