وكالات _ عزة برس
كشفت صحيفة “لاسيلا فاسيا” الكولمبية في مقال استقصائي بتاريخ 26 نوفمبر 2024 عن وجود أكثر من 300 عسكري كولمبي، أي ما يعادل سريتين، يقاتلون في الأراضي السودانية.
بداية الخيط
وكانت وسائل التواصل الاجتماعي السودانية قد تداولت في 20 نوفمبر الحالي مقطع فيديو لعناصر تتبع للقوة المشتركة، التي تقاتل إلى جانب الجيش ضد الدعم السريع، وهم يستعرضون وثائق وأوراق ثبوتية قالوا إنها تخص مرتزقة كولومبيين قادمين من ليبيا للقتال في صفوف قوات الدعم السريع.
ونجحت عناصر القوات المشتركة في نصب كمين لقافلة لوجستية قادمة من ليبيا وتم القبض على عدد من الجنود الكولومبيين وقتل بعضهم.
وكشف تقرير الصحيفة الكولومبية عن أن 40 من الجنود الكولومبيين ارسلوا إلى السودان من دون أن يكونوا راغبين في الأمر، وذلك عبر عملية عابرة للحدود شاركت فيها أربع دول.
ويؤكد أحد هؤلاء الجنود في تسجيل صوتي، وفقا للتقرير، أن التعاقد معهم كان لغرض آخر غير الذي اكتشفوه عند وصولهم إلى الجهة التي يقصدونها.
ووفقا للتقرير، فقد أعرب عدد من هؤلاء الجنود الكولومبيين عن مخاوفهم من أن يُقتلوا في حال رفضوا المشاركة في الحرب بجانب قوات الدعم السريع.
عبر الأراضي الليبية
ويعيد ذلك إلى الأذهان الحادثة الشهيرة لتعاقد شركة “بلاك شيلد” الإماراتية في عام 2020 مع عدد من الشباب السودانيين، قيل حينها أن عددهم 420 شخصا، للعمل في مجال أمن المنشئات في دولة الإمارات، لكنهم فوجئوا بنقلهم إلى ليبيا للقتال بجانب قوات اللواء خليفة حفتر.
وفيما يتعلق بالأنباء الأخيرة عن قتال مرتزقة كولومبيين مع الدعم السريع، أضاف تقرير صحيفة لاسيلا فاسيا أن أول دفعة من الجنود الكولومبيين وصلت إلى مطار بنغازي في شهر سبتمبر الماضي، ومن ثم نُقلوا إلى السودان عبر رحلة طويلة استغرقت ثمانية أيام عبر طرق صحراوية غير معهودة في حركة النقل البري بين البلدين.
وحسب التقرير فإن الجنود الكولومبيون يشاركون في المعارك التي تهدف للسيطرة على مدينة الفاشر، عاصمة إقليم شمال دارفور، لكن قوات الجيش السودان والحركات المسلحة المتحالفة معه أصبحت تشن هجمات منتظمة على مناطقهم، الأمر الذي أدى لمقتل ثلاثة منهم في أكتوبر الماضي.
وأكدت عائلة أحد الجنود الكولومبيين القتلى هذه المعلومات في حديثها مع الصحيفة، وأضافت أنه قتل مع عدد آخر من زملائه، كما سقط العديد من الجرحى في صفوفهم بعد أن سقطت قذيفة في منطقتهم في 30 أكتوبر 2024.
عقد عمل في الإمارات
ويشير التقرير إلى أن الأفراد العسكريين المتقاعدين الموجودين في السودان وليبيا قد عُينوا من قبل الشركة الكولومبية المسماة وكالة الخدمات الدولية A4SI.
وكان عرض العمل الذي قُدم لهم هو توفير الخدمات الأمنية للبنى التحتية النفطية في الإمارات العربية المتحدة، كما يقول التقرير.
ويشير التقرير إلى أنه وفقا لأوراق تسجيل شركة A4SI في غرفة التجارة في بوغوتا، فقد اُسست عام 2017 من قبل عمر أنطونيو رودريغيز بيدويا، الذي يقدم نفسه على حسابه على منصة “اكس” كضابط سابق في الجيش ولديه رابط مشترك مع A4SI.
وتتابع الصحيفة قائلة إن عمر انطونيو يظهر أيضا في ملفه الشخصي على منصة LinkedIn أنه يتولى منصب المدير العام لهذه الشركة.
ويشر التقرير إلى أنه على الرغم مع ذلك، ووفقا لشهادات جنديين مشاركين في هذه العملية، فإن الشخص الذي يدير كل شيء هو العقيد المتقاعد في الجيش ألفارو كيجانو، الذي يقيم في دبي.
وتضيف الصحيفة أن اسم “ألفارو” لم يظهر في المحضر الذي رُوجع في غرفة التجارة في بوغوتا.
ويمضي التقرير إلى القول بأن هناك دور غير مرئي لدولة الإمارات في هذه التعاقدات، نظرا إلى أن الإمارات سبق وتعاقدت مع جنود من كولمبيا للقتال بجانب قواتها في حرب اليمن، كما أن لدولة الإمارات عسكريين على الأرض يقدمون الاسناد لقوات الدعم السريع.
واستشهد التقرير بالتزامن ما بين قصف الجيش السوداني لمطار نيالا وإعلان الإمارات عن مقتل أربعة من عسكرييها في ذات الوقت.
2066 إلى 3400 دولار
ويؤكد التقرير أن الضباط الكولومبيين السابقين أجبروا على ملء نموذج السيرة الذاتية والتوقيع على بند السرية من شركة مجموعة الخدمات الأمنية الدولية، وهي “أول شركة أمنية خاصة في الإمارات تحصل على رخصة أمنية مسلحة”.
وتتابع الصحيفة أنه عند وصول الجنود الكولومبيين إلى محطتهم الأولى في دبي أو أبو ظبي يتم التعاقد معهم برواتب شهرية تتراوح ما بين 2600 دولار للجندي إلى 3400 دولار لضباط الصف ومن ثم ينقلون إلى بنغازي.
وحسب شهادات لعسكريين سابقين، تحدثوا للصحيفة، فإن الشركة تعمل على أن يصل عدد الجنود الكولومبيين في السودان إلى ما بين 1500 إلى 1800 جندي.
وتقول الصحيفة إن وزارة الخارجية الكولومبية رفضت، عند الاتصال بها، تقديم أي معلومات عن مصير جثث الجنود الثلاث الذين قتلوا نهاية أكتوبر الماضي ولم يُنقلوا إلى بلادهم حتى الآن.