الأخبار

قضايا الشباب ليست هامشاً.. بل جوهر النهضة بقلم: أمل أبو القاسم

أصدر رئيس مجلس الوزراء، الدكتور كامل إدريس، القرار رقم (104) لسنة 2025م، القاضي بإنشاء وحدة معنية بقضايا الشباب، وذلك في خطوة إيجابية طال انتظارها، لاسيما في ظل ما يعانيه الشباب السوداني من تهميش طويل، وواقع معقد تتجاذبه تداعيات الحروب، وانهيار الاقتصاد، وانسداد الأفق.

القرار وإن كان في مظهره الإداري يبدو تقليدياً، إلا أن فكرته تنطوي على اعتراف رسمي متأخر بأن الشباب ليسوا مجرد “فئة عمرية” عابرة ضمن تركيبة المجتمع، بل هم القوة الدافعة الأساسية لأي مشروع وطني حقيقي، وهم عماد النهضة التي نرجوها، لا سيما في وطن أنهكته الخلافات والصراعات والخيبات المتراكمة.

لقد ظُلم الشباب السوداني عبر الحقب المختلفة، وقُزّمت أدوارهم، واستُغلت طاقاتهم حيناً في الترويج السياسي، وحيناً آخر في المعارك السياسية واليوم، وبعد مرور أكثر من خمس سنوات على ثورة ديسمبر ، ما يزال الجرح نازفاً. فقد اختطف الحلم من بين أياديهم، وصعد إلى المنصات من لا علاقة لهم بالمشروع الوطني، فعمّ الفساد، وضاعت الفرص، وانفجرت حرب أتت على الأخضر واليابس، وكان وقودها الأبرز شباب هذا الوطن.

ومنذ عام 2019 وحتى اليوم، قدم السودان نخبة شبابه على مذبح السياسة ومعتركاتها وقد كانوا وقودها فيما اجهزت الحرب على عدد مقدر منهم، بعضهم استشهد، وبعضهم جُرِح، وآخرون تم تهميشهم أو دفعهم إلى هاوية البطالة والتعاطي والانحراف، بينما كان في الجهة الأخرى شباب وشابات يثبتون أن السودان لا يزال ينبض بالعزيمة: فتيات يخضن مغامرة الوصول إلى قاعات الامتحانات وسط الحرب، وشباب ينخرطون في صفوف الجيش، وآخرون يبذلون الجهد في ميادين العمل التطوعي والخدمة المجتمعية.

نعم، إنشاء وحدة معنية بالشباب خطوة في الاتجاه الصحيح، ولكن لا يجب أن تُختزل في دعم جهود الإعمار فحسب، بل يجب أن تكون معنية بشكل شامل بكل ما يتعلق بالشباب: التعليم، التشغيل، التأهيل، الصحة النفسية، التوعية، الثقافة، التحصين من الإدمان، والمشاركة السياسية الحقيقية. ويجب أن تُمنح هذه الوحدة صلاحيات تنفيذية واسعة وتُدعم بتشريعات واضحة وميزانيات مرصودة، بعيداً عن التنظير والمجالس الصورية.

بل كان الأجدر بالدولة، إن أرادت حقاً استثمار طاقات شبابها، أن تخصص لهم وزارة مستقلة، لا أن تُدمج شؤونهم في وزارة الرياضة، وكأن قضيتهم محصورة في الملاعب فقط. فالشباب ليسوا جمهوراً رياضياً فحسب، بل هم مشروع تنمية وطنية شامل، يحتاج إلى من يستمع إليهم، لا من يتحدث باسمهم.

ختاماً، نأمل أن يكون قرار إنشاء هذه الوحدة نقطة تحول حقيقية لا عنواناً في نشرة إخبارية، وأن يُدار الملف الشبابي هذه المرة بعقلية جديدة، تؤمن بالشباب لا كأدوات، بل كشركاء أصيلين في صياغة حاضر الوطن ومستقبله.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *