– لايخفي علي كُل متابع ، التأثير الإماراتي الفاعل علي مجمل الأوضاع في منطقة القرن الإفريقي خلال السنوات الأربعة الماضية وإسهامها في إحدات تغييرات جذرية بالمنطقة عموماً، وقد كانت بداية التأثير الإماراتي من دعم ومساندة التغيير السياسي في أثيوبيا، والذي بدوره أفضي إلي صعود حلفيها (آبي أحمد) للسلطة بمشاركة حزب الأمهرا ضمن إئتلاف حزب (الإزدهار) الحاكم في أثيوبيا ، كما أحدثت تغيير في ملف العلاقات (الإثيوبية الإرترية) والذي تمخض عنه اتفاق سلام شامل بين البلدين ، ثم توسعت الإمارات في إستراتيجية التغيير لتشمل (الصومال جيبوتي لجانب أثيوبيا وإرتريا) وضمهم في كيان تحالفي إقتصادي تحت مُسمي ( تجمُع دول التعاون الإقتصادي)، وكذلك تبنيها ورعايتها بجانب السعودية لمشروع تكوين مجلس الدول الثمانية المشاطئة للبحر الأحمر وخليج عدن والذي ضم كل من (السودان، إرتريا، الصومال، جيبوتي،اليمن، السعودية، الأردن ،مصر)،إضافة لدعمها ومساندتها للتغيير السياسي الذي تم في السودان ، والذي بدوره أفضي الي نشؤ نظام سياسي بمشاركة مكونيين (مدني وعسكري).
– – القصد من هذه المقدمة الإيضاحية ، تسليط،الضؤ علي أن التدخل الإماراتي في الأزمة الحدودية التي نشبت بين السودان وأثيوبيا بسبب النزاع حول الآراضي الزراعية بمنطقة الفشقة الحدودية ، والذي يستند علي الخطة الإستراتيجية الأمريكية تحت عنوان ( تغيير وإعادة صياغة للمنطقة) ،فكان الإعتماد الأمريكي علي الإمارات كحليف ووكيل (حصري) ، ضمن صفقة (إستراتيجية أمريكية – إقتصادبة إماراتية) تُمكن الإمارات من تحقيق مصالحها الإقتصادية وتوسعة خارطتها الإستثمارية في المجال التجاري والزراعي،وإيجار الموانئ البحرية في دول المنطقة المشاطئة للبحر الأحمر ، وبالمقابل تُحقق الولايات المتحدة هدفها الإستراتيجي في الحد من النفوذ الإقتصادي والإستثماري الصيني في المنطقة ، وإحكام سيطرتها علي منافذ البحر الأحمر.
– فبالتالي نجد أن (الفشقة) تتشابك عندها العديد من الخيوط والمصالح المحلية والإقليمية والدولية فوقوعها بين إقليميين أثيوبيين ملتهبين (بني شنقول – التقراي) لهم تأثير مباشر علي مستوي الداخل الأثيوبي ، وينسحب التأثير خارجيا تجاه مصر وسد النهضة والذي يقع في إقليم بني شنقول، بينما تبدو إرتريا علي المشهد متأثرة بأي تداعيات في إقليم عدوها اللدود – جبهةالتقراي – والمجاور لها ،كما أن المصالح الإسرائيلية في المنطقة تمنح (الفشقة) بُعداً آخر ،
– ومن هنا نبع الإهتمام الأمريكي – الإماراتي ، فكان لابد لرياح (التغيير) في السودان – والذي أسهمت فيه الإمارات – أن تهٌب علي (آراضي الفشقة) فتأتي بما تشتهيه الإمارات من خلال مبادرتها لحل النزاع والتي وجدت قبول سوداني رسمي جزئي ، ورفضها بشبه إجماع شعبي ، مما دعا الإمارات الي الإنحناة أمام عاصفة الرفض ، وإعلان سحب للمبادرة – ولو مؤقتاً – لحين ترتيب أوراقها وإعتماد (خُطة بديلة) شبيهة بخُططها السابقة وفي وقائع مماثلة، حيال قضيتي موانئ (دوارليه) في جيبوتي ، و(بربرة) في الصومال ، حيث قوبلت فكرة الإستئجار و الإستثمار الإمارتي لتلك الموانئ بذات سناريو الرفض السوداني ،فما كان من الإمارات إلا إعمال خُطتها البديلة ، فتمكنت من الحصول علي قرار صادر من هئية تحكيم دولية مختصة يمنع حكومة جيبوتي من التصرف في الميناء – وقطع الطريق أمام الصين التي تقدمت لحكومة جيبوتي بطلب تشغيل الميناء – إضافة لإقرار غرامة مالية قدرها مبلغ( 140) مليون دولار لصالح حكومة الإمارات، وفيما يخص الصومال ، فعملت الإمارات علي التضييق والضغط عليها من خلال إعترافها الرسمي بدولة (صومالاند) الإنفصالية، ودعمها إقتصادياٌ وعسكرياُ وسياسياً ودفع أكثر من 10 دول للإعتراف بها كدولة منفصلة عن الصومال.
– – في ذات الصياغ ، كًثر الحديث عن أوارق الضغط الإماراتية ، بيدأن عدد من المتابعين يري أن الإمارات وبإعلان سحب مبادرتها بشأن أزمة الفشقة ، مؤشر لإستنفادها كروت الضغط (التكتيكية التقليدية) مثل،الإيقاف المؤقت للدعم المادي والسياسي للحكومة السودانية والذي بدأ واضحاً في إيقاف دعم السلع الإستراتيجية، والموقف الإماراتي حيال مؤتمر باريس لإعفاء ديون السُودان ،فبالتالي لابد من إعتماد كروت بديلة أكثر تأثيراً.
– ومن زاوية نظر أخري ذات صلة وتعضيد لفرضية الخُطة الإماراتية البديلة ، نجد أن إعلان سحب المبادرة تزامن مع تحركات (تركية قطرية) في المنطقة،وزيارة نائب رئيس مجلس السيادة السوداني الي تركيا ، ووصول رئيس الوزراء القطري الخرطوم،عقب إنجاحه للمبادرة القطرية في إعادة العلاقات الدبلوماسبة بين كينيا والصومال إثر نشوب (نزاع حدودي بحري) بين البلدين ، حيث نتوقع القلق والإنزعاج الإماراتي خاصة،وأن (كينيا والصومال) ضمن دول القرن الإفريقي والذي يعُد مركز ثُقل للنفوذ الإماراتي.
– فبالتالي، وفي ظل هذه التطورات نتوقع أن تمضي الإمارات في ذات الخط الإستراتيجي ،مع إعمال خُطة تكتيكية بديلة،ظاهرها حماية مصالحها،وباطنُها مزيد من الضغط الإقتصادي و السياسي تجاه الحكومة السُودانية.