زفرات حرى.
الطيب مصطفى.
آخر ما كتبته قبل ان تدهمني الكورونا، واكتبه اليوم .. ربما تكون كلمات مودع اغيب بعدها لايام ، إن مدٌ الله في العمر ، اما إن اختار الله وديعته بفعل الكورونا او غيرها ، فقد حاولت ان استبرئ لديني ، فما اتاه البرهان من كوارث لم ياته احد غيره ، واعجب من صمت الشعب على رجل نصب نفسه حاكما اوحدا لا راد لحكمه:
*بين خواطر الغزالي وعلمانية البرهان والحلو!.*
هل علم العالم الرباني الشيخ محمد الغزالي ، من وراء الغيب ، ما الم بالحركة الاسلامية السودانية، افرادا وجماعة من كارثة دهمتهم ، حين كتب ما كتب في هذه المداخلة العظيمة التي انقلها اليكم في مساحة الزفرات الحرى بعد هذه المقدمة؟
عندما سقطت الانقاذ كانت اول كلمات اقولها في لقاء محدود لبعض القيادات ، رغم انني من القاع ، كانت قول ربنا تعالى :
*(وَمَاۤ أَصَـٰبَكُم مِّن مُّصِیبَةࣲ فَبِمَا كَسَبَتۡ أَیۡدِیكُمۡ وَیَعۡفُو عَن كَثِیر)*
فتشوا عن السبب ، واخضعوا الامر لدراسات ومراجعات ولكلام صريح في المسكوت عنه ، وهو كثير كثير!
العالم النحرير الشيخ الغزالي تامل في نقطة ضعف اصابت علاقات الافراد ، وهي اشد ما تكون في بنائنا التنظيمي سيما وان مدرسة الشيخ الترابي لم تحفل كثيرا بمنهج التربية في البناء التنظيمي القاعدي فيما عدا بعض الفلتات في بعض الجامعات مثل الخرطوم او مغتربي دول الخليج على عكس الحركات الاسلامية الاخرى مثل المصرية او الفلسطينية (حماس) او غيرهما والتي اخضعت شبابها لبرامج دعوية وتدريبية صارمة.
*اقامة القاعدة الصلبة* تحتاج الى بناء تنظيمي دقيق يصنع مجاهدين كالذين شهدتهم بلادنا خلال تسعينيات القرن الماضي والتي خرٌجت (شبابا لم تحطٌمه الليالي ولم يُسلم الى الخصم العرينا)، كسروا بمجاهداتهم وتضحياتهم انف قرنق بكل جبروته واضطروه ودول البغي المساندة الى الاستسلام والرضوخ لارادتهم ، قبل ان يحدث الانكسار الغريب والهزيمة المذلة من خلال احط نظم الحكم في السودان منذ الاستقلال، ليس في ميدان القتال ، انما في مائدة التفاوض الفاجرة امام تلميذ قرنق الصغير (الحلو) الذي لا يملك غير حرص مدعوم من سادته الخواجات على علمانية منتنة لا يملك ما يقيم به اودها ، في مقابل خور واسترخاص للدين بل لله رب العالمين وكتابه الكريم من البرهان الذي اكاد اجزم انه جاء بمؤامرة كبرى نُسجت خيوطها بمكر تزول منه الجبال بعد ان تعرت بلادنا من ورقة التوت واضحت (ام فكو) عارية من كل ستر وفضيلة، وستكشف الايام فصول تلك المأساة باذن الله ، فقد باع الرجل ، في رايي ، كل شيء بعد ان نصب نفسه ، او نصبه من اتوا به ، ربا اعلى لا راد لقضائه وقراره ، رغم شعارات الحرية والديمقراطية التي يتلمظها التافهون الكذابون من بني علمان وقوى اليسار الليبرالي وهم منها براء ، طالما انها تخلصهم من عدوهم اللدود (الاسلام التوحيدي الشامل) وتاتيهم باسلام (الشرك السياسي) الامريكاني الصهيوني الذي يبيح كل المحرمات ويجعل الدين كائنا مستأنسا لا يذكٌر بالاسلام الجهادي .. اسلام عمر او صلاح الدين الايوبي محرري الاقصى وفلسطين انما بإسلام امريكا المحلل للعهر والخنا والمستبيح لديار وشعوب الاسلام والمسلمين ولاقدس مقدساتهم.
يقيم البرهان ، ويا للعجب ، الدولة العلمانية في السودان من خلال جلسة لم تستغرق سوى ساعات ليقضي بذلك على إرث عظيم اقامه الرئيس نميري قبل (38) عاما وتحديدا عام 1983 ، *فشتان شتان بين نميري وهو يقيم حكم الله امتثالا لامره ، وبين من ينهيه ويقضي عليه في طرفة عين.. فعلى قدر اهل العزم تاتي العزائم ، (ومرمي الله ما بترفع) ، فالعظماء يتعلقون بالثريا اما الوضعاء فلا مكان لهم الا الوحل الوطين ، وكل ميسر لما خلق له ليضع نفسه في المكان اللائق به عند الله وعند الناس ، بين اعلى عليين واسفل سافلين.*
نعم ، شتان شتان بين اسد اللاءات الثلاثة (محمد احمد المحجوب) وهو يعقد قمة رأب صدع الأمة وتضميد جراحها في الخرطوم عام 1967 ليوشحها بتاج العز والفخار ، وبين البرهان وهو يدوس على كل ذلك بالبوت الثقيل استرضاء لمن وصفهم الله تعالى باعدى اعداء المؤمنين ، ليمرغ انف الخرطوم والسودان في التراب ، اما المسجد الاقصى ، القبلة والمسرى فلا تعني الرجل في شيء فلا مقدس عنده ، فقد اعلن في لقاء جماهيري عام بدولة قطر انه لاحدود لديه ولا عاصم يحد من تصرفاته ، بل هو جاهز للتعاون حتى مع (الشيطان الرجيم) ، ربما معتبرا نفسه منصبا من الله ليقرر ما يحقق مصلحة شعب السودان وشعبه ، مع تفويض منه سبحانه للبرهان لان يوالي الشيطان ، اي جهل هذا بالله عليكم واي غرور؟!
بأي دين يدين البرهان ، ومن صنع الرجل ، ومن اين اتى ، ومن اين يستمد قوته ، بل هل نسي ان هناك ربا يرقب ويحاسب وهل اوهمه غروره الطاغوتي ان مسيرة التاريخ توقفت عنده؟!
لم تنته ورب الكعبة ولن تنتهي ، وليعلم ان حواء السودان ولود ولود ولن تعقم على مسخ ولن يستسلم ابناؤها لمن احتقرهم وتطاول على مقام ربٌهم الاعلى ، فقد ازاحوا من هو اشرف منه واطهر واكثر عطاء وبذلا وانتماء.. فهذه دورة كالحة من دورات التاريخ ستنتهي كما انتهت دورات القذافي وبن علي ومبارك وفرعون وهامان وغيرهم.
*بالله عليكم ما السر الذي يجعل الامريكي صاحب السيرة القذرة (بريزلي) يحضر حفل توقيع اعلان المبادئ العلماني ، بل يحضر لقاء الحلو وحمدوك في اديس ابابا بل يحضر لقاء حمدوك والحلو في كاودا التي زارها حمدوك في طائرة بريزلي الخاصة؟!*
*من تراه يدفع مرتبات حمدوك من الخارج شهريا وبالدولار الاخضر رغم انف القانون وحمدوك يقبض ولا يشعر بادنى حرج ، ثم يا حسرتا يضحك بسذاجة ويردد كببغاء مخمور امام شعبه المطحون (سنعبر) ، بينما ترى الشعب (ممحنا) امام الصفوف، فاغرا فاه وواضعا يده على خده ، كمسحور منزوع الارادة ومكبلا يديه كالموتور!!!
*من تراه ، ايها الناس ، يعلم المصير الذي يسوقنا اليه هؤلاء الاراجوزات الذين يحكموننا اليوم او من يحركونهم من وراء البحار؟!*
*واخيرا ، هل، بلغ الهوان بشعبنا السوداني ان يمرر كل هذه المؤمرة والبيع بالرخيص بل بالمجان للدين والدنيا والهوية ويكتم غضبه في صدره ولا يٌعلن عنه الا من خلال استطلاعات الرأي المبغضة للعلمانية والتمرد على سلطان الله!*
*سعدت بافطار الرابع من رمضان الذي اقيم بالامس تذكيرا لواقعة المفاصلة الشهيرة للحركة الاسلامية ، بحضور معتبر يمثل ثلة من الشباب الاسلاميين ، واظن ان تلك كانت مجرد (بروفة) تذكر بان الالوف من ابطال هجليج وصيف العبور والميل اربعين ، والذين لطالما قهروا الحلو وسيده الهالك قرنق لا يزالون على العهد يتحرقون للدفاع عن القيم العليا التي مهرها علي عبدالفتاح ومعز عبادي بدمائهم الزكية، وليعلنوا ان الدين محروس برب الدين وبحماة الدين الذين لطالما في سبيله بذلوا وما بخلوا ، وان الصبر جميل لكنه يحرم اذا استحال الى تقاعس وتثاقل الى الارض*
اترككم مع كلمات الشيخ العلامة محمد الغزالي لعلها تسهم في تعزيز مسيرة الصف الداخلي لمناصري دين الله وشريعته:
(2)
*رب سلِّم سلِّم.*
هذا الزّمان كفيل بتغيير أي قلب مهما كان ثبات صاحبه.
*هاتفت صاحباً ممّن كنت أغار من صلاحه وعطائه للدّين ، فلمستُ في كلامه تهاوناً وفي دينه كثيراً من اللين*
– وزارني أخٌ حبيبٌ يقول أدركني فقد أصبحت أجمع صلواتي بعد أن كنت لا أقصّر في نافلتي .
– ورأيت حبيباً لم أره منذ زمن ،فرأيت في وجهه انطفاءة لم أعهدها من قبل ، فلم يتركني في حيرتي كثيراً، فقد أذهب بهاء وجهه طول النّظر في الأجساد العارية والمشاهد الفاتنة عبر مواطن الفتنة ومشاهد الضياع .
ناهيك عن كثير من أحبّتنا الذّين زاد ترخُّصهم في أمر الرّبا والنّساء والحقوق ، حتى أصبح جل دعائي من فرط ما أرى :
*رب سلم سلم..*
ولما رجعت إلى نفسي وجدت وراء الأمر علّتين :
*أولاهما* : ترك بعضنا لنفسه حتّى يلامس الأرض بلا حاجز من إيمان ، ولا اتكاء على شيء يمنعه من التّمرغ في وحلها ..
*وثانيهما* : انشغال المصلحين عن بعضهم حتّى لم تعد تهدهد قلوب بعضنا كلمات الأخوة المذكِّرة، ولا رسائلها الموقظة كما كانت في سابق عهدها .
فإذا بمصلح الأمس يَتّكئُ اليوم علىٰ عصا ضعيفة إن احتملته يوما لن تحتمله آخر .
رحم اللّٰه السّلف ، كانوا يتفقدون إخوانهم .
فيسألون عن آخرتهم خوفاً عليهم من ضياع الإيمان. ويسألون عن دنياهم خوفاً عليهم من العَوَز وهم بين الأحباب والإخوان .
ورحم اللّٰه عمر بن الخطّاب رضي اللّٰه عنه ، لمّا علم أن صاحباً له تدنّىٰ في إيمانه حتّىٰ شرب الخمر، أرسل إليه صدر سورة غافر، ولا زال يذكّره باللّٰه حتّىٰ عاد .
*إطمئنوا علىٰ بعضكم ، وتفقّدوا إخوانكم*
فمن وجدتموه ما زال منهم على الجادّة فثبتوه ، ومن وجدتموه يوشك علىْ السّقوط فأسندوه وأعينوه حتّىٰ توقفوه ،
ومن وجدتموه قد توحَّل من طين الأرض فطهروه وطيبوه .
فما آخاك أخوك لتلاطفه وتؤاكله وتمازحه عند النّماء، وإنّما لتؤازره في أمر دينه ودنياه عند الشّدائد والأنواء.
*فتفقدوا أحبابكم، فهم واللّٰه من أجمل عطايا ربكم*. ويكفيكم أن الجنّة لا يطيب نعيمها إلا بهم .
لمن دامت انا للهوانا اليه راجعون