المقالات

إبتسم أنت في مدني!.. محمد أزهري

وأنت داخل مدني بتلاقيك لافتة مكتوب عليها إبتسم أنت في ود مدني – هذه العبارة أو الجملة – سبحان الله – لم تتحقق إلا مع إندلاع الحرب – أي زول دخل مدني وهو ما من ناسها فعلاً إبتسم.

في الحقيقة هو إبتسم تلاتة مرات!
إبتسم لما سأل من إيجار الشقة وقالوا ليه أقل شقة بسُبعمية ألف جنيه.
إبتسم لما عاين في وجوه أطفالوا وهم مرهقين على ظهور الشنط.
إبتسم لما حسّ بإنهزام إسطورة الأب أمامهم وفكر يرجع الخرطوم وإتذكر بيتو تحول لثكنة عسكرية للدعم السريع.

في الحقيقة التلاتة إبتسامات كانت غير معنى الإبتسامة الواحدة المكتوبة في مدخل مدني.

كانت تلاتة إبتسامات حسرة وقِلة حيلة وإنكسار أمام الظروف.
تلاتة إبتسامات على مالك عقار مُستغل ميت ضمير حاول بناء ثروة سريعة من جيوب ضحايا حرب خرجوا بقدرة قادر ليستجيروا به من لهب المدافع والراجمات- وعلى سيل لعاب تاجر جشع أعماه الطمع وأغرته الدنيا فحاول أن (يلهط) أموال ناس الخرطوم برفع الأسعار.
الإبتسامات كانت حتى على بائع رصيد لا يبيعك إلا بأربع آلاف كأدنى مبلغ وعليها 600 جنيه فائدة.

الذين يديرون البزنس في مدني الآن من أصحاب الشقق والمنازل الإستثمارية وكثير من التجار لو إمتلكوا سلطة منح ومنع الهواء كسلعة ضرورية لحياة الفارين من الحرب لفرضوا عليها رسوماً باهظة يحيا من يدفع ويموت مبتسماً من يعجز عن الدفع – يبتسم لأنه في مدني – طبعا.

لو إمتلكوا الإشراف على دور العبادة بدلاً عن الأوقاف لوضعوا لافتات مضيئة كبيرة الحجم على بوابة كل مسجد مثل مينيو المطاعم الفاخرة وكتبوا عليها صلاة الفجر 10 آلاف – الظهر 15 ألف نسبة لحرارة الطقس وإستهلاك الكهرباء في التكييف – العصر 10 آلاف – المغرب 10 آلاف – العِشاء عليه تخفيض ألفين جنيه نسبة لبرودة الطقس – لا تدع الفرصة تفوتك – لسنا الوحيدون لكننا الأفضل.

كما يوجد لدينا إمام حافظ يقرأ بصوت جميل وسريع يراعي ظروف المصلين كبار السن و مرضى الروماتيزم ولا يثقل عليهم – لدينا أيضاً فرش سجاد إيراني وتكييف مركزي يستحسن معه الصلاة (ببطانية) مع وجود مبردات مياه داخلية وشواحن للهواتف وأدراج بأقفال محكمة للأحذية وخدمات أخرى حسب الطلب.

تجد أسفل اللوحة – نقبل كاش وبنكك – فوري وأوكاش لتسهيل أمور العبادة – ونبشر الإخوة المسيحيين بإفتتاح كنيسة جديدة بخدمات فاخرة لأننا نؤمن بحرية الأديان.

ما كتبته أعلاه ليس إستهلاكاً للحروف أو تلاعب بالجمل أو تصوير مدني في هيئة شبح جائع يريد إشباع غايته بأية وسيلة – لكن هذا واقع وتجارب حقيقية سمعتها من أهل وأصدقاء وزملاء أخلوا أسرهم إلى هناك كضحايا حرب ونازحين – وبالتأكيد هذا الواقع ينطبق على كل مالك عقار أو منزل إستثماري أو تاجر في بقية ولايات السودان المختلفة التي إستقبلت الفارين من حرب الخرطوم بإستثناء حالات نادرة ونادرة جداً.

في الحقيقة – لا ينطبق على أهل مدني الخيرين الذين إستقبلوا الأسر في منازلهم، وشبابها المتطوعين الذين فتحوا المدارس دوراً للإيواء وحفظ كرامة السودانيين ضحايا الحرب.

المهم – ما عليك إلا أن تبتسم و(بس)!

محمد أزهري
صحفي
الخرطوم – 13/6/2023

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *