حوارات

محمد زكريا: ألف “صاروخ” تطلقه الميليشيا على الفاشر يوميًا.. “مأساة جبل مرة مؤلمة” بكل المقاييس

منظمات تختار معبر "أدري" لوقوعه في مناطق سيطرة الميليشيا..!

حوار_ محمد جمال قندول

تزداد تعقيدات المشهد الإنساني في دارفور وبصفة خاصة حاضرة ولاية شمال دارفور الفاشر يوميًا، بسبب الحصار الجائر لميليشيا الدعم السريع على المدينة التي يأكل سكانها الان علف الحيوان “الأمباز”، في ظل صمت دولي مُطبق.

وللحديث حول آخر مستجدات الأوضاع في فاشر السلطان، استنطقت “الكرامة” الناطق الرسمي باسم حركة العدل والمساواة محمد زكريا، الذي أدلى بالكثير والمثير حول تفاصيل المشهد في المدينة المنكوبة. فلندلف معًا ونقرأ بعين فاحصة ما قال:

بدايةً.. كيف تقرأ المشهد السوداني في ظل التطورات الحالية؟

المشهد السوداني اليوم يحمل ملامح متداخلة تتجه في مجملها نحو الإيجاب. فقد حققت القوات المسلحة تقدمًا ملموسًا في دحر التمرد وباتت على مشارف استكمال تحرير كامل التراب الوطني، وهو ما أضعف قدرات الميليشيا وضيّق عليها الخناق.

وعلى الصعيد الحكومي، وجدت خطوة تعيين رئيس وزراء جديد تأييدًا دوليًا وإقليميًا عزز ثقة المجتمع الدولي في قدرة الدولة على استكمال المرحلة الانتقالية، فيما أظهرت الحكومة التنفيذية فاعليةً في تحمل مسؤولياتها تجاه المواطن رغم الظروف الصعبة.

وماذا عن الوضع السياسي الحالي؟

سياسيًا توحدت القوى الوطنية حول خيار الحل السوداني الشامل الذي يستثني فقط مرتكبي جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، بما يعزز فرص بناء سودان موحد وديمقراطي. أما دبلوماسيًا، فقد نجحت الدبلوماسية السودانية في كشف الدول الداعمة للميليشيا وحصدت اعترافًا إقليميًا ودوليًا بشرعية الحكومة، وهو ما انعكس في مواقف الاتحاد الإفريقي، والجامعة العربية، والاتحاد الأوروبي، والأمم المتحدة.

وعلى المستوى الجماهيري، لعب الإعلام الوطني دورًا بارزًا في تعزيز التلاحم الشعبي خلف القوات المسلحة السودانية والتشكيلات المساندة ومؤسسات الدولة، مما أوجد جبهة داخلية قوية تدعم معركة الكرامة.

كيف تقيّم الوضع الإنساني في المناطق المتأثرة بالحرب، وكذلك الصعيد الاقتصادي؟

إنسانيًا، برزت جهود متصاعدة لإيصال المساعدات إلى المناطق المنكوبة خاصة الفاشر، مع تزايد الضغط الدولي لرفع الحصار، وهو ما يعكس تضامنًا وطنيًا وإقليميًا تجاه القضايا الإنسانية. وعلى الصعيد الاقتصادي، بدأت الحكومة خطوات عملية لإعادة الإعمار والتحضير لمرحلة ما بعد الحرب، عبر خطط لجذب الدعم الدولي وإعادة تشغيل بعض القطاعات الإنتاجية، بما يفتح أفقًا لمستقبل أفضل.

كيف الأوضاع في الفاشر الان ؟ وهل هنالك زحف لفك الحصار؟

الفاشر اليوم تقف شامخةً رغم الجراح، تشهد انتصارات عسكرية حقيقية، وتُفشل هجمات ميليشيا الدعم السريع التي تقصفها يومياً بما يقارب الألف صاروخ. ورغم هذا القصف الوحشي، يثبت أهل الفاشر وجيشها لأن المدينة عصيةٌ على الكسر، وأن محاولات إسقاطها فشلت عسكرياً كما فشلت أخلاقياً. معركة فك الحصار مستمرة، والزحف قائم بإرادة المقاتلين وصمود المواطنين، والبشريات تتوالى بالانتصارات الباهرة التي تحققها القوات المسلحة الباسلة والقوة المشتركة والتشكيلات المساندة في محاور القتال المختلفة لا سيما في الحدود بين كردفان ودارفور.

ماهي الأوضاع الإنسانية داخل المدينة؟

الوضع الإنساني بالغ القسوة. أكثر من مليون ومائة وخمسين ألف نسمة يعيشون في ظروف لا توصف: حصار جائر يمنع الغذاء والدواء والكساء، وقصف يومي يطال الأسواق والمستشفيات والمنازل. فشلت الميليشيا في احتلال المدينة عسكرياً، فلجأت إلى سلاح التجويع كجريمة حرب ممنهجة. المؤلم، أن المجتمع الدولي يكتفي بالبيانات الباردة بالتنديد والاستنكار، دون أي فعلٍ حقيقي لإنقاذ أرواح الأبرياء أو كسر الحصار.

وماذا عن دور المنظمات الإنسانية؟

للأسف، حرص بعض المنظمات الإنسانية على إدخال المساعدات حصراً عبر معبر “أدري” الذي يقود إلى مناطق انتشار الميليشيا وتجاهل بقية المعابر مثل معبر “الطينة” الذي يقود إلى مناطق سيطرة القوات المسلحة يمثل علامة استفهام كبيرة! هذه الانتقائية تقدح في حيادية المنظمات الإنسانية ويطرح تساؤلاتٍ جدية حول التسييس والانتقائية في العمل الإنساني. الفاشر لا تحتاج شعارات جوفاء، بل ممرات آمنة وجرأة إنسانية حقيقية.

هل هنالك تحركات إقليمية أو دولية لرفع الحصار وتنفيذ قرارات مجلس الأمن؟

حتى اللحظة، لم يرق الموقف الدولي إلى مستوى الفاجعة. هناك قرارات لمجلس الأمن، لكن الميليشيا تضرب بها عرض الحائط، والمجتمع الدولي عاجز عن تنفيذها. المطلوب ليس مزيداً من القرارات، بل إرادة حقيقية لفرضها، وفتح المعابر، وضمان حماية المدنيين. صمود الفاشر اليوم هو الامتحان الأخلاقي للعالم، والعالم حتى الآن يرسب فيه. والتعويل الأكبر على القوات المسلحة والتشكيلات المساندة في حسم الميليشيا وتطهير البلاد.

ما هو أثر تكوين حكومة موازية للميليشيا في نيالا؟

إنّ ما أقدمت عليه ميليشيا الدعم السريع عبر إعلان ما يسمى بـ”الحكومة الموازية” لا يعدو كونه قفزةً في الظلام وفقاعة سياسية لا سند لها على الأرض. هذه الخطوة لا تحمل أي قيمة حقيقية، ولا تأثير فعلي على المشهد السوداني، هي محاولة يائسة للتغطية على الفشل العسكري.

ما هو موقف المجتمع الدولي والإقليمي من حكومة “تأسيس”؟

المجتمع الدولي والإقليمي أوضح موقفه بجلاء؛ فقد رفض مجلس الأمن، والاتحاد الإفريقي، والاتحاد الأوروبي، وجامعة الدول العربية، هذه الخطوة. وأكدوا اعترافهم فقط بالحكومة الشرعية ومؤسسات الدولة السودانية. وهذا وحده كفيل بنسف أي أوهام حول شرعية ما سُمّي بالحكومة الموازية.

ماذا تعني هذه الخطوة؟ وهل تغير مسار الأحداث؟

هذه الخطوة لا تُعبّر إلّا عن إفلاسٍ سياسيٍ وتخبط عسكري، ولن تغيّر من مسار الأحداث أو من حتمية انتصار الدولة السودانية وجيشها الوطني.

ما تعليقك على مأساة قرية “ترسين” بجبل مرة، وكيف تنظر لها وسط تضارب أرقام أعداد الضحايا؟
ته
مأساة جبل مرة مؤلمة بكل المقاييس، وأياً كان عدد الضحايا فإن الحقيقة الجوهرية هي أن الروح الإنسانية لا تُقدَّر بثمن، والتضامن مع المنكوبين واجب إنساني وأخلاقي لا يرتبط بحسابات الأرقام.

هل هنالك تضخيم للأرقام من وجهة نظرك؟

ميليشيا الدعم السريع وحلفاؤها من السياسيين سعوا إلى تضخيم الأرقام وتوظيف المأساة، بهدف التغطية على الجرائم والانتهاكات الجسيمة التي تواصل الميليشيا ارتكابها في مدينة الفاشر عبر القصف الممنهج للأعيان المدنية، وما يخلفه ذلك من مآسٍ يومية بحق الأبرياء.

ومن يتحمل مسؤولية ما جرى؟

ميليشيا الدعم السريع وحلفاؤها يتحملون المسؤولية المباشرة عن معاناة مواطني جبل مرة وضحايا الكارثة، بسبب انتشارهم العسكري في تلك المناطق وتحويل المدنيين إلى رهائن عبر تقييد حركتهم وحرمانهم من الخدمات، فضلاً عن ممارسة الانتهاكات والجرائم ضدهم بصورة ممنهجة.

الكرامة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *