د. عبدالباقي الشيخ الفادني يكتب : السفير الحارث في جلسة مجلس الأمن بسجل موقفاً ويصيب الإمارات

في جلسة مجلس الأمن بتاريخ 13 مارس 2025، ألقى السفير الحارث إدريس، مندوب السودان الدائم لدى الأمم المتحدة، كلمة اتهم فيها دولة الإمارات العربية المتحدة بتزويد قوات الدعم السريع بأسلحة أمريكية الصنع، مما أدى إلى تفاقم الصراع في السودان. وأشار السفير إلى أن هذا الدعم يشكل انتهاكاً لاتفاقيات الأسلحة الثنائية بين واشنطن وأبو ظبي، وأوضح أن الكونغرس الأمريكي يدرس وقف تصدير الأسلحة إلى الإمارات نتيجة لذلك.
في المقابل، نفت الإمارات هذه الاتهامات بشكل قاطع. في حين تؤكد كل الشواهد والأدلة التي جمعتها حكومة السودان والتي تقدمت بشكوى بشأنها إلى محكمة العدل الدولية ومجلس الأمن بتورطها السافر في دعم المليشيا المتمردة إضافة إلى سعيها مؤخراً لتكوين حكومة موازية موالية لها بعد فشلها عسكرياً رغم ما تقدمه من دعم عسكري ولوجستي لتلك المليشيا .
هذه التطورات تشير إلى توجه السودان إلى تسمية الأشياء بإسمها مما يعكس إمتلاك السودان أدلة دامغة لتورط الامارات بصورة فجة ومباشرة في الحرب بدعم المليشيا المتمردة بل صارت هي من ترعاها و توجهها لتحقيق مآربها الخبيثة متجاهلة القانون الدولي الذي يراعي في المقام الأول سيادة الدول وخرقها لميثاق الأمم المتحدة الذي ذكر في ديباجته الامن والسلم الدوليين.
*مآلات التصريحات والسيناريوهات المتوقعة على مسار العمليات العسكرية في السودان وتفاعل المجتمع الدولي.
تصريحات السفير الحارث إدريس أمام مجلس الأمن، التي اتهم فيها الإمارات بدعم قوات الدعم السريع بالأسلحة وتشكيل حكومة موازية، تحمل تداعيات كبيرة على مسار الحرب في السودان، وعلى تفاعل المجتمع الدولي مع الأزمة. بناءً على ذلك، يمكن تحديد السيناريوهات التالية:
أولًا: المآلات المحتملة لهذه التصريحات
1. تصعيد دبلوماسي وعزل الإمارات دولياً.
• ستؤدي هذه التصريحات إلى مزيد من الضغط على الإمارات من قبل المجتمع الدولي، خاصةً من الدول الغربية التي قد تطالب بالتحقيق في مزاعم تسليح المليشيات.
• قد تتأثر علاقات الإمارات مع الولايات المتحدة وأوروبا إذا ثبت أنها انتهكت اتفاقيات تصدير الأسلحة، مما قد يؤدي إلى فرض قيود على صفقات السلاح المستقبلية معها.
2. تعزيز الدعم الدولي للحكومة السودانية.
• مع تزايد الاتهامات ضد الإمارات، قد تحظى الحكومة السودانية بدعم إضافي من بعض الدول الغربية، مما قد يترجم إلى مساعدات عسكرية أو معلومات استخباراتية لدعم الجيش السوداني في مواجهة قوات الدعم السريع.
• بعض الدول الإقليمية، مثل مصر، قد تستغل الموقف لتكثيف دعمها للجيش السوداني بهدف مواجهة النفوذ الإماراتي في السودان.
3. تعقيد محاولات التوصل إلى تسوية سياسية.
• الاتهامات المتبادلة ستجعل أي جهود وساطة لحل الأزمة أكثر تعقيداً، خاصةً إذا قررت الإمارات تصعيد موقفها بدعم قوات الدعم السريع بشكل أكبر أو تعزيز نفوذها عبر قنوات أخرى.
• قد تتباطأ محاولات الوصول إلى وقف إطلاق نار شامل بسبب ازدياد الانقسام الدولي حول النزاع.
*ثانياً: السيناريوهات المتوقعة لمسار العمليات العسكرية في السودان*
1. السيناريو الأول : استمرار الحرب مع تصاعد الدعم الخارجي (السيناريو الأكثر خطورة):
إذا استمرت الإمارات في دعم قوات الدعم السريع سراً أو عبر وسطاء، فقد يؤدي ذلك إلى إطالة أمد الصراع وتصعيد القتال بين الجيش السوداني والمليشيات.
• التداعيات:
• مزيد من الدمار في الخرطوم وولايات دارفور وكردفان، مع ارتفاع أعداد القتلى والنازحين.
• قد يؤدي استمرار القتال إلى انقسام السودان إلى مناطق نفوذ فعلية بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.
• تدخل إقليمي أوسع، حيث قد ترد مصر بدعم عسكري أكبر للجيش السوداني، مما قد يؤدي إلى حرب بالوكالة بين القوى الإقليمية.
2. السيناريو الثاني :زيادة الضغوط الدولية لإجبار الإمارات على التراجع عن دعم المليشيات (السيناريو الدبلوماسي):
إذا كثف المجتمع الدولي، وخاصةً الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، ضغوطه على الإمارات لوقف دعمها لقوات الدعم السريع، فقد يتم فرض عقوبات على شبكات التوريد التي توفر الأسلحة والتمويل للمليشيات.
• التداعيات:
• قد يؤدي ذلك إلى تقليص القدرات العسكرية لقوات الدعم السريع على المدى الطويل.
• إمكانية انهيار بعض خطوط الإمداد لقوات الدعم السريع، مما يمنح الجيش السوداني فرصة لاستعادة السيطرة على بعض المناطق الاستراتيجية.
• الإمارات قد تتجه إلى إعادة تقييم استراتيجيتها في السودان والبحث عن بدائل للحفاظ على نفوذها دون التصعيد المباشر.
3. السيناريو الثالث : وساطات إقليمية ودولية لاحتواء الأزمة (السيناريو التوافقي)
مع تصاعد الضغوط، قد تتحرك دول مثل السعودية أو الاتحاد الإفريقي للعب دور الوسيط بين السودان والإمارات لاحتواء الأزمة.
• التداعيات:
• إمكانية التوصل إلى اتفاق غير مباشر بين السودان والإمارات لوقف دعم المليشيات مقابل ضمانات سياسية واقتصادية.
• احتمال بدء محادثات لوقف إطلاق النار بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع إذا تم تحجيم الإمدادات العسكرية للطرفين.
• تقليل التوترات الدبلوماسية بين السودان والإمارات، مما يسمح بإعادة بناء العلاقات تدريجياً
*ثالثًا: تفاعل المجتمع الدولي مع الأزمة
1. الولايات المتحدة وأوروبا:
• قد تصدر عقوبات أو تدابير دبلوماسية ضد أي أطراف يثبت تورطها في دعم قوات الدعم السريع.
• واشنطن قد تدرس فرض قيود على صادرات الأسلحة للإمارات إذا استمرت الاتهامات بشأن استخدامها في الصراع السوداني.
2. الاتحاد الإفريقي والمنظمات الإقليمية:
• من المرجح أن يدعو الاتحاد الإفريقي إلى تحقيق مستقل بشأن الاتهامات ضد الإمارات.
• قد تتدخل دو ل إفريقية أخرى مثل إثيوبيا أو كينيا في محاولة للعب دور وساطة بين الأطراف المتنازعة.
3. دول الخليج:
• السعودية قد تسعى إلى التوسط بين السودان والإمارات لمنع مزيد من التصعيد الذي قد يؤثر على استقرار المنطقة.
• قطر قد تستغل الموقف لتعزيز نفوذها الإقليمي من خلال دعم السودان دبلوماسياً أو مالياً.
*الخاتمة: السيناريو الأكثر ترجيحاً
• على المدى القريب، سيستمر الصراع العسكري، لكن الضغوط الدولية ستتزايد على الإمارات، مما قد يؤدي إلى تقليص دعمها لقوات الدعم السريع بشكل تدريجي.
• على المدى المتوسط، قد نشهد تحركات دبلوماسية لاحتواء الأزمة ومنع تحول السودان إلى ساحة صراع إقليمي أوسع.