المقالات

أمصال وإبر .. د. وليد شريف عبدالقادر يكتب : قبر البخاري قبر جاور الملائكة

▪️في عصر ينعدم فيه المعيار المثالي للأشياء.. كان هو المعيار لكل شيء طيب.. معيار الصلاح بلا تكلف ولا تزمت ولا رياء.. معيار الإخاء النقي بلا نقاط او بثور سوداء تظهر في معطف علاقات الفوائد والأرباح.. كان معياراً للطف والحيوية..الحياة عنده ضحكة ممتدة الشفاه .. وطرفة لا تستحق العبس والهموم وتقطيب الجبين .. وها قد رحل المعيار وترك لنا عالماً موحشاً لا يوجد فيه ما يسر ويبهج .. عالم قال عنه الراحل المقيم الشاعر سعد الدين ابراهيم:

كم اتعبني تفكيري وكم تاهت مشاويري
ومن قسوة مقاديري اقول يا ريتني زول غيري

…البخاري الصادق أحب السروراب كما أحبته .. أحبته بحب الصغير قبل الكبير له…كان كرنفالاً من الإطمئنان حينما يطل بين حواريها واثق المحبة
يمشي ملكاً.. ظل الوفي الثابت الود والهيام لا يزحزه عنها ظروف طقس ولا طوفان سيول، ولا دمار حروب.. هو كان معيار التواصل الإجتماعي ودستور الواجب ونجدة الملهوف واغاثة اللهفان بل لا تكتمل مجالس الواجب إلا بحضوره الآسر الأنيق فهو حد الأمنيات عند إكتمال قمر الأمسيات في الملمات والمناسبات.

سيرة البخاري الصادق جعلتنا نعرف أن الإنسان يمكن أن يرتقي ويعلو ويذدهر.. ويكون لا تراباً ولا صلصالاً إذا مر في تاريخنا الحاضر رجال يغرقون قصص البشرية في ينبوع معانى سامية الأصالة والمروءة والشهامة و (الجدعنة) كالبخاري الصادق.

…. فيا حظ القبر الذي حوى جسد طاهر ارتفع من مستوى الإنسان.. والآن حتما هذا القبر سيجاور الملائكة..وكيف لا وكم كان البخاري الصادق يقطع هزيع الليل الأخير بصوت آيات من الذكر الحكيم والقرآن الكريم.. والملائكة عاشقة هذه المجالس وأسيرة هذه الأوقات .. وتظل تدنو وتدنو وهم كعادتهم يسبحون بحمد ربهم ولا يسئمون.

إذا كان الحزن وصف لحالة مؤقتة حتماً ستزول ..ولكنه أضحى برحيل البخاري الصادق غد يتجدد مع تجدد الأيام والدقائق والثواني واللحظات..
وإنا لله وإنا إليه راجعون

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *