الخرطوم _ عزة برس
لاحظ كثير من المتابعين للشأن السياسي تعدد خطابات رئيس مجلس السيادة بين يدي وصول العملية السياسية لمراحلها النهائية الحاسمة والتي كان كثير من الناس يرون استحالتها في وصول المكون المدني وتياراته السياسية الي توافق يقود الي استعادة مسار الانتقال المدني الديموقراطي للبلاد ! وقد أشار المراقبون مع كثرة هذه الخطابات وتقاربها الي ما حوته من تناقض كبير بحيث يؤكد فيها الشئ ونقيضه في ذات الوقت! وعزاها كثيرون الي الاضطراب او الارتباك نتيجة نجاح الاطاري الذي يقود لتوافق ينهي سيطرته كالرجل الاول في الدولة وما يعلمونه من رغبة خفية في البقاء والتشبث بكرسي السلطة!
في خطابه بمنطقة الكتياب صرح البرهان : “اذا دخل الجيش في السياسة تخرب البلاد وإذا دخلت السياسية في الجيش تخرب الجيش، ونريد إبعاد الجيش ونقول للسياسيين ماف زول يزايد باسم الجيش”. مؤكدا في ذات الوقت بأنهم قبلوا بالاتفاق الإطاري لجهة أنه يعالج مشاكل كثيرة منها العدالة الانتقالية وتوحيد الجيش !وفات علي البرهان بحسب المتابعين؟ ان مايقوله هو نفسه سياسة تزج بالجيش الي معتركها الذي يصرح بانها سوف تخربه لذلك لابد من ابعادها منه! وهاهو حين سنحت الفرصة لابعاد الجيش نتيجة لنجاح الاتفاق الاطاري ، يعمل لارباك المشهد السياسي وتعطيل الوصول لتوافق يقود الي ذلك!
ومضى لشعوره بهذا التناقض الذي أحسه الجميع ليقول : “في ناس بقولوا إن البرهان من يمشي لأهله تتغير مواقفه وتزيد وهذا صحيح ويمكن أن تزيد عشر مرات!” لهذا يلمس الخبراء وحتي المواطنين العاديين ، اضطراب وتناقض خطاب البرهان! الذي جعله نفسه يصرح بذلك، لانه تناقض فاضح في خطاب القيادة وخاصة انه اصبح يتكرر بمعدلات متسارعة! استنادا لتوظيف الجيش سياسيا، بينما يحاول القول بضرورة ابعاد الجيش! وهو في كل خطاب يعمل علي توظيف الجيش سياسيا ، في تناقض واضح اثار دهشة السامعين بما جعلهم يستيقنون ان هناك مايتم اعداده في الخفاء وما هذا التناقض الا دلالة علي الاضطراب الناتج من الشعور بعقدة الذنب لعدم الايفاء بما يتم الاتفاق عليه فيما بينه وبين المكونات الاخرى الامر الذي يعد ذلك نية مبيتة منه بالتنصل والتراجع من الاتفاق الاطاري! لشعوره انه سوف يجرده من سلطاته التي يتمتع بها الان كحاكم اوحد دون هياكل للسلطة تشاركه القرار!
ويرى المتابعين ان الاطاري الذي يوحد الجيش مثلما قال البرهان بدمج الدعم السريع ، تحدث ايضا عن هيكلة الجيش واصلاح المنظومة الامنية ! لاستحالة دمج اي قوات الان في الجيش، بشكله الموروث ماقبل الثورة! بما يحتم ضرورة هيكلة الجيش اولا ليكون مهيأً لاستيعاب عناصر مسلحة جديدة ، سواء من الدعم السريع او الحركات المسلحة! وان الاطاري لم يغفل عن اصلاح الجيش وهيكلته، لهذا يرى الخبراء ان الحديث عن دمج قوات لها وضعها القانوني!والتشريعي الذي!يجعلها علي الاقل في حال افضل من عناصر الحركات المسلحة الاخرى ووجودها غير المقنن ، بما يجعل من باب اولى الحديث عن دمجها قبل الدعم السريع، او يكون الحديث حول دمج الدعم السريع سياسيا بامتياز،ومقصود لذاته! ومهما يكن من امر ، فان الجميع يعلم ان دمج الحركات هو امر منصوص في بند الترتيبات الامنية في اتفاق جوبا وليس هناك داعي الى ابتكار اي جديد فيما يجب ان يتم في امر حدد سلفا وتم الاتفاق عليه لانه سوف يكون بلا محصلة ، الا اذا كان للتوظيف السياسي والاستهلاك اليومي ، هذا ان لم يكن بِنِيَّة الاستعداء وتفجير الاوضاع وعودة البلاد الي ازمتها التي تعمل للخروج منها!