المقالات

الصندوق الأبيض.. نادية عثمان تكتب: سودانيون وكفى

عن النعمان بن بشير – رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله ﷺ: (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى).
بمعنى أن التوادد والرحمة من الصفات المعروفة عند المخلوقين وتعني العون والتضافر والمساعدة والوقوف بجانب بعضهم البعض والتي تعني بدرجة أعلى روح التكافل بين المجتمعات.
ما دعاني لكتابة هذه المقدمة ما ظللت أتباعه طيلة ليلة أمس عن حادثة وحكاية السيستر (رانيا) بمدينة تبوك بالمملكة العربية السعودية، والتي شغلت كل الوسائط الإعلامية بأنواعها المختلفة داخليا وخارجيا ومازالت، والتي جاءت قصتها بأن حكمت عليها المحكمة بدفع غرامة تعويض تقدر ب800 ألف ريال سعودي بسبب توقف جهاز التنفس لمدة عشرة دقائق عن طفلة مريضة لانشغالها بمريضة أخرى، رغم أن السيستر كانت تعمل على سد النقص داخل وحدتها.
هذه الحادثة لفتت انتباهي لشيئين مهمين، أولهما شهامة أهل السودان الذين تداعوا للوقوف ومساندة سيستر رانيا، ما أن  سمع أهل السودان بهذه الحادثة وزملاؤها ومعارفها مع انتشار الخبر في الوسائط الإعلامية إلا وتدافع الجميع للوقوف إلى جانبها ماديا ومعنويا.
لم يكمل الخبر الأربع والعشرين ساعة إلا وكان المبلغ مكتملا في رقم الحساب الذي وضع مع الفاتورة عند نشر الخبر.
لله درك يا شعب السودان الذي ما أن يصبح علينا يوم جديد إلا وتضرب الأمثال تلو الأمثال من ديننا الحنيف وتفاخر بالأخلاق والكرم والشهامة والراسخ من عاداتنا وتقاليدنا السمحة.
هذه الحادثة حركت مشاعر كل العالم العربي الآن الذي يتحدث ويمجد في إخلاق وشهامة الشعب السوداني عند الشدائد وليس ذلك بجديد، حيث يقفون مصطفين كالبناء الواحد ويمدون الأيادي لبعضهم البعض دون معرفة إلا إنهم سودانيون فقط ومن دم واحد.
ألجمت الحيرة البعض وظل يردد السؤال تلو الآخر لسيستر رانيا (ما الذي بينك وبين الله؟). حتى كتابة هذه الأسطر هناك من يسألون عن رقم حساب آخر للتبرع بعد أن اكتمل المبلغ في رقم الحساب المودع مع الخبر.
الشيء الثاني الذي يلفت الانتباه يا شعب السودان طالما أنتم بكل هذا الجمال والإبهار والإحساس والشعور بالآخرين لماذا لا تضعون أيديكم في أيدي بعض لينهض بلدنا الحبيب السودان من الكبوة التي آلمت به وبأهله وندهش الآخرين بصفاتنا التي ورثناها عن جدودنا وآبائنا؟ لماذا لا تضعون كل الخلافات جانبا وتنظرون للسودان بمثل نظرتكم لتلك الحادثة التي حركتكم وتدافعتم جميعا في آن واحد وحلت المشكلة في سويعات قليلة؟ لماذا لا تنظرون لوضع السودان الآن بين الدول التي كانت تفاخر به وأهله وبسيرته؟
مثلما تواددتم وتكاتفتكم وتدافعتم للوقوف مع سيستر (رانيا) يأمل وينتظر الجميع أن تدخل قلوبكم هذه الأحاسيس تجاه بلدكم السودان وأهله الذين يعانون أشد المعاناة وهم بعيدون عن وطنهم وأرضهم وترابهم، هم أيضاً يحتاجون لوقفتكم وتراحمكم وتآزركم.
وفي ظني أن الشعب السوداني ليس لديه شيء مستحيل إذا اجتمع الناس على كلمة سواء، وما نراه الآن من بعض المشاهد المفرحة للبناء والتعمير من مجهودات فردية على أرض الواقع يسر البال والناظرين، فهلا اجتمعتم على كلمة سواء في سويعات كسويعات حل قضية سيستر (رانيا)؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *