انك لن تجني من الشوك العنب او مثلما كان الحديث يمضي ونحن نتحسر علي امنياتنا في ان تسد الثروة الحيوانية فراغ الايرادات العريض وتحجز لبلادنا موقعا متقدما في فاتورة الصادر التي تعاني تدهورا مريعا افضي بنا الي الواقع البائس الذي تعيشه بلادنا الان.
السودان وبما يمتلكه من ثروة حيوانية حدثتنا عنها الدراسات والبحوث وكتب الجغرافيا مازال عاجزا عن توظيف هذه القيمة وفي وديانه واراضيه ما يربو عن المائة والعشرين مليون راس موزعة بين السهول والبوادي والاراضي الشاسعة .. وهو( بلاد الضان) مثلما يسميه الاقتصاديون اذ يوجد به اكثر من خمسين مليون راس..
للاسف الشديد السودان الذي يعاني الامرين الان ويواجه اقتصادا منهارا ويعايش سكانه اوضاعا معيشية متردية بسبب تراجع العملة الوطنية مقابل الدولار يستحوذ على نحو 30 بالمئة من الثروة الحيوانية في العالم العربي.
بلادنا قادرة وحسب المنظمة العربية للتنمية الزراعية وعبر قطاع الثروة الحيوانية ، على سد فجوة اللحوم الحمراء في الدول العربية إذا ما اتخذت إجراءات محكمة لرفع كفاءة الإنتاج.
ولكن و،(اه من لكن) وكدابنا دوما نتعزي بالحديث عن ( نقص القادرين علي التمام) او ما اسميه انا ( المحقة الوطنية) بفتح الميم والحاء…
السودان ورغم هذه الثروة الحيوانية مصدر الثراء المتجدد وغير الناضب لاتعود الي خزائنه اكثر من 600 مليون دولار في العام مع ان التخطيط الاستراتيجي يرشح هذا القطاع الي اسهام في الناتج القومي ربما يصل في اسوا حالاته الى 25% بينما الواقع يتحدث عن حصيلة لا تصل الي 5% الان…
المؤلم حقيقة ان القائمين علي امر البلد لايولون امر الثروة الحيوانية اي اهتمام ولايدركون انها قمينة بتعويض السودان فقده من البترول واكثر من ذلك بل انها نفطه الحقيقي .
حتي سقوط الانقاذ كانت الثروة الحيوانية وزارة للترضيات لايتعارك عليها السياسيون وهم يركزون علي الوزارات السيادية ومازالت للاسف الشديد..
مازال القائمون علي الامر يستهيفون ما يمكن ان تقدمه هذه الوزارة من فتوحات للسودان، عوائد الثروة الحيوانية وما تواجهه من تحديات تهدد بفنائها ونضوب معينها وعدم تقدير قيمتها الاقتصادية امر يدمي القلوب ويشعرنا دوما اننا ابل الرحيل (الشايلة السقا وعطشانة)..
الخميس الماضي كنا مجموعة صحفيين جلسنا الي وزير الثروة الحيوانية الشاب حافظ ابراهيم ووكيلها الامير ، وجدناهما يتقاسمان معنا الالم وربما كان وجعهما اشد لانهما يمسكان القلم ولا يستطيعان ان يكتبا به المجد الذي يرجوانه للثروة الحيوانية..
الرؤي عميقة والنظر ثاقبة والدربة حاضرة في افادات الوزير والوكيل ولكن ملخص ما خرجت به شخصيا ان ( العين بصيرة والايد قصيرة)..
استمعنا لتشريح موجع لواقع الحال في وزارة الثروة الحيوانية البقرة التي تريد الدولة حلبها باستمرار دون ان (تعلفها ) او توفر لها معينات البقاء علي قيد الحياة..
الوزير الذي يتسم بالهدوء لمسنا انه يتعامل مع الامور بحكمة وروية حينما طالبناه بحصر ايرادات الوزارة للتطوير المفضي الي ترقية بىئة الانتاج، فكان رده ان البلاد تحتاج الي القمح والدواء والالتزامات التي تجعل من ايراد وزارته يذهب الى بنود اخري بعيدا عن التطوير المنشود..
الوكيل الحاذق الامير كان يحدثنا برؤية واضحة تستلزم اهتمام من الدولة حتي تصل الوزارة الي الانتاج والتصدير الذي يتماشي مع امكانات وموارد السودان في مجال الثروة الحيوانية..
مشكلات كبيرة وازمات عميقة تلاحق هذا القطاع ولابد من معالجتها ان كنا نحلم بصادر لحوم ومواشي ومنتجات حيوانبة تحقق للسودان ما نتمناه من عائدات ومداخيل كبيرة.
صعف كبير في رواتب الموظفين والعاملين في وزارة الثروة الحيوانية وادارتها المختلفة .. عدم وجود بنود للتدريب والتطوير والدعم الاجتماعي مرتبات مخجلة لا تتناسب مع واقع السوق اسفرت عن بيئة طاردة هرب منها الجميع الي مهن ومجالات اخري..
هذا الامر اضعف الكادر الذي هرب الي القطاع الخاص او الي الخارج او هجر المهنة ، تسرب من بين ايدي الوزارة اكثر من خمسمائة طبيب بيطري ظلوا يتلقون رواتب صعيفة لا تتناسب مع غلاء الاسواق وصعوبة المعيشة في السودان..
اما عن البنية التحتية فحدث ولاحرج مازال السودان يعتمد علي مسلخ واحد افتتحه الرئيس عبود (1959) لم تطله يد الصيانة طيلة الستين عاما الماضية.. السودان يفتقر للمسالخ التي تجعله موطنا لصادر اللحوم وحتي يستفيد من القيمة المضافة .. هذا الامر تلزمه (بيئة ذبيح) مكتملة الاشتراطات الصحية وهو ما نفتقده تماما..
هنالك حاجة ملحة لتطوير المحاجر فكثير منها اصبح غير صالح بعد ان انتفت عن بيئته الاشتراطات المطلوبة ، قرية الصادر في مطار الخرطوم تحتاج الكثير من الاعمال والمعالجات التي تتناسب ووضعية السودان كدولة مصدرة للماشية الحية واللحوم.، ضعف التمويل واحجام القطاع الخاص عن الدخول في شراكات كبيرة لتطوير بيئة الصادر امر يقتضي خططا طموحة واستراتيجيات عاجلة لانقاذ قطاع الثروة الحيوانية وحقنه بجينات التطوير والاضافة..
لايمكن ان تحلم بان تكون الدولة الاولي المصدرة للماشية الحية واللحوم وانت تفتقر الي كل هذه الامكانات والبيئة المساعدة والا فان الحديث عن اسهام كبير متوقع فى الناتج الاجمالي سبكون مثل الحرث في البحر..
الوزارة يستلزمها الاستمرار كذلك في بسط مزيد من الرقابة علي المصدرين وبما يوصد الباب تماما امام الاخبار التي تتحدث عن اعادة البواخر المحملة بالماشية السودانية ، علمنا ان الوزير يولي هذا الامر اهتماما خاصا وانه لم يتكرر منذ ان تسنم مهام عمله وزيرا.. نطالبه كذلك بمزيد من الاجراءات التي تضمن سلامة الماشية ومناعتها وقد علمنا ان هنالك عقوبات طالت المتلاعبين بمواصفات الماشية المصدرة..
اعجبني منطق الوزير الواضح في حديثه عن تصدير الاناث وتحريره عن المعني المطلق والتاكيد علي انه يستهدف الهجن ويعتبر النشاط الرئيس لخمسة الاف اسرة ويستهدف بالاساس نوع من الابل لا تربي للحم او اللبن وان مهمتها الاساسية التصدير للجري وفق ميزات خاصة جعلت منها مرغوبة في الخارج ..
علي كل سنعود لامر وزارة الثروة الحيوانية ولكن نتمني ان تولي الدولة اهتماما متعاظما بامرها ونقترح علي المسؤولين تبني برنامج طموح لتهيئة البيئة المواتية لنجاح الاستثمار في مجالات الثروة الحيوانية المتعددة علي نسق المواصفات الحديثة عبر توفير الموارد اللازمة وتطوير البنيات والاهتمام بالكادر و تشجيع الدخول في شراكات مع القطاع الخاص والدول المهتمة بهذا القطاع حتي نرى اسهاما مشهودا ومقدرا للثروة الحيوانية في اقتصاد الدولة التي تحتاج الان لاي مورد يحقق لها عوائد من العملات الاجنبية..