الأخبار

رحمة عبدالمنعم يكتب :.إلى قيادة حركة العدل والمساواة..أطلقوا سراح عطاف

في زمنٍ عزّ فيه الإنصاف، وتوارى فيه العدل خلف لافتات تُرفع وتُخرق في اللحظة ذاتها، نكتب لا لنستجدي رحمة، بل لنوقظ ما تبقى من ضمير، إن كان لا يزال في القلب متسع له.

إلى الدكتور جبريل إبراهيم، رئيس حركة العدل والمساواة، وإلى القياديين عبدالعزيز عشر ومحمد زكريا، أبعث بهذا النداء، لا بصفتي صحفياً ولا كاتباً، بل كإنسان يرى في ما جرى للزميل عطاف عبد الوهاب وجعاً لا يُحتمل، ووصمة لا تليق بحركة تحمل في اسمها “العدل”، ثم تنأى عنه حين يحين موعد الاختبار.

عطاف، الجندي في صفوف حركتكم، والصحفي في ساحات الكلمة، لم يحمل سلاحاً ضدكم، بل حمل قلماً وجّه به انتقادات حادة لقيادتكم، وطرح اتهامات بصوته وكتاباته، في مساحةٍ من الرأي والتعبير لا تتجاوز حدود الكلمة،وإن كانت تلك الانتقادات قد أزعجتكم، فباب القانون مشرّع، والنيابة قائمة، والقضاء هو الفيصل بين الأفراد والتنظيمات، فكان الأولى بكم، أن تتقدموا ببلاغ رسمي، لا أن تحتجزوا الرجل في ظروف غير معلومة، وتُخضعوه لإخفاء قسري لا سند له من قانون ولا عرف.

لقد مضى أكثر من أسبوعين على اختفاء عطاف، ولا شيء يُطمئن أهله عنه، لا خبر، لا بيان، لا صورة تؤكد أنه بخير.،وقد تفاقم ألم الأسرة، حين وصلهم نبأ استشهاد شقيقه الأكبر، الدكتور إيهاب عبد الوهاب، في معتقلات مليشيا الدعم السريع. فاجعة مضاعفة، ووجع لا يوصف.،غياب في المجهول، ورحيل في صمت دامٍ، وكأن هذه البلاد لا تكتفي من نزف أبنائها مرة واحدة.

وحين خرجت بعض الأصوات من حركتكم لتقول إن عطاف من أفراد الحركة، وأنه سيُحاكم وفق “لوائحها الداخلية”، بدا المشهد أكثر التباساً، وأكثر بعداً عن العقل والعدالة، فمنذ متى يُحاكم صحفي في محكمة داخلية لحركة مسلحة؟ وهل أصبحت التنظيمات فوق القانون، أم أن القانون بات عاجزاً عن حماية حتى أفراده؟

هذا النداء لا يطلب امتيازاً، ولا يشهر عداوة.،بل يخاطب عقل الدكتور جبريل قبل منصبه، ويطرق باب قلب عبدالعزيز عشر ومحمد زكريا، قبل أدوارهم السياسية والتنظيمية،أنتم تعرفون عطاف، وتعرفون لسانه ومزاجه الوطني، وجرأته التي لا تنبع من خصومة، بل من شعور بالمسؤولية،فإن كانت بيننا معرفة، فالمعرفة تُختبر عند الشدائد، وإن كان بيننا احترام، فالاحترام يُقاس بمدى القدرة على الإنصاف، لا على كتم الصوت.

نحن اليوم في أيامٍ مباركة، من ذي الحجة، والعيد على الأبواب. وأهله ينتظرون خبراً، أو طَرقاً على الباب، أو اتصالًا يزيح عنهم ركام القلق والدموع، فكروا فيهم، كيف سيستقبلون العيد؟ هل سيُمدّ بساط الفرح، أم ستغمره غصة الغياب؟ ويتردد في بيوتهم غناءمحمد النصري كأنما كُتب لأجلهم:
“يا دا العيد طرق أبوابي
كيفن أباركو أنا المحنار
في غيبة عيون أحبابي
في حضرة دمع مدرار..”

ليس من العدالة أن يُعتقل الجندي لأنه عبّر، ولا من المروءة أن يُخفى لأنه كتب،عطاف لم يخن حركتكم، ولم ينقلب على مبادئه، بل مارس ما يراه حقاً في مساءلتكم بالكلمة، والرد المشروع على الكلمة، ليس القيد، بل كلمة أخرى، وبلاغ أمام جهة عدلية.
نقولها بصدق: إن استمرار اعتقاله، واحتجازه دون مسوغ قانوني، هو إهانة للعدالة، وتجريف لقيم التنظيم، وجرح مفتوح في ضمير الوطن.
فأطلقوا سراح عطاف عبد الوهاب الآن، لا غداً،أعيدوا له حريته، ولأهله الطمأنينة، وللكلمة مكانتها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *