
وكالات _ عزة برس
لم تكن إيران قد تعافت بعد من الضربة الإسرائيلية والأمريكية التي ألحقت مجزرة بمنظوماتها الدفاعية الجوية، حتى باغتت الصين الجميع بدخولها المفاجئ إلى خط المواجهة بإرسال سرب من مقاتلات الشبح J-35، والتي قد تصل قريبًا إلى الأراضي الإيرانية. كابوس شبحي قادم من الشرق قد لا تستطيع حتى أقوى الرادارات الأمريكية كشفه. فما قصة هذه الطائرات التي تسعى طهران لامتلاكها؟
تقترب مقاتلة J-35 الشبحية الصينية من دخول الخدمة في إيران، حيث تُصنَّف كطائرة متعددة المهام من الجيل الخامس، وتعتبرها طهران أداة ردع استراتيجية قادرة على حماية حدودها المهددة من التوغلات الجوية الإسرائيلية والأمريكية. وتمثل هذه المقاتلة خيارًا مثاليًا للدول التي لا تستطيع تحمل التكاليف الباهظة للمقاتلة الأمريكية F-35. ظهرت J-35 لأول مرة في معرض الصين الجوي عام 2014، وقد صُممت أساسًا للعمل من على متن حاملة الطائرات الصينية “فوجيان”، التي تُعد بدورها تهديدًا فعليًا للتمركزات الأمريكية في المحيطين الهادئ والهندي.
تعتمد الطائرة على محركين توربينيين من طراز WS19، تؤكد الصين أنهما يتمتعان بقوة دفع أعلى، ومستوى ضجيج منخفض، وبصمة حرارية أقل مقارنة بالمحركات المنافسة، ما يعزز من قدراتها الشبحية. وتُتيح لها هذه المحركات التحليق على ارتفاعات تصل إلى 16,800 متر، بسرعة قصوى تبلغ 1.8 ماخ، مع مدى تشغيلي يبلغ 2,000 كيلومتر باستخدام خزانات الوقود القياسية، ويمكن أن يمتد إلى 5,000 كيلومتر عند استخدام خزانات إضافية والتزود بالوقود جوًا. كما صُممت لتقلع من مدارج قصيرة لا تتجاوز 400 متر، ما يمنحها مرونة تكتيكية عالية، ويُقدَّر عمرها التشغيلي بحوالي ثلاثين عامًا.
يتضمن تصميم الطائرة مزيجًا من المعادن التي تبدد الحرارة وتمتص موجات الرادار. كما أن طلاؤها الخارجي مغطى بمادة خاصة تُشتت إشارات الرادار المرتدة، مما يجعلها تبدو للرادارات الإسرائيلية والأمريكية أصغر بـ250 مرة من حجمها الحقيقي. يبلغ طول المقاتلة 17.5 مترًا، وعرضها 11.5 مترًا، وارتفاعها 4.8 مترًا. وزنها فارغة 11,300 كغم، وتصل إلى 28,000 كغم عند الإقلاع محمّلة بالذخائر والوقود. تحتوي على 10 نقاط تعليق خارجية تحمل ما يصل إلى 4,200 كغم من الذخائر، إلى جانب قدرتها على حمل الذخائر داخليًا عبر 8 منافذ إطلاق بوزن يصل إلى 2,000 كغم، ما يمنحها حمولة إجمالية تتجاوز 6 أطنان.
للمهام الجو-جو، تزود المقاتلة بصواريخ PL-15، والتي سجلت نجاحًا كبيرًا في إسقاط عدد كبير من الطائرات الهندية في أول تجربة قتالية حقيقية. كما تحمل صواريخ PL-XX الفرط الصوتية، والتي تُعدّ أفضل صاروخ جو-جو حتى الآن. تم إنتاجه عام 2014 ويُقال إنه صاروخ شبح مضاد للطائرات تصل سرعته إلى 8 أضعاف سرعة الصوت، ويبلغ مداه 500 كيلومتر. لم تُكشف تفاصيل تقنيته ولا يوجد تأكيد حول حصول باكستان عليه. صُنع هذا الصاروخ خصيصًا لاستهداف الطائرات البعيدة والأكبر أهمية مثل القاذفات وطائرات الإنذار المبكر وطائرات النقل العسكري، التي تؤدي أدوارًا محورية.
تسعى الصين إلى تزويد مقاتلاتها الشبحية بصواريخ فرط صوتية مثل “لونغ مارش 2سي” (Long March 2C)، وقد أعلنت شركة علوم وتكنولوجيا الفضاء الصينية أن المقاتلة قادرة على إطلاق هذا النوع من الذخائر، دون الإفصاح عن طرازها أو خصائصها. يمكن للطائرة أيضًا حمل ستة صواريخ كروز من طراز CJ-10 القادرة على حمل رؤوس نووية وبمدى يصل إلى 1,800 كيلومتر، إضافة إلى قنابل موجهة بالليزر أو بصريًا أو بواسطة القصور الذاتي، بما في ذلك قنابل حرارية نووية أو خارقة للتحصينات. كما يمكنها حمل 30 قنبلة تقليدية لا يتجاوز وزن الواحدة منها 180 كغم، وإسقاطها دفعة واحدة أو على شكل أزواج.
لمواجهة الغواصات وحاملات الطائرات الأمريكية، زُوّدت المقاتلة الشبحية الصينية بصواريخ C-81 المضادة للأهداف السطحية، بنسختين: نسخة “K” بسرعة 2 ماخ ومدى 65 كلم، ونسخة “C” بسرعة 1.7 ماخ ومدى 140 كلم.
فيما يتعلق بقدرة الطائرة على استهداف المقاتلات المعادية، فقد زوّدت الصين طائرتها بتقنية “الشبح السلبي” أو ما يُعرف بـ”الرادار السلبي”، وهي تقنية تعتمد على التقاط إشارات الرادارات الأرضية المعادية، ثم تعكسها بإشارات سالبة تساوي في القيمة الإشارة الأصلية ولكن بعكس الطور، ما يؤدي إلى إلغاء الإشارة الأصلية وظهور قراءة صفرية على شاشات الرادار، مما يجعل الطائرة غير مرئية للرصد. حتى الآن، لا تمتلك أي قوة عسكرية باستثناء الصين رادارات عاملة بالموجات المليمترية، ما يمنحها ميزة استثنائية في كشف الطائرات الشبحية دون أن تُكشف طائراتها.
ورغم تعتيم بكين الصارم على التفاصيل التقنية، شأنها في ذلك شأن معظم الدول المصنعة للأسلحة التكتيكية، إلا أنها أفصحت عن تزويد المقاتلة برادار من طراز Type 1475 (يُطلق عليه أيضًا اسم KLJ-7)، وهو نفسه المستخدم في مقاتلات J-20. يتميز هذا الرادار بمدى كشف يصل إلى 1,500 كيلومتر، ويستطيع رصد الطائرات، والرادارات، وأنظمة الدفاع الجوي المعادية من مسافات بعيدة. كما زُوّدت المقاتلة بنظام استهداف كهروبصري عالي الدقة، ونظام تتبع حراري يعمل بالأشعة تحت الحمراء، مما يعزز قدرتها على الاشتباك مع أهدافها في مختلف الظروف القتالية.
بدأت رحلة الصين مع الطائرات الشبحية في أبريل 2011 بإعلان أول تجربة طيران ناجحة لمقاتلة J-20، وتم تصنيع أول مئة طائرة شبحية من هذا الطراز. ثم طورت طائرة شبحية أخرى باسم J-31 عام 2014، تم تعديلها لاحقًا إلى FC-35، ثم إلى FC-60، وأخيرًا في عام 2019 أصبحت تُعرف باسم J-35. تختلف هذه النسخ في نوع المعادن المستخدمة، والوزن، والمحركات، والحمولة القتالية. تستخدم النسخة الأحدث محركات WS-19، وهي محركات صينية متطورة مبنية على المحرك الروسي RD-33 المستخدم في المقاتلة MiG-35، إلا أن النسخة الصينية تتفوق عليه من حيث قدرتها على العمل لـ9,000 ساعة دون استبدال الأجزاء الأساسية، وكفاءتها في استهلاك الوقود بنسبة تصل إلى 20% حتى في أقصى السرعات والارتفاعات، ما يعني أن تكلفة تشغيل المقاتلة الصينية تظل منخفضة مقارنة بمثيلاتها.