المقالات

ويستمر الفصل و التشريد ، من ؟ ولمصلحة من ؟ عمار العركي

* بالأمس ضجت الأسافير والمواقع الإخبارية بخبر مفاده أن المحكمه العليا الخاصة بالفصل في قضية ضباط الشرطة المحالين للمعاش في ٢٠٢٠ قررت رفض الطلبات المقدمه من وزاره العدل ورئاسة الشرطه المتصلة بوقف تنفيذ قرار اعادة الضباط،، وإدانة مدير عام الشرطه وزير الداخليه المكلف بتغريمه مبلغ ١٠٠ الف جنيه يوميا لحين التنفيذ علي ان تدفع من (ماله الخاص وليس من مال الشرطة)، كما حددت جلسة في ٢ /١٠ لمتابعه التنفيذ وتوقيع جزاءات اضافية في مواجهة الوزير حال الممانعة او المماطلة في التنفيذ، فيما وجهت المحكمة العليا بمنح الأذن لمقاضاة مدير الشئون القانونيه اللواء سفيان عبد الوهاب

* بداية ، الخبر يؤكد على أن القضاء السوداني أثبت صموده وثباته أمام ما أصاب مؤسسات الدولة ما أصاب ، فى ذات الوقت أثبت بما لا يدع مجال للشك بأن الشرطة ووزارة الداخلية والمختصة بحماية وصيانة وبتطبيق وتنفيذ القانون وفق توجيهات وقرارات القضاء ، وفى حالة تنازع اغرب من الخيال ، وغير مفهومة ولا منطقية تمانع الشرطة والداخلية من تنفيذ قرار المحكمة العليا فى سابقة قضائية لن تجد لها مثيل فى مجلة الأحكام القضائية السودانية .

* معلوم في كل بلاد الدنيا أن التنازع والتقاطع القانوني يكون بين السلطات الثلاث ، تشريعية ،قضائية، تنفيذية التى تمثل كيان وشرعية الدولة – فيما بعد أضيف لها الصحافة تشريفياً وفخريا – إعترافاً بدورها الفاعل والإيجابي فى أبداء الراى الصائب ،والنقد البناء والإسهام بالراى و “الشورة” لجانب الدستور فى “الفصل” بين السلطات والنزاع الذى،ينشأ بين السلطات الثلاث ،
* ولكن اليوم نحن بصدد حالة قانونية وسابقة قضائية تجسد حقيقة التردئ والتدهور الذى أصاب مؤسسات الدولة السُودانية لدرجة أن يقوم مدير عام الشرطة والذى هو وزير للداخلية بعدم تنفيذ قرار المحكمة العليا مما إضطر الأخيرة لإيقاع العقوبة المنصوص عليها عاليه.

* الخبر الذى نحن اليوم بصدد تحليله يحتاج منا لمجلدات تحكي عن قصة (1060 ضابط فصلوا شفاهة) غُدر بهم بليل أثناء قيامهم بواجباتهم الشرطية و الروتينية والتى تنصب فى خدمة الشعب إيفاءا وإلتزاما بقسمهم المهني ، ولم يدر في خلدهم بأن يغدر بهم “شفاهة” فى “ظروف غامضة” و”من جهة مجهولة” ، فتحملوا الغدر والطعن في صبر وحلم وسلكوا المسلك القانوني والاجرائي والحضارى منذ الفصل الغير قانونى فى 2020 وحتى قال القضاء كلمته النهائية ، كيف لا وهم رجالاته ورعاته وحُماته. بدورنا صمتنا وسكتنا حينها عن أى تعليق او إبداء أى تسأؤلات وإن كانت مشروعة إحتراماً لرغبة وتوجه الضحايا الذين سلكوا مسلك القضاء وحتى لا نؤثر فى سير قضيتهم والتأثير على العدالة ، ومن جهة أخرى فالقضية فى أصلها بالغة الحساسة لتعلقها بممارسات قرارات لمؤسسات سيادية وعدلية وشرطية ، على أمل يقول القضاء كلمة الفصل والعدل وقد كان ذلك بقرار المحكمة العليا النهائى وبعد إستنفاد كل درجات التقاضى وصولا إلى حجية الأمر المقضى فيه وإلزامية تنفيذه قبل 8 سبتمبر الجارى.

* عقب قرار المحكمة المنصف والعادل ، خرجنا من حالة الصمت و الصبر الطويل على إجراءات العدالة العمياء وبطئية بهدف الوصول الى العدل اليقينى ، وذلك عندما وجدنا أن السلطة القضائية ا حققت نصف العدالة بانصاف المضرر وجبر الضرر ، لكنها لم تخبر عن من الفاعل ؟ ولمصلحة من ؟ ولماذا تمتنع الشرطة والداخلية عن تنفيذ قرارات المحكمة العليا ؟ مما جعلنا نلجأ الى “سلطة الصحافة” وكان مقالنا المنشور في،هذه المساحة الموسوم بعنوان ” التشريد ، خاصة الكفاءات ، من ؟ ولمصلحة من ? بعدها ، قام الاستاذ الصحفى “العيكورة” واستبق مآلات الأحداث.كعادته مقدماً النصح و”المشورة” للسيد وزير الداخلية قبل اربعة وعشرين ساعة من قرار المحكمة ، محذرا ، وناصحا ، ومشيراٌ للسيد الوزير على باب الخروج الآمن ، وفى ذلك “تجسيد وبيان بالعمل ” لدور الصحافة كسلطة رابعة داعمة وبناءة ، ولكن يا “العيكورة الشينة منكورة.”

* السيد الوزير لم لم يصغى للنصح الا ضُحى قرار المحكمة ، وأصبح يحمل صفة “مدان ومُلزم بدفع غرامة تعويض عن كل يوم تأخير فى التنفيذ ، قدرها 100 ألف لصالح كل ضابط تقدم بالطعن ، وعددهم 190 من جملة ال،1060ضابط ، بمعنى السيد الوزير مُلزم بسداد مبلغ
1.900.000 يوميا ، ومن ماله الخاص ، وهذا فى حد ذاته مأزق ، فلو قام بالسداد يدخل فى دائرة السؤال من اين لك هذا ؟ واذا لم يدفع يُحجز على مرتبه وماله وان لم يفى بالمبلغ ، تزال حصانته ويدخل” الرج ” وكله بالقانون ووفق القانون ، وهذا.ما حذر منه العيكورة ونصح ،

* الآن على القضاء السُودانى تأكيد مؤكد العدل والإستقلالية المُطلقة بإكمال دوره العدلى والإستقلالى وتحديد الفاعل والمتسبب وصاحب المصلحة فى كل هذا التجاوز القانونى والإدارى إن كان بسؤ نية أو حُسنها.

* أما السيد مدير عام الشرطة ووزير الداخلية المدان والمغرم ، كان جديرا به الخروج على الناس ببيان وتوضيح لموقف الشرطة والداخلية فيما يتعلق بالتعدى على حق وصلاحية مدير عام الشرطة في فصل أفراده دون علمه ، ولماذا تقوم إدارة الشرطة القانونية رفض وإسئناف قرار عودتهم بدلأ من الضغط والملاحقة لمعرفة من الذى انتحل صفة حق الفصل ؟ وكوزير داخلية مطلوب توضيح حقيقة عدم خضوعك وإمتثالك لقرار القضاء القاضى بتنفيذ عودة الضباط المفصولين عشوائيا وشفاهة ، وهذه التوضيحات ضرورية وواجبة حتى تحافظوا على إسمرارية قيمة احترام وانصياع المواطنين لقوانين ولوائح الشرطة المنظمة لحياتهم ومصالحهم ، فمن لا يحترم وينصاع للقضاء ، لا يطلب ان يحترم وينصاع لقضائه، ودون ذلك سيدى الوزير ، من الأسلم لك والداخلية والشرطة.حفظ ما تبقى من ماء الوجه بالإستقالة قبل أن يندلق على الأرض جراء الإقالة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *