المقالات

استراتيجيات.. د. عصام بطران يكتب : التخطيط الاستراتيجي لغة المرحلة ..!!

– اشير الى المقال الرصين الواضح الجامع للدكتور عادل عبدالعزيز الفكي الخبير الاقتصادي عن مسيرة التخطيط بالبلاد منذ العام 1946، مرورا بتجارب الاعوام 1951، 1969، 1973، 1975 ودستور 2005م، واحتفائه بايراد نص عن التخطيط والتعاون الدولي في الوثيقة الدستورية تعديل 2025م .
– لعل المتتبع لمسيرة التخطيط الاقتصادي والتخطيط الاستراتيجي لايفوته ان التخطيط الاقتصادي جزء من كليات التخطيط الاستراتيجي بل هو عنصر مهم جدا من عناصر القوة الشاملة الست ، لذلك لايمكن الوقوف على تطور الاطار الدستوري والقانوني دون المرور بعمق في مسيرة التخطيط الاستراتيجي في الفترة من 1989م وحتى ابريل 2019م حيث شهدت هذه الفترة تحولات مهمة في التخطيط بالسودان وقد أحدثت هذه المرحلة نقلة نوعية في مجال التخطيط الاستراتيجي وتم وضع عدد من الخطط الاستراتيجية من أبرزها الخطة القومية الشاملة 1992 – 2002م ثم الخطة 2005م – 2030م.
– اعتمدت الخطة في هذه المرحلة على أن أهم مقومات النجاح في الدولة هو قدرتها على تحديد مصالحها الوطنية الاستراتيجية، ومن ثم تهيئة الأوضاع والظروف المناسبة لتحقيقها ضمن مخطط الخطة القومية الشاملة 1992 – 2002م والخطة ربع قرنية بالإضافة إلى الخطط الخمسية الفرعية الأخرى ، وقد شهدت تلك الفترة كذلك انشاء مؤسسات متخصصة تقوم بمهمة التخطيط الاستراتيجي على رأسها المجلس القومي للتخطيط الاستراتيجي ، اللجنة العليا للتخطيط الاستراتيجي ، الأمانة العامة للتخطيط الاستراتيجي، ووحدات التخطيط بالوزارات الاتحادية ومجالس التخطيط الاستراتيجي بالولايات وقد كانت كل مؤسسة تتبع لأعلى جهة سيادية حسب قطاعها ولها واجباته وتخصصاتها وأسلوب عملها ولها كل الصلاحيات في مجال التخطيط الاستراتيجي.
– انفردت ولاية الخرطوم على الحكومة الاتحادية وباقي الولايات ومؤسسات الدولة بتجربة مختلفة في منهج التخطيط الاستراتيجي فقد بذل ولاة الخرطوم المتعاقبين جهود كبيرة في مجال دعم القرار الاستراتيجي المخطط وحاكمية التخطيط الاستراتيجي تكللت باجازة اول قانون ينظم لحاكمية التخطيط الاستراتيجي عبر سن نصوص قانونية صارمة لحراسة الاستراتيجية وعقوبات تصل الى عزل المسئولين في حال تقاعسهم وانحرافهم عن التنفيذ الحرفي وقد أجمع المجلس التشريعي لولاية الخرطوم في دورة انعقاده الرابعة على احازة اول قانون للاستراتيجية في ولاية الخرطوم 2017-2030م بل على نطاق السودان ودول الاقليم والذي قدمه للمجلس البروفيسور “محمد حسين أبو صالح” وكانت السمات العامة للقانون تؤسس لحاكمية المجلس الاعلى للتخطيط الاستراتيجي بالولاية وفقا لتحقيق التنمية المستدامة المتوازنة من خلال رؤية إستراتيجية عميقة وبعيدة المدى، تعبر عن حلم الناس وتشكل مستقبلاً أفضل للولاية وتستند إلى الدستور والإستراتيجية ربع القرنية، إلى جانب الدراسات والبحوث لتحقيق أمن الإنسان وكرامته بممارسة الحكم الراشد وزيادة الإنتاج والإنتاجية إضافة لتوفير فرص العمل بناء على فلسفة اقتصادية تواجه التحدي الحالي، متناولاً بالتفصيل فلسفة وغايات وسياسات وأهداف إستراتيجية ..
– يرى كثير من قادة الرأي العام ان مسيرة التخطيط في السودان لم تتجاوز مرحلة صياغة الخطط وايداعها الارشيف دون التنفيذ على ارض الواقع وهذا ما يجافي الحقائق العملية لان كثير من المشروعات التنموية كانت نتاج تراكمي للتخطيط فعلى سبيل المثال لا الحصر فان مشروع استخراج النفط في السودان ورد بالنص في الاستراتيجية القومية الشاملة ثم منظومة الجسور الاتحادية (المتمة ،ام الطيور، كريمة، الدبة، رفاعة، الدويم، عطبرة، دنقلا، مروي) وكذلك بولاية الخرطوم جلها ان لم تكن جميعها وليدة الخطة الاستراتيجية الولائية (المك نمر ،توتي، المنشية، سوبا، الحلفايا) ، ايضا انشاء منظومة محطات مياه الشرب لم تكن الا نتاج حبر وورق وفكر المخطط الاستراتيجي.
– من الاهمية ان تكون لغة المرحلة التخطيط الاستراتيجي خاصة ان البلاد مقبلة على اعادة اعمار في كل القطاعات خاصة القطاعات (السياسي ، الامني والاقتصادي ، العلاقات الخارجية) وما يتبع ذلك من مشروعات اعادة الاعمار ..
– على خطأ جسيم من يظن ان عملية التخطيط الاستراتيجي قرينة الاستقرار الاقتصادي والامني لان التخطيط الاستراتيجي للطوارئ هو من اعقد عمليات التخطيط لانه ينطوي على تحليل مخاطر الكوارث ووضع ترتيبات مسبقة تتيح اتخاذ التدابير المناسبة والفعالة في الوقت المناسب ، كذلك يؤدي التخطيط للطوارئ الى الاستخدام الامثل للموارد الشحيحة خاصة في اوقات الحروب ..
– تبرز أهمية التخطيط للطوارئ حماية الأرواح والممتلكات حيث يضمن التخطيط الجيد سلامة العاملين والموارد الأساسية وضمان استمرارية العمل والتوافق مع القوانين والتشريعات ، ومن هذا المبدأ اتساءل عن عدم توجيه والي ولاية الخرطوم الاستاذ احمد عثمان حمزة عن اصدار توجيهاته بممارسة نشاط المجلس الاعلى للاستراتيجية والمعلومات بولاية الخرطوم ضمن المؤسسات المهمة المنتقاة لتسيير دولاب العمل بالولاية وهو لايقل اهمية من مجلسي الحكم المحلي والشباب والرياضة وذلك على الرغم من مطالبة الامين العام للمجلس والعاملين فيه بضرورة استئناف اعمالهم للمساهمة في وضع الخطط الملائمة لهذه المرحلة الحساسة التي تحتاج لخبرات فريق التخطيط الاستراتيجي ..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *