مقال

د. هيثم محمد فتحي يكتب: الفاشر.. مدينة منكوبة تواجه حصاراً خانقاً وانهياراً اقتصادياً وإنسانياً شاملاً

تعرضت مدينة الفاشر وما حولها لتدمير ممنهج منذ اندلاع حرب الخامس عشر من أبريل، ما أدى إلى خروج منشآت حيوية عن الخدمة، من بينها المستشفيات والمدارس، نتيجة القصف والاستهداف المتكرر. وتحوّل عدد كبير من الأحياء السكنية إلى مناطق غير قابلة للعيش، فيما يعتمد أغلب السكان اليوم على المساعدات الإنسانية التي شملت نصف عدد السكان تقريباً، غالبيتهم من الأطفال والنساء وكبار السن.

وقد ارتفعت الاحتياجات الإنسانية في الفاشر وشمال دارفور إلى مستويات غير مسبوقة، خاصة بعد الاجتياح الأخير من قبل المليشيا، مما أدى إلى تراجع حاد في تدفق المساعدات ونقص حاد في الغذاء والمياه والخدمات الأساسية.

وترتبط الأوضاع الإنسانية المتدهورة ارتباطاً وثيقاً بتداعيات الانهيار الأمني والاقتصادي في المنطقة، إذ تشهد الفاشر ومحيطها ارتفاعاً كبيراً في الأسعار وتضخماً متسارعاً، مع انخفاض القوة الشرائية لمعظم الأسر، خاصة النازحين الذين يعيشون في ظروف قاسية داخل المخيمات. وتُعد المنطقة من أكثر المناطق كثافة سكانية، وغالبية سكانها تحت خط الفقر، فضلاً عن دمار شامل للبنية التحتية نتيجة سنوات من الاضطراب السياسي والأمني.

كما تواجه الاستثمارات الوطنية وحركة التجارة في دارفور عموماً وشمالها خصوصاً تعثراً واضحاً بسبب غياب الأمن واستمرار العمليات العسكرية. ويُعد موقع الإقليم الجغرافي من العوامل الاستراتيجية المؤثرة في ميزان الصراع، لكونه يربط السودان بكل من تشاد وليبيا وأفريقيا الوسطى وجنوب السودان، وهو ما يمنح المليشيا مجالاً للتحرك وتأمين الإمدادات والدعم عبر الحدود.

وفرضت مليشيا الدعم السريع حصاراً خانقاً على مدينة الفاشر، أغلقت خلاله الطرق ومنعت وصول البضائع والمساعدات الإنسانية، مما أدى إلى أزمة طاحنة في الغذاء والدواء والوقود. وتحولت المدينة إلى جزيرة معزولة بلا اتصالات ولا إمدادات، بينما تستمر المعارك بشكل شبه يومي في أطرافها، ما ينذر بمزيد من التدهور الإنساني والاقتصادي الخطير في الأيام المقبلة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *