المقالات

سودانير …..دموع على متن الناقل الوطني

كتب : عمر الكردفاني

في كل الدول المحترمة هنالك ثوابت وطنية لا يحيد عنها أحد من قمة هرم السلطات إلى الأطفال في الحضانة ، وهنالك قصص كثيرة حول هذه الثوابت لا مجال لذكرها وقد ذكرها الكثير من السودانيين حول العالم وتلك الثوابت هي حب الوطن وصيانة الممتلكات العامة واحترام حرية الآخرين وغيرها مما يتم التعارف عليه دون كثير شرح .
نحن في السودان ظللنا بعيدين جدا عن تلك المعاني والثوابت في ممارسة متوارثة بل يتشربها الطفل من تصرف والديه الذين يسبون الوطن أمامه ويكذبون بل ويشركونه في الكذب (لو عمك فلان جاء قول ليهو ابوي مافي )
كل تلك المعاني والمتناقضات مرت بذهني وانا انظر بحسرة إلى المقاعد الخالية على متن رحلة الخطوط الجوية السودانية التي اقلتني من مطار القاهرة عائدا إلى أرض الوطن قبل أكثر من شهر ، فبرغم التخفيض العالي على قيمة التذكرة إلا أن الإعراض عن استخدام السودانيين لرحلات الخطوط الجوية السودانية مرجعه هذه الصورة السالبة التي يتناقلها الناس كصورة نمطية عن ناقلنا الوطني بل ويتناقلها بعض الإعلاميين السودانيين بكل غباء حاملين معاول هدم لواحدة من أقدم شركات الطيران في العالم وأكثرها أناقة وخبرة في مجال النقل الجوي وخدمة الركاب بكل الفخر .
نعم كانت شركة الخطوط الجوية السودانية واحدة من أعظم شركات الطيران والنقل الجوي على مستوى العالم إلا أنه قد اعتراها بعض القصور في بعض الأوقات ولكني أقول بالفم المليان لقد بدأت سودانير في استعادة القها القديم رغم الظرف الدقيق والقاهر الذي تمر به البلاد ، فخلال رحلتي تلك والرحلة التي تلتها وانا اعود إلى القاهرة في إجازة عيد الأضحى المبارك كانت سودانير على الموعد في زمن الرحلات وانضباط الطاقم وكرم الضيافة (على علاتها) إذ استعاضت الشركة بوجبات جاهزة من غير ما اعتاد عليه العملاء ولكني اكيد أنه ظرف وسيمر كما أننا متأكدون من عودة بلادنا إلى سابق عهدها .
الدمعة الاولى كانت حينما رأيت المقاعد الخالية في رحلة القاهرة بورتسودان إذ تألمت من الإقبال على الشركات العالمية والإعراض عن شركتنا الوطنية ، والدمعة الثانية كانت فرحا وانا احاول السفر في غير يوم رحلتي الا انني وجدت أكثر من ثمانية وثلاثون مسافرا مثلي ينتظرون أن يتخلف أحد ، فحملت امتعتي وعدت إلى المنزل فرحا بهذا الإقبال على ناقلنا الوطني الأنيق وكنت على متن رحلتي التالية إلى القاهرة ، إن الاحتفاء بما نملك هو أقل ما يمكن أن نقدمه لهذا الوطن الذي كدنا نفقده بسبب تراخينا وعدم احترامنا لارضه ولذواتنا لكن اتمنى ان نكون قد وعينا الدرس .

ثم ماذا بعد ؟
إن حب الاوطان لا يقاس بالهتافات الموسمية والكلمات المنمقة بل يقاس بالعطاء والبذل والتضحية والفداء ، فلنضحي بوقتنا والقليل من راحتنا من أجل أن تعود سودانير سيرتها الاولى وسابعث برسالتي الاولى الى السيد رئيس مجلس الوزراء الدكتور كامل ادريس متمنيا أن تصله :عليك بالاهتمام بشركة الخطوط الجوية السودانية إذا أردت أن ترفع علم بلادك عاليا وعليك الاهتمام بها إذا أردت أن يتعافى اقتصادنا وعليك الاهتمام بها إذا أردت أن تغرس حب الوطن في قلوب السودانيين الذين سيذرفون الدموع حتما على متن طائراتها العملاقة وهم يعودون إلى أرض الوطن

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *