
تقرير _ عزة برس
وسط الأزمة الاقتصادية الخانقة التي يمر بها السودان، رصدت “عزة برس” تقارير صحفية تحدثت عن قضية تجاوزات داخل هيئة الجمارك، تُقدّر خسائرها بنحو 10 تريليونات جنيه سوداني، وتُشير أصابع الاتهام فيها إلى شركة M.S.T Trading، وتُعد هذه القضية أكثر من مجرد ملف مالي، إذ أصبحت اختبارًا حقيقيًا لمدى جدية الدولة في مكافحة الفساد، خاصةً في ظل ظهور دلائل على تورط مسؤولين نافذين وعلاقات رفيعة المستوى سعت للتغطية على هذه التجاوزات.
*وثائق ضائعة وتلاعب فج
المراجعة الأولية كشفت المستور:
من أصل 55 شهادة جمركية، لم يُفحص سوى 15 شهادة فقط.
الفحص الأولي بيّن فرق تحصيل قدره 2.5 تريليون جنيه.
الأخطر أن 45 شهادة مفقودة، يُقدّر أن التلاعب فيها يتجاوز 7 تريليونات جنيه.
وتتهم مصادر ميدانية مخلّص الشركة – وهو موظف جمارك سابق – بإتلاف هذه الشهادات، ما يطرح سؤالاً مشروعاً: كيف سمحت المنظومة الجمركية بخروج وثائق بهذا الحجم من السيطرة؟
*امتيازات مشبوهة لتخفيض الجمارك
المدخل الأساسي للقضية كان منح الشركة تخفيضاً جمركياً بنسبة 30% على شحنات هواتف محمولة، بينما هذا الامتياز ينبغي ان يخصص حصراً للسلع الأساسية كالأدوية مثلا.
وبهذا الاستثناء:
احتكرت الشركة سوق الهواتف المحمولة في السودان.
ضاربت على سعر الدولار عبر تهريب الأرباح للخارج.
خلقت تشوهاً في السوق جعل أسعار الهواتف خارج قدرة المواطن العادي.
*تسليم البضائع.. القشة التي قصمت ظهر اللجنة
ورغم ضخامة المخالفات، أقدم رئيس لجنة التحقيق (ع. أ) على تسليم البضائع المحجوزة للشركة قبل اكتمال مراحل التحقيق.
هذه الخطوة اعتبرها قانونيون مخالفة صريحة لإجراءات التحقيق. كما فتحت باب التساؤلات: هل هناك ضغوط سياسية لإغلاق الملف؟
*أين وزير الداخلية؟
بحكم المسؤولية، فإن وزير الداخلية هو المشرف المباشر على هيئة الجمارك، ومع ذلك لم تُعلن حتى الآن أي إجراءات حاسمة:
لم يُنشر تقرير اللجنة الرسمية.
لم تُعلن هوية الضباط أو الموظفين المتورطين.
لم يُقدَّم أي مسؤول للمساءلة رغم مرور أشهر على انكشاف الملف.
*شبكة فساد أم قضية معزولة؟
مصادر اقتصادية ربطت بين٨ الشركة وبعض القيادات العليا في الدولة، مؤكدة أن النفوذ السياسي مكّنها من الحصول على الامتيازات والتهرب من الرقابة.
هذا يفتح الباب أمام فرضيتين:
1. قضية فساد منفردة مرتبطة بشركة واحدة.
2. شبكة فساد أوسع متغلغلة داخل هيئة الجمارك، تستغل الثغرات لتحقيق أرباح غير مشروعة.
*ملف ينتظر الشفافية
قضية M.S.T Trading ليست مجرد أرقام، بل هي انعكاس لأزمة الحكم الرشيد والرقابة المؤسسية في السودان.
وما لم تُنشر نتائج التحقيق كاملة، ويُحال الضالعون للمحاسبة، فإن القضية ستظل شاهداً على تواطؤ الصمت، ودليلاً جديداً على أن الفساد في السودان لا يعيش إلا تحت غطاء الحماية السياسية.
*ملاحظات
الأرقام المؤكدة (2.5 تريليون) تكفي وحدها لإدانة الشركة.
لكن الأرقام التقديرية (7.5 تريليون) تجعل القضية الأضخم في تاريخ الجمارك.
الجمع بين شهادات مفقودة، و تخفيضات غير مشروعة، فضلا عن تسليم بضائع قبل التحقيق يثبت وجود شبكة فساد مؤسسية.
أسئلة مفتوحة للرأي العام
لماذا لم تُعلن نتائج لجنة التحقيق حتى الآن؟
ما سر تسليم البضائع قبل اكتمال المراجعة؟
هل يقف نفوذ سياسي وراء حماية الشركة؟
وما الخطوات التي ستتخذها وزارة الداخلية لطمأنة الشارع؟
*خاتمة
تكشف قضية M.S.T Trading عن تشابك المال بالسلطة والإدارة داخل قطاع الجمارك، ما يضع الحكومة أمام اختبار حقيقي: هل ستُحاسب المتورطين وتسترد المال العام، أم ستُضاف القضية إلى قائمة الفضائح التي تنتهي بلا عقاب؟











