في اخطر تصريحاته علي الاطلاق كشف الفريق اول عبدالفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة عن اختراقات في امننا القومي نتيجة اتصالات يجريها (سياسيون) بالسفارات والمنظمات والاجانب يفشون خلالها اسرار الدولة لتحقيق مارب شخصية..
رئيس مجلس سيادتنا المخترقة البرهان قال وبالحرف الواحد في فيديو منتشر علي منصات التواصل الاجتماعي: إن بعض السياسيين يملكون الاجانب معلومات تهدد كيان الوطن، ويسعون من خلال تلك المعلومات لتحقيق مصلحة شخصية.
يعلم جل السودانيين المتابعين ليوميات وتطورات السياسة ان بلادنا باتت ساحة للنشاط الاستخباراتي المكشوف، يتابعون تدخل سفارات اجنببة في شاننا بجراة زائدة ان لم نقل وقاحة بائنة ، ويستشعرون كيف ان بلادهم باتت مرتعا خصبا لتوالد العملاء ممن بامكانهم بيع كل شئ مقابل حفنة من الدولارات، وان سيادة وطنهم باتت مهددة ومخترقة بدناءة بعض من تديرهم المخابرات والسفارات الاجنبية ب( الريموت كنترول).
حديث البرهان ليس جديدا اذ كان يدور همسا داخل الاجتماعات المغلقة ، وتتداوله مجالس المدينة بكثير من الحسرة والاشفاق والاحباط، الخطير في الامر خروجه هذه المرة من اعلي سلطة سيادية في البلاد ، من جنرالها الاول وقائد جيشها ( الحارس مالنا ودمنا)، اعلنه رئيس مجلس السيادة المنتهكة ، ومنحه ختم الدولة وتوقيع ربانها، فاصبح اقرارا رسميا من الحكومة السودانية بان امنها القومي مهدد باتصالات تجريها اطراف داخل الملعب السياسي بالاستخبارات الخارجية والسفارات الاجنبية..
كنت قد توجهت بسؤال في هذا الخصوص لسعادة الفريق منور عثمان نقد نائب رئيس هيئة الاركان خلال مؤتمر صحفي عقده الاربعاء الماضي داخل مبني القيادة العامة في الخرطوم، لم ينف الرجل كذلك وجود نشاط استخباراتي يهدد امننا القومي قال ان القوات المسلحة ترصده وتتابعه وتتحري خطواته من باب اليقظة التي عرفت بها في متابعة مثل هذه الانشطة..
اذن عمالة بعض السياسيين للسفارات والاستخبارات الاجنبية بات واقعا موثقا بافادات من اعلي سلطة في الدولة، لن تنتطح عنزتان في ان الفريق البرهان لم ينطق بما قال الا بعد ان توفرت لديه ادلة وبراهين تدعم مصداقيته وهو يطلق هذا التصريح الخطير، السؤال الذي يطرح نفسه بالحاح، لماذا لم تقم الجهات المختصة بمحاكمة المتورطين في قضايا التخابر وافشاء اسرار الدولة وتهديد الامن القومي طالما انها تضع يدها علي مثل هذه الحقائق الصادمة والاتهامات الموثقة، لماذا يترفق البرهان بامثال هؤلاء الذين يعرضون الوطن وامنه للبيع مقابل تحقيق اجندتهم الشخصية، ولمصلحة من يتم التستر علي ارزقية السياسة ونشطائها الذين باعوا ضمائرهم في مزادات العمالة والكسب الرخيص.
اليس غريبا ان يعلن البرهان مثل هذه الحقائق والاتهامات دون ان يكشف للشعب السوداني اسماء العملاء، ويخبره عن الخطوات والاجراءات القانونية التي اتبعها في مواجهة من ثبت تورطهم وعمالتهم للسفارات والاستخبارات الاجنبية..
ماذا بقي للسياسي حينما يكتب علي واجهة عرضه الرخيص ( وطن للبيع)، وكيف يحدثوننا عن البناء والتغيير وهم يتاجرون بامننا الوطني ويتخذون قضايانا ودماء شهدائنا مطية لتحقيق ماربهم الشخصية.
لن يقبل الشعب السوداني حديث الفريق البرهان الا اذا جاء متبوعا بالاجراءات القانونية ، فليس بعد العمالة ذنب، ولاجريمة اكبر من ان تبيع وطنك في سوق الاجندة المبتذلة والمكاسب الصغيرة.
سنظل نسال سعادة الفريق البرهان، لماذا لا يحاكم هؤلاء ويتم الكشف عن اسمائهم وما يتلقونه، وكيف يقف رئيس مجلس سيادتنا الوطنية ليبث شكواه للمواطنين عن وجود عملاء وهو الذي بيده السلطة والقانون ؟!!.
اذا لم يعزز البرهان تصريحاته باجراءات قانونية رادعة في مواجهة من يثبت تورطهم بالعمالة فان البعض سيمضي لاعتبارها رسالة في بريد المتهمين من قبيل التخويف وممارسة استمالتهم عبر التكتيك السياسي، اخرون سيرونها علي طريقة الناشط السياسي امجد فريد، (فزاعة تستخدم الامن القومي للحيلولة دون اصلاح المؤسسة العسكرية) لكن سيظل السؤال الذي يفرض نفسه بالحاح حارق: طالما انك تعلم انهم عملاء للاستخبارات والسفارات ويهددون الامن القومي ويفشون اسرار الدولة.. لماذا تترفق بهم ولا تحاكمهم يابرهان؟!!.
*صحيفة اليوم التالي*