
اليوم تخرج الحركة الإسلامية ومن تدثر بثوبها في تظاهرة رافضة لما يجري الآن من تفاوض ومحاولة وفاق على تشكيل حكومة انتقالية قادمة اصطلح عليها (اتفاق ثنائي) ويصر الكثيرين على التمترس عند هذا المصطلح لإتخاذه ذريعة رفض رغم ان الدعوة إليه مفتوحة بتأكيدات رئيس مجلس السيادة في أكثر من مناسبة داخل وخارج البلاد.
يخرج الاسلاميين غد وقد تنادوا بأن (ابقو كتار). فالنقل انهم يخرجون من منطلق كونهم سودانيون لهم الحق في إبداء رأيهم فيما يلى الوطن الذي يسع الجميع وهو حق مكفول لكل سوداني ولد وتمرغ في ترابه وشرب من نيله (فهذه الأرض للجميع).
لكن ثمة رائحة تفوح حول هذا الخروج بأن ربما كان بمباركة البرهان الذي سدت جميع الأبواب في وجهه وكأنه في لجة أو محاصر على (طريقة البحر خلفي والعدو أمامي) فهو يوعد أو ربما ينافق قوى الحرية والتغيير وحلفاءهم من الخارج من جهة، ومن جهة مغازلة الاسلاميين كل فينة وأخرى من جهة.
فسعادة رئيس مجلس السيادة الذي تلتف مصائر كل الشعب السوداني الذي ليس له ( لا في التور ولا في الطحين) تلتف في عنقه، يظل كلما عن له أو أدلهم الخطب السياسي في وجهه يتخذ الكيزان وواجهاتهم فزاعة ودرع يتقى به نار الراهن وعندما يخبو لهيبها يركنهم جانبا ثم يجدد ذات الموال ودونكم (إغلاق الشرق في نهايات حكومة حمدوك، ثم اعتصام القصر، ومبادرة الشيخ الجد، واخيرا وليس آخرا حشود الاسلاميين التي ستخرج اليوم السبت).
الاسلاميون تنادوا من مشارق الأرض ومغاربها ليبرزوا جمهورهم ويثبتوا وجودهم، وهم لا يحتاجون فهذا أمر معروف ولو قدر لهم ان خاضوا الانتخابات القادمة لاكتسحوها بلا منازع.وانكنتاعتقدانالجيلالحاليليسبذاتحماسابائه. إذن فثمة أمر تنطوى عليه هذه التظاهرة، ربما رسائل في بريد البرهان سلبا أو إيجابا، وربما رسائل للمجتمع الدولي ومن لف لفه من قوى الحرية والتغيير… لكن السؤال الملح.. ثم ماذا بعد؟
اي كان هذا هو الحال فما هكذا تورد الإبل يا برهان، وهذه ليست حلول بل تعقيد للمشهد، واتباع سياسة (فرق تسد) بقصد أو بدونه، وبذا تصب الزيت على النار، ويحمو وطيس الساحة السياسية، ويتنامى التلاسن والتنافذ، ويستعر الحقد في قلوب كليهما أكثر والمتضرر الأول انسان السودان الذي بات يفقد ابناءه بصورة يومية جراء التظاهرات والاحتراب بالولايات. والكاسب ضعيفى النفوس الذين يستغلون الفراغ الدستوري والتنفيذي فيفسدون كيفما يحلو لهم بمؤسسات الدولة فاقدة الرقابة والرقيب.
لقد وعدت يا سيادة الرئيس (نعم رئيس لانك المتحكم بأمر البلاد وكل أمر معلق برقيتك). وعدت مرارا وتكرارا وفي أكثر من موقع داخل وخارج البلاد بأن تنأى عن العمل السياسي وتتفرغ للمهام الأمنية وهي الأهم على الإطلاق، وقلت انكم لن تسمحوا بأن تحكم مجموعة بعينها ولابد من وفاق شامل لا يقصي أحد.
حسنا لما لا تذهب في هذا الاتجاه وتتفرغ له كليا بدلا عن ضرب الكيانات ببعضها، وبعد ان بدأ الجمع يلتئم حول الأمر عادوا للنكوص واصدروا بيانات تتبرأ من الأمر. نخشى كذلك ان يكون بايعاز من طرف اي كان.
برنامج التسوية بشكله الحالي رفضته حتى بعضا من قوى الحرية والتغيير لكن شروطها اقسى وامر وغير مقبولة سيما ما يلى الأجهزة الأمنية وإدعاء أصلاحها ورهن شركات الجيش لحكومتهم التي اظن انها لن تولد البتة بهكذا معايير وقد خبرناها وشهدنا باهدارها للمال العام دعك من شركات ترفد الاقتصاد. إذن اي من قحت اخف وطأة؟ ونجزم انكم قادرون على تجاوز وثيقتهم ان دعوتم جميع الأطراف بالحسنى وفي زمن قياسي فجراح الوطن تتقيح يوم عن يوم.
السيد رئيس مجلس السيادة ونائبه مثل هذه المناورات ومنح كل طرف (بقر بلا حبال) لا ولن تجدي نغعا، كونا قدر المسؤولية واحسموا امركم بدلا عن (مطوحة) الجميع وانتظار الحلول من عبث الشارع.