الأخبار

إستراتيجيات.. د. عصام بطران يكتب : الجنينة اردمتا !!

الخرطوم ـــ عزة برس

– احداث الجنينة “داراندوكة” وما تبعها من تداعيات ابرزها مطالبة السلطان سعد عبدالرحمن بحرالدين سلطان عموم دار مساليت بتقرير المصير والانفصال عن السودان بانتهاء اجل اتفاقية “قيلاني” الموقعة في ١٩٢٢ تلك الاتفاقية التي اختارت من خلالها سلطنة مساليت الانضمام للسودان رغبة طوعية وظلت خلال المائة عام الماضية محضن للحمة الوطنية والصفاء الاجتماعي .. مطالبة تلك السلطنة التاريخية ضاربة الجذور في القدم والتي تمثل احدى ممالك دارفور القديمة واحد ركائز الادارة الاهلية في السودان بالانفصال له دلالات واضحة للعيان تكمن في نوايا اليسار لاقصاء الادارة الاهلية في تلك البقعة لتحقيق حلمه القديم المتجدد في تصفية نظام الادارة الاهلية في السودان التي يصفها بجانب الطرق الصوفية بالرجعية والتخلف الاجتماعي .. فقد عمل اليسار في خواتيم العام ١٩٧٠م على انهاء وتصفية سلطة الادارة الاهلية باجازة حكومة مايو في نسختها اليسارية لقانون الحكم المحلي في العام ١٩٧١م الذي الغى السلطة المحلية للادارة الاهلية في البلاد وما زال يسعى لتبديل القوة الاجتماعية لصالح كوادره النشطة هذه الايام في غرب دارفور ..
– اليسار تحرك بشراسة خلال الفترة الماضية لتصويب سهامه تجاه الاارة الاهلية التي ناصرت المجلس العسكري وقوات الدعم السريع في بدايات الحراك الثوري هي والطرق الصوفية والنقابات “لقاء المعرض” .. وكبحت بطريقة مباشرة وغير مباشرة الضغوط التي مورست على المجلس العسكري الانتقالي والهجمة الشرسة التي وجهت ضد قوات الدعم السريع من قوى اليسار وقد كان حينها السلطان سعد بحر الدين احد اركان قيادات الادارة الاهلية التي ناصرت المجلس العسكري وقوات الدعم السريع ضد الحصار الذي فرضه اليسار عليهما للاستحواز على اكبر قدر من السلطة وفرض اجندته داخل مكونات قوى اعلان الحرية والتغيير وقد “حدث ماحدث” ..
– بدات قوى اليسار ب”تهكير” النقابات لافساح الطريق للتغلغل داخل مؤسسات الخدمة المدنية والسيطرة على مفاصلها .. وعمدت الان على تنفيذ مخططها لتصفية الادارات الاهلية لصالح سيطرة لجان المقاومة على مفاصل الحراك المجتمعي بدلا عن الولاء القبلي ونفوذ قيادات الاارة الاهلية في توجيه المجتمعات المحلية خاصة في ولايات دارفور بتركيبتها القبلية التي مارست إستخدام النفوذ المستمد من السلطة الاهلية عن طريق العرف والعادات والتقاليد السودانية ومن الامثال الشعبية المتداولة في المجتمع السوداني واكثرها مدحا لممارسة السلطة التقليدية المثل القائل: “سلطة للساق ولا مالاً للخناق” ..
– الادارة الاهلية في غرب السودان وخاصة ولايات دارفور وزعمائها من “السلاطين” و”النظار” و”الشراتي” و”الدمنقاي” و”العمد” والمشايخ” و”الفرش” مارسوا نفوذهم عبر سلطات قضائية وادارية ومالية حيث انتشرت المحاكم الاهلية وساعدت السلطات الحاكمة في جمع الضرائب والعشور اضافة الى حل النزاعات بين الافراد داخل القبيلة وبينهم والافراد من القبائل الاخرى وبتنسق عالي وذلك عن طريق العرف “الجودية” وعقد جلسات الصلح وتنفيذ بنوده ..
– قوى اليسار ستعمل جاهدة في المرحلة القادمة على تفكيك السلطة الاجتماعية “الادارة الاهلية” والسلطة الروحية “الطرق الصوفية” حيث النزعة الصوفية الغالبة على المجتمعات القبلية والتي يستمد منها رجال الادارة الاهلية القوة عن طريق الاستعانة بهم في حل الكثير من القضايا نسبة للهالة الروحية التي يجدونها من مريديهم واتباعهم وقد نشأ من ذلك النظام الاهلي “السلطة الاهلية” والطرق الصوفية “السلطة الروحية” بعض الاحزاب السياسية التي تقدمت عن طريق الانتخابات ومارست السلطة وحكمت السودان على فترات تاريخية متقطعة اطلق عليها اليسار امعانا بالاحزاب “الطائفية” وذلك لصالح ممارسة نوع اخر من السلطة والنفوذ وهو العمل المسلح “الحركات المسلحة” .. وبذلك تكون قوى اليسار قد ضربت اربعة عصافير بحجر واحد من خلال تفكيك وتصفية “النقابات، الادارة الاهلية، الطرق الصوفية، الاحزاب الطائفية” حتى تنقضي الفترة الانتقالية لتخلو الساحة امامها في الانتخابات القادمة ..
– التقاطعات بين قوى اليسار والادارة الاهلية والطرق الصوفية لن تسمح بالسير على خط متوازي في تحقيق التحشيد الجماهيري المجتمعي وما احداث الجنينة الا خيرة الا شاهدا على حراك اليسار نحو تهيئة الارض لحراكها المجتمعي القادم وتفتيت البلاد الى مقاطعات ودويلات من اجل الظفر بقواعد مجتمعية ليس من اولوياتها مناصرة اليسار باي حال من الاحوال ..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!