
مبدعي بلادي كيغرهم من جموع الشعب السوداني (الفضل) عانوا ما عانوا من ويلات الحرب اللعينة، والتي بوحشية المعتدي البغيض لم تفرق بين جندي ومواطن وكأنها إندلعت بهذا الشكل العدواني المزدوج لتؤكد حقيقة المصير الواحد
لشعبنا وجيشنا والذي توثقه المقوله الشعبية العتيقة ( جيشاً واحد شعباً واحد )
وأذكر فيما أذكر وضمن جملة مهاتفات تفقدية في الأيام الأولى للحرب (فراقة الحبايب) أجريت إتصالاً هاتفياً برئيس جمهورية الحب الشاعر الرقيق العميق “إسحاق الحلنقي ” للإطمئنان على أحواله ومن حوله و سألته عن المبدعين من أبناء مدينة كسلا ومن التجئوا إليها من نجوم وسألته عن (العنبة الرامية فوق بيتنا)وعن
(الطير الخداري و القاش وشمس الصيف)
طمأنني عليهم وعلى كل من تضمهم
(كسلا الوريفة الشاربة من الطيبة ديمة)
ولما سألته عن المطرب الفنان الكبير
“كمال ترباس” أخبرني بأنه مازال في الخرطوم لم يبارحها منذ إندلاع الحرب، وبعدها مباشرة إتصلت على النجم “ترباس” أكثر من مرة فلم يرد على إتصالى على غير العادة فانتابني شيء من القلق وتوجست خيفةََ ، فبعثت له بهذه الرسالة النصية :
يا نجم النجوم طمنا عليك.. !!
كيف أحوالك، عرفت من “حلنقي” إنك مازلت موجود في العاصمة الخرطوم..؟!
الخرطوم التي كانت تمثل ( دار السلام )
فصارت الأن في (عز الجمر) والدانات والراجمات من حولها تمر… ؟!
حقاً يا صديقي إنها ( طبيعة الدنيا ذي الموج تشيل وتؤدي .. وظروف بتعدي)
و( ياريت ياريت) بعد معاناة شعبنا ، من هذه الحرب اللقاسية يتعافى وطنا الجريح وتسمعنا يا جميل ( ألحان الربيع)
و ( إن شاء الله لي تسلم)،(إنت المهم)
بعد وصول رسالتي بدقائق معدودات
تلقيت المهاتفة المتوقعة من أخى و صديقي
“كمال ترباس” وخلالها طمأنني على صحته وعلى حال وأحوال ( ام درمان) و(الخرطوم) ومن فيها ونقل إلى خبر حزين حيث قال لي حينها إنتقل قبل قليل الى رحمة مولاه بمستشفى السلاح الطبي ملك الروائع اللحنية سعادة الجنرال الموسيقار
“عمر الشاعر” لحظتها زرفت دموع مكبوتة بي حسرة وضياع ولعنت الحرب ومن أشعلوا نيرانها لأنهم حرمونا من المشاركة في مراسم وداع العديد من المبدعين نجوم الوطن الذين إنتقلوا إلى دار الخلود في هذه الأيام العصيبة ودعوت بالرحمة والمغفرة لجنرال الألحان عمر الشاعر الذي رفد المكتبة السودانية الصوتية بالمئات من الروائع اللحنية الغنائية أبرزها القصر الذي تم بناءه بغلاوة الريد ولذلك ظل صامداً خالداً في ذاكرة الوجدان السوداني لم ولن ينهد، (قصر الشوق)، إضافة إلى اخريات جمعته إبداعيا بالشاعر القدير “التجاني حاج موسى” والمطرب الكبير العندليب الأسمر الراحل المقيم “زيدان إبراهيم” حيث شكلا معاً مثلث إبداعي متساوي الأضلاع
ومشع بالإبداع والإمتاع والإقناع
شرود ضوئي أخير :
نأمل أن تنتهي الحرب قريباً وتعود العاصمة الخرطوم بأكملها إلى حضن الوطن ويعود إليها مبدعيها تهفوا ليهم الأمنيات و تزهوا بيهم الأمسيات ونعيد الكان حليل الكان.
و ياريت تعود أيامنا ونكمل المشوار ..!!
…
شارد الضوء
عامر باشاب