المقالات

بينما يمضي الوقت.. أمل أبوالقاسم تكتب : ما هكذا تورد الإبل يا هؤلاء…!

 

أمل أبوالقاسم

توقفت عن الكتابة لعدد من الأيام لا لشيء إلا لإنشغالي ببعض أمري وليس لعدم ما يمكن أن يكتب فيه وزخم الأحداث الغريبة والمتتالية تدعو للكتابة عنها بعشرات المقالات وليس واحدا لليوم.
ها قلمي قد بدأ يخط لكن ترى بماذا سأبدأ هل بالانفلات والإنزلاق الأمني الذي أصبح قضية رأى عام وحديث الشارع والكل يبحث ويجتهد في أن يسوغ له مبررات؟ أم عن تلكم التي من لدنها بعد أن أطلت الجريمة برأسها وتسورت البيوت ودونكم آخر حادثين خلال أسبوع واحد وهما قتل عامل محطة الوقود بأم درمان وقد ضلع شقيقه (ابن أبيه وأمه) في الحادثة متورطا مع مجموعة لا تربطه بهم سوى مجالس معاقرة الخمر. بينما الثانية والأكثر بشاعة تلكم الطفلة التي قتلت وبدم بارد على يد والدها وأمام أعين والدتها واشقائها رميا بالرصاص؟ أم ماذا وماذا والأحداث الفائتة انستنا الوضع الاقتصادي والمعيشي بعد أن تغول عليها الوضع الأمني واستبدل جوع البطون بجوع الأمان.
لكن باعتقادي انه وفوق كل ذلك هنالك قضية أكثر حساسية بدأت تطل برأسها وربما تعزز وتشعل اوار تلكم السابقة أن لم تخمد بأي من السبل (الحسنة)، الا وهي صوت العنصرية الذي بدأ يتعالى بلا مقدمات أو أسباب واضحة ومن عجب أن يحدث هذا وتضرم ناره إتفاقية السلام التي من المفترض انها الترياق والماء البارد الذي يطفي لهيبها.
لست ميالة لإثارة هكذا مواضيع حساسة بالرغم من أنها فرضت نفسها على ساحة القضايا الفترة الفائتة من قبل أهل السلام نفسهم وبعضا من أبناء دارفور أنفسهم، حتى إنني لم اعلق على حديث الفريق “عبدالرحيم دقلو” الذي ألب الرأى العام وأقام الدنيا ولم يقعدها حتى بعد محاولة معالجته بحديثه الأخير رغم استحسان الكثيرين له، حتي لا أزيد الشقة واصب مزيد من الزيت على النار المشتعلة.
المهم وكما اسلفت فإن علو صوت النعرة القبلية الذي بات يتردد هنا وهناك سيما في هذه الفترة من عمر السودان السياسي خرج من عقيرة أهل دارفور وغيرهم، ولا ادري من أين لهم بهذا الإعتقاد وهم أكثر دراية بتعامل الجميع معهم سواسية كابناء للوطن الواحد واكاد أجزم انهم يدركون ذلك تماما من خلال التعامل سوى في مقاعد الدراسة أو مكاتب العمل التي ينصهر فيها أبناء السودان بلا تميز للملل أو النحل ونحن كذلك نشهد بذلك فكم كانت لنا ايام بصحبتهم في الجامعات والمجتمعات، علاقات طيبة امتدت حتى اللحظة بل إن كثير من العلاقات توجت بالزواج سيما بعد وعي المجتمع وخروجه من عباءة القبيلة والانفتاح في المصاهرة مع كل القبائل بلا تمييز. إذن حدثوني من أين لهم بهذا الإحساس البغيض الذي أصبح يستخدم فزاعة لاستدرار العاطفة وربما الابتزاز. وحديث المدير العام للشركة السودانية للمعادن وهو يرد على من اتهموه بالفساد يكرس لذلك وهو القائد المتعلم. فضلا عن أصوات مهددة تطلق تصريحات مبطنة بالتهديد حملتها مقاطع الفيديو.
يا إخواني فضلا اطردوا هذا الإحساس المتوهم وانخرطوا في المجتمعات وتعاونوا في بنائها وليس هدمها بهكذا أوهام تنسف عملية السلام التي يرجى منها الكثير.
(2)
للحق تحتاج الدولة كثيرا لتوجيه منسوبيها في العمل العام والمؤسسات الحكومية لضبط الخطاب الذي من شأن بعضه هدم ما تعمل على بنائه ورتقه. ففي الوقت الذي يدير فيه رئيس الوزراء اجتماعا بشأن الإستثمار الذي وبنسبة كبيرة منه يحركه أجانب يصرح مدير الطيران المدني خلال حوار ل”السوداني” مهددا بأن المطار لا رابط له ويفتقد الأمن ويمكن أن تنسف فيه قنبلة بأي وقت. (عاد دا كلام دا)..
ما هكذا تورد الإبل يا هؤلاء.