
بورتسودان – محمد مصطفى
طالب خبراء ومختصون واستراتيجيون الدولة بضرورة تبني رؤية واضحة لإدارة ملف سد النهضة وتداعياته على البلاد، مشيرين إلى أن الدراسات التي أُجريت على السد بعد اكتمال بنائه وتشغيله، جعلت منه واقعًا يتطلب التعامل معه وفقًا لمصالح السودان، خاصة فيما يتعلق بالاستفادة من الكهرباء التي ينتجها، والتي لا يمكن تصديرها إلا عبر الأراضي السودانية.
وأضافوا أن تأثير السد المباشر وغير المباشر على السودان يكمن في سلامة بنيته وطرق ملء الخزان خلال سنوات محددة، بما لا يؤثر على حصة السودان من مياه النيل. وشددوا على ضرورة التوصل إلى اتفاقيات شاملة بين السودان ومصر وإثيوبيا، تضمن الاستفادة القصوى من إنشاء السد في تطوير مشاريع زراعية بالمناطق السودانية المتاخمة له.
وكشف الدكتور هاني أحمد تاج السر، الخبير في القانون الدولي العام، عن وجود تأثيرات مباشرة على السودان نتيجة قيام سد النهضة، مشيرًا إلى أن عدم الإخطار المسبق بعمليات التشغيل يؤثر اقتصاديًا واجتماعيًا على البلاد. وأوضح أن السودان أجرى تعديلات على تصميم السد، استجابت لها إثيوبيا، وبلغت تكلفتها أكثر من ملياري دولار، مؤكدًا أن منطقة السد الواقعة داخل الحدود السودانية لم تتأثر بالزلازل أو الانفجارات البركانية.
من جانبه، أكد الدكتور الرشيد محمد إبراهيم، مدير مركز دراسات العلاقات السياسية الدولية، أن السودان لن يفرّط في حقوقه المتعلقة بسد النهضة أو أي مسطح مائي تحكمه القوانين الدولية، والتي أجازتها الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2017. وأشار إلى أن السودان يتعامل مع ملف المياه وسد النهضة باعتباره قضية أمن قومي، ويُدار برؤية واضحة ومنهجية دقيقة، مضيفًا أن السودان يُعد من دول المنبع وليس المصب، لما يضمه من أنهار وروافد تصب جميعها في نهر النيل.
وشدد د. هاني تاج السرخلال جلسة نقاش حول تشغيل السد على أهمية التنسيق في المعايير البيئية داخل حوض النيل، مستندًا إلى نصوص اتفاقية فيينا بشأن المياه، ومؤكدًا أن منظمة الوحدة الأفريقية وافقت على مبدأ التوارث في مياه النيل.
وأشار إلى أن الحقوق التاريخية في اقتسام المياه يجب أن تكون ملزمة، محذرًا من وجود جهات خارجية تسعى لتحويل إثيوبيا إلى مركز اقتصادي أفريقي، وذكر وجود شراكة إسرائيلية إثيوبية، محذرًا من الآثار السلبية للسد، مثل الزلازل، والجفاف المائي في الصيف، والفيضانات في موسم الخريف، والتي قد تؤدي إلى إغراق مناطق مثل الخرطوم والجزيرة، مشددًا على أهمية حماية السد من أي خرق محتمل.
من جهته، أكد الدكتور عبد الله محمد علي بلال، المهتم بالشأن الأفريقي، ضرورة تنفيذ البنود العشرة التي تم التوافق عليها بين دول حوض النيل، مشيرًا إلى عدم التزام الجانب الإثيوبي بما تم الاتفاق عليه، بما في ذلك إعلان المبادئ.
وأضاف أن السودان سيتضرر كثيرًا في حال عدم التوافق على المعلومات المتعلقة بملء وتشغيل السد، مشددًا على ضرورة الحفاظ على حقوق السودان المائية وضمان عدم تأثره من تشغيل السد.
وقدم الدكتور الرشيد إبراهيم ورقة بعنوان “الإطار الاستراتيجي لتشغيل سد النهضة”، مشيرًا إلى أهمية التوافق على المبادئ العامة لإنشاء السد، مؤكدًا أن السودان يمكن أن يستفيد من السد في مجالات توليد الكهرباء وري المشاريع الزراعية.
وفي السياق ذاته، قال الدكتور عامر حسن إن إدارة ملف سد النهضة يجب أن تُنظر إليه من زاوية الفوائد التي يمكن أن تعود على السودان، خاصة وأنه دولة منبع وليس مصب. وأشار إلى أن قيام السد أصبح أمرًا واقعًا، وأن التعاون يجب أن يشمل الدول الثلاث: السودان، مصر، وإثيوبيا، لا سيما في مجالات الربط الكهربائي. وأضاف أن ملف سد النهضة يجب أن يُدار وفقًا لمصالح السودان والفوائد المرجوة منه.
.