شيء للوطن م.صلاح غريبة يكتب: اللواء الخضر: أسطورة حية في معركة الفاشر… عندما يصبح القائد درعًا وشعلة

Ghariba2013@gmail.com
في خضم المعارك التي تشهدها مدينة الفاشر، وتصاعد المواجهات ضد مليشيا الدعم السريع، تبرز قصص بطولية لا يمكن أن تمر مرور الكرام. وأحد هذه القصص التي خطفت الأضواء مؤخراً هي قصة اللواء ركن محمد أحمد الخضر صالح، قائد الفرقة السادسة مشاة. الإشادة التي جاءت على لسان العقيد أحمد حسين مصطفى، المتحدث الرسمي باسم القوة المشتركة لحركات الكفاح المسلح، لم تكن مجرد بروتوكول عسكري، بل كانت شهادة عميقة تصف حالة نادرة من القيادة في زمن التحدي الأقصى.
أن يُوصف قائد عسكري بأنه “أسطورة حية” و “رمز للشجاعة والتضحية والفداء”، فهذا يعني أن حضوره في الميدان تجاوز المفهوم الإداري للقيادة. اللواء الخضر، وفقاً للمتحدث، أظهر “صلابةً وإرادةً فولاذية”، وهذا الوصف يذهب بنا إلى ما هو أبعد من مجرد أداء الواجب. إنه يتحدث عن قناعة راسخة وعزيمة لا تلين في وجه قوة غاشمة تحاول النيل من أمن الوطن وكرامته.
الأهم في هذه الشهادة هو التركيز على نموذج القيادة الذي جسده اللواء الخضر: “القيادة الشجاعة التي تسبق الجنود إلى خط النار”. هذا هو جوهر القيادة الحقيقية؛ أن يرى الجنود قائدهم لا يتوارى خلفهم، بل يتقدمهم في أشد المواقف خطورة. عندما يرى المقاتل أن قائده هو “درع واق يحمي الأرض والعرض”، فإن هذا يرفع من معنوياته إلى عنان السماء، ويحول الخوف إلى إقدام والتردد إلى ثبات. هذه القيادة هي التي تُشعل “شعلة منيرة” لا تنطفئ في قلوب الرجال.
إن الحضور القوي لقائد الفرقة السادسة في ساحات الوغى، كما وصفه العقيد مصطفى، لا يجعله مجرد ضابط كبير، بل يجعله “معهد للعزة ومشعل للكرامة”. القادة العظام هم من يتركون خلفهم إرثاً لا يُقاس بعدد المعارك التي خاضوها، بل بالروح التي بثوها في نفوس جنودهم وشعبهم. في وقت تُثار فيه الشكوك حول الكثير من المواقف، يأتي اللواء الخضر ليُجسد نموذجاً للقائد الذي يُعتمد عليه، القائد الذي يُمكن أن يُسجّل اسمه منقوشاً في ذاكرة الوطن لأنه لم يدافع عن منصب، بل دافع عن مبدأ.
لقد علمتنا الأزمات، وخاصة هذه الحرب الدائرة، أن الأبطال الحقيقيين لا يُصنعون في قاعات الاجتماعات، بل في قلب المعركة. وشجاعة اللواء الخضر هي تذكرة بأن قيمة الأرض لا تُقدر إلا بقدر التضحية المبذولة من أجلها. الفاشر اليوم ليست مجرد مدينة محاصرة، بل هي رمز لصمود وإرادة، وفي كل مقاومة هناك قائد يمثل روح هذه المقاومة. التحية هنا لا تتوجه لشخص القائد فقط، بل للنموذج الذي يمثله في أن الشجاعة الحقيقية هي القدوة، وأن القيادة هي التزام لا يتجزأ. هذا هو النموذج الذي يحتاجه السودان ليشق طريقه نحو السلام والاستقرار.