حوارات

الباحث الفلكي د. أنور أحمد : هـــذا ما حدث بعــد هــــروبي من الخرطوم (….).أتوقـــعُ شتــاءًا قارسا وحرارةً دون “4” درجات.. عايشـتُ كل صنوف العـذاب والمآسي والآلام

السـودانيون (بهــدلوهم أطفـــال وجهلاء زي الدعـــامة)

(نجـــــــوم في الحــــرب)

سلسلة حوارات يجريها:

محمــد جمــال قنـــدول

البــــاحث الفـــــلكي د. أنـــور أحمــــد لـ(الكــــرامة):

سرقـــوا سيــــارتي وأمــوالي وملابسي و”جـــزمي”..

(….) هــــــــــؤلاء مشتـــركون فى اشـــــعال الحـــرب

وصــلتُ (أرقــــو) نحيـــلًا وأهـــذي من الحُمـــى

ربما وضعتهم الأقدار في قلب النيران، أو جعلتهم يبتعدون عنها بأجسادهم بعد اندلاع الحرب، ولكنّ قلوبهم وعقولهم ظلت معلقةً بالوطن ومسار المعركة الميدانية، يقاتلون أو يفكرون ويخططون ويبدعون مساندين للقوات المسلحة.

ووسط كل هذا اللهيب والدمار والمصير المجهول لبلاد أحرقها التآمر، التقيتهم بمرارات الحزن والوجع والقلق على وطن يخافون أن يضيع.

ثقتي في أُسطورة الإنسان السوداني الذي واجه الظروف في أعتى درجات قسوتها جعلني استمع لحكاياتهم مع يوميات الحرب وطريقة تعاملهم مع تفاصيل اندلاعها منذ البداية، حيث كان التداعي معهم في هذه المساحة التي تتفقد أحوال نجوم في “السياسة، والفن، والأدب والرياضة”، فكانت حصيلةً من الاعترافات بين الأمل والرجاء ومحاولات الإبحار في دروبٍ ومساراتٍ جديدة.
ضيف مساحتنا لهذا اليوم هو البــاحث الفـــلكي د. أنـــور أحمــــد، الذي فرّ من الخرطوم بسبب الحرب وأُصيب بحادث سير في ولاية الجزيرة:

أول يـــوم الحـــرب أيــن كنــت؟

في الخرطوم حي أركويت، كنت لوحدي في الشقة.

لحظــة انــدلاع الحـــرب؟

استيقظتُ صباحًا مع أصوات الدانات والرصاص، وبعد ذلك علمتُ أنّ هنالك تمردًا من ميليشيا الدعم السريع.

اليـــوم الأول كيـــف مضـــى؟

قلتُ إنّ هذه أحداثٌ عابرة كما حدث من قبل في سوابق مثل: دخول خليل إبراهيم بأم درمان وغيرها.

وبقيـــة الأيـــــام؟

بقية الأيام كان القلقُ يزداد يومًا بعد يوم.

وبعـــد عـــامٍ من الحــرب؟

بعد عامٍ من الحرب، أُصبت باكتئابٍ شديد وحزنٍ مزمن .

كــم مكثـــت في أركـــويت؟

شهرًا.

ثم اتخـــذت قرار المغــــادرة إلى أيــن؟

إلى مدينة ود مدني.

أسبــاب اتخـــاذك قــرار المغـــادرة؟

ذهبت لولاية الجزيرة لإلقاء محاضراتٍ ثم أعود لشقتي بالخرطوم.

مــــاذا خســــرت في هذه التجـــربة؟

تمت سرقة سيارتي، وشقتي، وأموالي وملابسي وحتى “جزمي” وكل شيءٍ.

يوميــــات الحـــرب؟

كل المآسي عايشتها، جميع أنواع الآلام، كل أنواع العذاب، حيث صدمتني سيارة في ود مدني بعد هروبي من الخرطوم، ولازمت مستشفى الحصاحيصا شهرين وأنا مصابٌ بكسر في قدمي، كنت لا أستطيع حتى دخول الحمام إلّا بواسطة شخصيْن يحملاني، واستضافتني عائلةٌ كريمةٌ في الحصاحيصا ثم سافرت لأهلي في دنقلا مدة 3 أيامٍ في الطريق، ولم آكل إلّا وجبةً واحدةً وكنت أشربُ سوائل فقط خوفًا من دخول الحمام ، وكنت أتمشى على مشاياتٍ طبيةٍ لأنّ قدمي مصابة، وعند التبول كان بعض الرُكاب يساعدوني بالنزول والتبول واقفًا، ووصلت أهلي في “أرقو” بدنقلا وشكلي مخيف وجسمي نحيلٌ وأهذي من الحمى، فقاموا بالاهتمام بي بشدة ويوميًا بمستشفى “أرقو” والحمد لله حاليًا استعدت صحتي بنسبة 90%.

فوائـــــد الحــرب؟

كلها لحظاتٍ سيئة أيام الحرب، كل ساعةٍ فيها أفظعُ وأسوأُ من الأخرى، هي التجربة الوحيدة التي تخلو من الفوائد.

هــل واجهـــت المـــوت خلال هذه الأيـــــام؟

كان الموت يمرُ بي يوميًا والأعمارُ بيدِ الله، ليس لديّ تدابيرً، أبنائي في “كندا، واليابان، وسلطنة عمان والهند”، وهم في اتصالٍ يوميٍ معي، وكلهم متزوجون ويرغبون في إحضاري للعيش معهم وأنا “مأخرهم شوية”.

“ليـــــه مـــأخرهم شوية”؟

منتظر الحرب اللعينة دي تتوقف لأرجع الخرطوم، لكنها طالت طالت.

الحــــرب طالــت؟

الحرب طالت شديد جدًا جدًا جدًا.

هل تتـــوقع بأن تقف الحرب قريبــــًا؟

“ياخي” تفاوض ولا حل عسكري نحن ما دايرين الحرب دي دايرنها تتوقف بأي طريق.

من أشعـــــلها التمرد، أم من صوروا له أنهم بالإمكان أن يتسلموا مقاليد الحكم؟

كلهم مشتركين في إشعال الحرب “قحت، والدعم السريع، والحكومة وقوى أجنبية”، السودانيون ديل أطيب شعب والله ما خلق أمثال السودانيين أبدًا في الدنيا، السودانيون شعب راقٍ خرج منهم أفضل علماء ومفكري وشعراء ومبدعي العالم “يجوا يبهدلونا أطفال وجهلاء زي الدعامة ديل”.

هل كنت تتــــوقع أصـــلًا اندلاعها؟

أبدًا لم أكن أتوقع اندلاع الحرب.

بعيدًا عن الحرب وقريبًا من مهنتك، كيف تقــرأ مؤشرات التغير المناخي الذي طال البلاد والإقليم والعالم؟

التغير المناخي حادثٌ في كل أنحاء العالم، وأتوقعُ شتاءً قارسا وباردًا بصورةٍ عنيفة، ودرجات حرارةٍ منخفضة لـ4 درجاتٍ وما دون في بعض مناطق السودان.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *