
إعداد _ عزة برس
بدأت الحكومة الإسرائيلية سحب معظم طواقمها الدبلوماسية من دولة الإمارات العربية المتحدة، في خطوة مفاجئة جاءت وسط تحذيرات أمنية مشددة، وفي ظل أنباء عن توتر دبلوماسي صامت بين الجانبين.
وقالت مصادر إسرائيلية إن وزارة الخارجية أوفدت تعليمات عاجلة بإجلاء غالبية طاقم السفارة في أبوظبي والقنصلية في دبي، بمن فيهم عائلات الموظفين، بعد توصيات صادرة عن مجلس الأمن القومي الإسرائيلي برفع درجة التحذير الأمني إلى المستوى الثالث، على خلفية ما وُصف بـ”تهديدات إرهابية محتملة” ضد المصالح الإسرائيلية في الخليج.
سحب محدود أم بداية أزمة؟
ورغم إعلان إسرائيل أن بعثاتها ما زالت تعمل بشكل محدود داخل الإمارات، أفادت تقارير إعلامية بأن الإجلاء شمل الدبلوماسيين الأساسيين، ما أدى فعليًا إلى شلل جزئي في أداء السفارة، بينما لا يزال السفير “يوسي شيلي” غائبًا عن المشهد منذ عدة أيام.
وتوقفت الخارجية الإسرائيلية عن إصدار بيانات مفصلة حول طبيعة هذه التهديدات، مكتفية بالإشارة إلى “مخاوف أمنية متصاعدة”، وسط تكهنات عن نشاط مكثف لجماعات مدعومة من إيران كحزب الله وحماس تسعى لاستهداف رموز إسرائيلية في الخارج.
خلفيات دبلوماسية: “السفير أهان شرفنا”
لكن ما لم يُعلن رسميًا هو ما كشفته صحيفة تايمز أوف إسرائيل من أن السحب قد يكون مرتبطًا أيضًا بتوتر دبلوماسي على خلفية سلوك السفير الإسرائيلي في الإمارات، والذي وُصف بأنه “غير لائق”، خاصة بعد مزاعم عن تحرّش لفظي أو جسدي بإحدى السيدات من الأسرة الحاكمة.
ونقلت الصحيفة عن مصادر مطلعة أن أبوظبي أبلغت تل أبيب صراحةً بأن “سفيركم أهان شرفنا”، وأن بقاءه أصبح غير مقبول، وهو ما دفع إسرائيل إلى سحب السفير ومجموعة من الدبلوماسيين تحت غطاء “الظروف الأمنية”.
مصادر أخرى تحدثت عن أن السفير ذاته أدلى بتصريحات “تمس مكانة الدولة وسيادتها”، في إشارة إلى تعليقات اعتُبرت مهينة لدور الإمارات في المنطقة، ما تسبب في احتقان داخل بعض الدوائر السياسية الخليجية.
قراءة في المشهد
يأتي هذا التطور في سياق أوسع من التراجع الحذر في مستوى الدفء الذي ميّز العلاقات بين أبوظبي وتل أبيب منذ توقيع اتفاقيات “أبراهام” عام 2020. فمع تصاعد الحرب الإسرائيلية على غزة، وازدياد النقد العربي والدولي للسياسات الإسرائيلية، بدأت دول خليجية عديدة بمراجعة شكل الانفتاح على حكومة نتنياهو، التي تواجه اتهامات دولية بتجاوزات إنسانية جسيمة.
في المقابل، تحرص الإمارات على الحفاظ على توازن دقيق في علاقاتها الإقليمية والدولية، خاصة في ظل تنامي الأصوات الشعبية والإعلامية الرافضة للتطبيع مع حكومة إسرائيل الحالية.
وبينما لم تصدر الإمارات أي بيان رسمي بشأن سحب الطواقم الإسرائيلية، فإن المؤشرات المتوفرة توحي بأن ما يجري يتجاوز التقديرات الأمنية، ليعكس أزمة دبلوماسية صامتة قد تكون الأولى من نوعها منذ اتفاقيات التطبيع.