السودان ورغم مساحاته الشاسعة جدا والصالحة للزراعة ومن ثم الرعي وانتاج الثروة الحيوانية، فضلا عن موارد اقتصادية حباها به الله سبحانه وتعالى ما جعله محل مطامع العالم أجمع وما التكالب الأجنبي عليه الآن إلا نتاج قيمته الأقتصادية وموارده المهولة التي لا يعرف قدرها أهله ما يوردها البوار نتيجة الإهمال والعزوف عن استثمارها.
صحيح ان ذات الأقتصاد يقف عقبة في سبيل تطويعه لظروف متناسلة ومتفاقمة تضلع فيها ومن أسف الدولة نفسها تارة بالإحجام عن المساعدة وتارة بوضع مثبطات للهمة كالجبايات وكهربة المشاريع وغيرها، لذا نجد قلة من من يتصدون لهذا التحدي وبشجاعة يحسدون عليها ولعل من بين اولئك مجموعة شركات (فيض النعم) التي يتمخض عنها مشروع ضخم حدادي مدادي توفرت له امكانيات مهولة تستوعب حجمه، يقف على رأسه شاب طموح يدعى “عمر عثمان النمير” ورفاقه.
مشروع هؤلاء الشباب يقع عند الكيلو 125 في طريق شريان الشمال ومنه نحو عشرين كيلو غربا، وانت تمر بها لا يخطر ببالك ان بين هذا السهل والشجيرات والكثبان الرملية يمكن ان تتوفر حياة نابضة وقد شجت باطن الأرض ليتمخض عنها نباتا يسهم في رفد الأقتصاد السوداني الذي تعتبر الزراعة احد ازرعه.
وقطعا لم يتأتى الأمر بسلاسة في بلد يعاني ويلات التعقيدات على كافة الصعد ليصبح القائمين على أمر هذا المشروع العملاق كمن نحتوا في الصخر أو طوعوا الرمل.
ومشروع فيض النعم محل زيارتنا يتمدد في مساحة قوامها ( ٢١٣ ) الف فدان، يتجول فيه 35 محور، ملحق به مصنع عند الجزء الشرقي لانتاج الإعلاف التي تعمل على تسمين المواشي وبالتالي المساهمة في خفض أسعار اللحوم من خلال التسويق المحلي وما فاض عن ذلك يتم تصديره، هذا الى جانب مشروع إستزراع الأسماك.
ولأن المشروع سبق وان تعرض لخسارة جراء عمله بالديزل في وقت كان يعاني فيه شحا، فضلا عن إشكالات الميناء التي عطلت مئات الحاويات حد إتلاف ما بباطنها، كل ذلك وغيره عرض المشروع لخسائر فادحة رغم الإنتاجية العالية ما ادى لتوقفه برهة من الزمن ولكن ذلك لم يثني صاحبه والمجموعة من المحاولة مجددا لكن هذه المرة عبر الطاقة الشمسية فكان العود أحمد والمياه تشق طريقها وتروى الأرض يرفعها 35 محور ليسقى أجزاء منها بينما شرع في بقية المساحات التي تنتشر فيها الواح الطاقة الشمسية والمحاور.
زار المشروع أمس عدد مقدر من ذوي الصلة وبخلاف العاملين بالمشروع كان هناك رجال أعمال من داخل وخارج السودان بينهم أجانب حضروا للوقوف على التجربة، فضلا عن مدراء بنوك وممثلين للأجهزة الأمنية.
وزيرا الثروة الحيوانية والزراعة وممثل الوالي كانوا على رأس الحضور تكبدوا مشاق الطريق للوقوف على المشروع الذي وصفوه بالتحدي واشادوا بالمدير العام عمر النمير معتبرين ان ما اقدم عليه يعد شجاعة منه منقطعة النظير في ظل هروب مستثمرين وطنيين خيفة المغامرة في هكذا مشاريع ضخمة تحت ظل ظروف اقتصادية بالغة التعقيد. وربما ما قال به ابرزته الصورة الحية للأراضي المملوكة لأشخاص على امتداد الطريق وحول المشروع التي ينعق فيها البوم وتتجرد من مظاهر الحياة.
وزير الثروة الحيوانية أكد ان المشروع بشقيه الزراعي والحيواني يتسق مع سياسة الدولة والوزارة ووعد بتقديم الدعم الفنى وكل ما يدفع بالمشروع للأمام وكذا وزير الزراعة.
الوفد الذي زار مشروع فيض النعم حظي بكرم حاتمي واستقبال فخيم عززه الطرب الأصيل وصوت الفنان الرائع فرفور ينعش المكان الذي دبت فيه الروح واحيل سكونه الى ضجيج والعاملون المقيمون بالمشروع يفرغون صمتهم ويكسرون رتابة أيام بين السهول بهكذا يوم.
حقا التجربة حرية بالفخر وليت الدولة تولى هذا المشروع وغيره اهتماما واسعا كونه يسهم في رفد الأقتصاد ويحقق بعضا من الإكتفاء الذاتي، فالكثيرون ربما ينتوون خوض التجربة لكنهم يخشون غمارها لأسباب معلومة، لكن فليكن للدولة وملاك الأراضي في فيض النعم إسوة