خطاب الكراهية في وسائل التواصل الاجتماعي وصل إلى مرحلة متأخرة، وابتعدنا كثيراً عن قيمِ الإسلام، فصِرنا نسخر من بعضنا البعض واللهُ تعالى يقول (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ).
ونُجرِد من يُخالفنا الرأي من كلِ فضيلة واللهُ تعالى يأمرُنا بالقسط حتى مع مَن نُبغِض (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ ۖ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَىٰ أَلَّا تَعْدِلُوا ۚ اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (8) المائدة.
ونجتهد في صناعة الإشاعات بهدف الاغتيال المعنوي للمخالف ويتلقاها مِنَا من يجد فيها هواه ويُروِج لها واللهُ تعالى يقول (وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ۚ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَٰئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا (36) الإسراء.
ونحتفي بفيديوهات جثث الموتى دون أدنى اعتبار للمشاعر الإنسانية ودون التأثر والاعتبار بمصيبةِ الموتِ نفسها، أو احترام مشاعر أسرته ومجتمعه فتغيب معاني مثل حديث رسول الله ﷺ: “مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى” البخاري ومعاني مثل قولِ عمر رضي الله عنه “كفى بالموت واعظًا”.
ونصطف في المواقف على أساس القبلية والجهوية ورسولُنا الكريم ﷺ ينهى عن ذلك عن جَابِر بْن عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: “كُنَّا فِي غَزَاةٍ فَكَسَعَ رَجُلٌ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ، فَقَالَ الْأَنْصَارِيُّ: يَا لَلْأَنْصَارِ!! وَقَالَ الْمُهَاجِرِيُّ: يَا لَلْمُهَاجِرِينَ!!
فَسَمِعَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ: مَا بَالُ دَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ؟ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ كَسَعَ رَجُلٌ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ .
فَقَالَ: دَعُوهَا فَإِنَّهَا مُنْتِنَةٌ”.
والكسْع: ضرب الدبر باليد أو بالرجل.
وصار الاحتفاء بالجغم والبل ثقافة راسخة في وسائِطنا وحلت مكان صوت العقل والحكمة ونهج الإصلاح الذي جاء به الإسلام قال تعالى (لَّا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ ۚ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا (114) النساء.
وينبغي أن نعلم أن خطاب الكراهيةِ منافٍ لتعاليمِ الإسلام، ومنافٍ للفطرةِ البشريةِ التي جُبِلت على الحب عن أنسٍ رضي الله عنه أن رسولَ اللهِ ﷺ قال: “لَا يُؤْمِنُ أحَدُكُمْ، حتَّى يُحِبَّ لأخِيهِ ما يُحِبُّ لِنَفْسِهِ” البخاري؛ ولذلك علينا أن نُحارِبَه حتى لا يُفكك نسيجنا الاجتماعي وحتى لا يُحوِّل هذه الحرب إلى حرب اجتماعية شاملة تُفكك الوطن وتخدم أهداف الأعداء في صناعة دول ضعيفة يسهل ابتلاعُها وابتلاعُ موارِدِها.
ولذلك نقول إن خطابُنا في وسائل التواصل الاجتماعي يحتاجُ إلى إصلاح حتى يُساهم في ترقية الوعي الإسلامي والوطني، ويُرسِخ القيم والمبادىء والأخلاق التي جاء بها الإسلام، وحتى يُساهم في تقوية النسيج الاجتماعي ومنع انزلاق البلاد إلى المجهول.
لذلك أحبتي الحذر كل الحذر من السخرية، والعنصرية، ونشر الإشاعات، والاحتفاء بالقتل، ونشر فيديوهات جثث الموتى، وإصدار أحكام التخوين على المخالفين في الرأي، والاصطفاف القبلي. فلنحذر أيها الأحباب من أن نكون معاول لهدم بلدِنا وتفكيكِ نسيجِه الاجتماعي، ولنحافظ على مشاعر الأخوة الواجبة بين المسلمين.
اللهم احفظ بلادنا وأهلها وارفع عنها هذا البلاء.
# لا للحرب نعم للسلام
# لا لخطاب الكراهية نعم للتسامح
# لا للعنصرية نعم للتعايش