المقالات

على كل.. محمد عبدالقادر يكتب: تاور.. (ارجع تعال عود لي)!!

 

حينما بدات ذائقتنا تتشكل في فضاء الاستماع كان هديل (قمرية تاور ) يملا الافاق وهو يوصيها بالحاح ( ركي فوق الزنكي واتصنتي القضية) ، اوجعنا يومها بالطبع حال ( الزول التحت الزنكي الساجننو غير جنية) فصار بطلا متخيلا ننسج حوله الروايات والاساطير ونبحث فيه عن ايقونة الحب ومثالية المواقف، عشقنا في صوته البر الفياض ل( يمة السبب عيشة المني.. والكان زمان في حينا ، ياحليلو طول مننا وخلاني اكتب في الغنا وظروف يمة).
برز الفنان محمود تاور كظاهرة تتجاوز المالوف بصوته المحلي بحنين (الكردافة) واشواقهم ( القيافة) ، فاعتمدنا توسلاته في ( ارجع تعال عود لي رجع حنانك لي وخليني في جواك شدد حراسة علي وانا عندي اجمل سكنة عيني قصاد عينيكا )، ادهشتنا صوره التعبيرية الموغلة في تجسيد حالة الغدر للمعشوقة المجرمة ال ( البتضحك وتقتل بنفس الملامح )، لم اجد في الادب المبذول علي مدارج الاستماع والاطلاع ما حمل هذه الشحنة العالية من التشريح النفسي لمحبوبة تمارس القتل والضحك بقسمات وطريقة واحدة و( منو هسة غيرك مصابك سميرك احاول احدد مصيري ومصيرك واقول يمكن يقدر يحاسبك ضميرك).
ما اجمل تاور حين ينسل من من لواعج ( الوتر المجنون) في ليلة عرس سمراء مع ( ختوا لي الحنة والوتر جنا )، و(يسهرج) مع حمي العشق ولا ينسي في قمة تنهدات ارتفاع حرارة المشاعر و كل شئ ان يخبرها ( يمة يمة دة ريد ما تقولي حمي)، من غير تاور يرفع ايقاع الطرب ويدير حواراته المموسقة من منصة ماتعة ومحملة بالاشراق الجميل في (الشمش غابت وينو القمر طيب وعين العدو وصابت نسيتني ياحبيب، ما قلت بتجي واصلك ما ناوي في الجية وانا في انتظار عينيك من الشمس حية لاجيتني متاخر فرحت عينيا، ولا حتي استنيت شان تعتذر ليا)، وهكذا محمود في سجال المودة وعتابها الشفيف ، ( ليا سنين بريدك ، ما فترت عواطفي وكل الشفت منك ما غير مواقفي).
ما اجملك يا محمود وانت تضيف للغناء السوداني نجما وصوتا عصيا علي التجاوز ، وتمنح العشق والاشواق صكوكا جديدا للتداول بين جمهور المحبين ، الطرب مخبوء في حلاوة الصوت الفريد، يغني محمود والعيون مغمضة ،الخيال سابح في مدى لا مرئي من المواقف والحكايات والاشعار ما ابهاك وانت تصدح وراسك في وضع زاوية منفرجة الاسارير، و قائمة المزاج ،ندية الحضور..
احزنني ان محمود الذي طالما تغني وابدع وحمل امزجتنا علي وسائد الراحة والامتاع ، يستشفي الان بالقاهرة ، استعصت عليه جروح السكري فاختار ان يبتر الالم من اصابعه النحيلة ليعود الينا اكثر القا وتغريدا…
الف كفارة وسلامة الصديق الحبيب تاور.. مازلنا في انتظار الشهد المنثال من الحنجرة الطاعمة والصوت المغروس في ذائقتنا طربا وحنينا واحتفاءا، ( مترجين) عودتك لتواصل فمثلك خلق ليغني.. وقدرنا الجميل ان نستمع اليك ونستمتع بغنائك ومودتك واخائك ، اتذكر جيدا حضورك الطاغي في كل افراحي، نبلك الكبير ، وانت تعاتبني عقب غنائك في زواج احد الاصدقاء ، ندفع كم يا محمود ، فتجيبني غاضبا: عييب يا استاذ ، فاصر وتهددني بالمقاطعة اذا تماديت .. علمت بعد ذلك انني لم اكن وحدي فقد درجت علي ان تغني دون مفاصلة او حديث عن العداد..لله درك ياحبيب وانت فنان من الزمن الجميل ندعو لك بالشفاء العاجل .. اللهم شفاء لعبدك تاور لا يغادر سقما…

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *