
الخرطوم: عزة برس
بين أنقاض الحرب وتحت ضغط الحاجة الملحة، ينهض شباب هندسة الملاحة الجوية في السودان بمهمة وطنية نبيلة: إعادة تأهيل برج المراقبة الجوية في مطار الخرطوم، وإحياء المركز البديل في محاكي المراقبة الجوية. هؤلاء ليسوا على شاشات التلفاز ولا يتصدرون الصفحات، لكنهم في قلب معركة إعادة البناء، يعملون بصمت وإخلاص وكفاءة عالية.
هم من يعيدون تشغيل الأنظمة، ويصلحون ما أُتلف، ويعيدون الربط بين السماء السودانية والطائرات العابرة، باستخدام ما توفر من معدات ومعرفة وجهد ذاتي. ما يقومون به يتجاوز مجرد “صيانة”، إنه إعادة خلق لمنظومة الملاحة الجوية في ظروف قاسية، وبيئة طوارئ لا ترحم.
وقد نجحوا بالفعل في تحويل محاكي المراقبة الجوية إلى مركز بديل فعّال، وقريبًا جدًا سيتم استخدام هذا المحاكي كمركز مؤقت لتقديم خدمات المراقبة الإجرائية (Procedural Control Services)، إلى حين الانتهاء من صيانة وإعادة تأهيل المركز الأصلي. خطوة ذكية ومدروسة تُظهر مرونة النظام وكفاءة العقول التي تديره.
وفي صمتٍ يشبه حركة خلية نحلٍ لا تهدأ، تعمل إدارة الملاحة الجوية بانسجام لافت:
• قسم التدريب يعكف على إعداد القوائم وخطط التأهيل لتدريب مراقبي الحركة الجوية على الخدمات الإجرائية،
• بينما تنهمك وحدة تصميم الخرائط في إعادة ترسيم الطرق الجوية وفق المعايير الدولية،
• ويضطلع مكتب المنسق الوطني بمهمة التنسيق والتواصل مع مكتب منظمة الطيران المدني الدولي (ICAO) في الشرق الأوسط، لتُتوَّج هذه الجهود بمباركة واعتماد دولي.
وفي الميدان، تعمل مجموعات شباب الملاحة ليل نهار على إعادة أجهزة الاتصال اللاسلكي للحياة، وقد وصلوا الآن إلى المراحل النهائية من هذا الجهد الحيوي. في كل لحظة يعملون فيها، ينبض الأمل مجددًا في أن تعود خدمة الاتصالات الجوية إلى سابق عهدها، بل وأفضل.
وبين كل هؤلاء، يقف المايسترو أبوبكر الصديق، بهدوئه المعروف ورؤيته الثاقبة، يقود هذه الفرق المتعددة بالتوجيه والمراجعة والإرشاد، يربط الخيوط، ويُبقي الجميع على إيقاع واحد نحو هدف مشترك: استعادة الجاهزية الكاملة للسماء السودانية. له منا كل التحية والتقدير، قائدًا حاضرًا بعقله وقلبه، في كل تفصيلة، وكل خطوة.
ما يجري ليس فقط إصلاح منشآت… بل بناء ثقة، واستعادة سيادة، وتأكيد أن السودان لا يزال حاضرًا بقوة وكفاءة في سماء الطيران الدولي.
كل التحية لهؤلاء الجنود المجهولين – مهندسين، فنيين، مخططين، ومدربين – وأنتم يا أبوبكر، أنتم من يُعيد للسماء صوتها… وللأمل معناه.
طيران بلدنا