المقالات

همس الحروف.. السفير هاني صلاح دبلوماسي رفيع يشرق من أرض الكنانة إلى قلب السودان بقلم : د . الباقر عبد القيوم علي

في عالم الدبلوماسية ناعمة الملمس و الإحساس ، حيث تحكم الفنون الكثيرة والسياسات المعقدة ، يبرز من هنالك رجل لا يشبه غيره في المعاني و التفاصيل ، إنه سعادة السفير هاني صلاح سفير جمهورية مصر العربية لدى السودان ، هذا الرجل الذي حمل على عاتقه مهمة جسيمة ، ليست فقط على صعيد العلاقات الرسمية بين الدولتين ، بل كانت وجهته هي رسم جسور التواصل الثقافية و الشعبية ، ما يؤهله أن يكون متفرداً ، ليس كغيره مجرد دبلوماسي عابر ، فهو يعرفه الناس كرمز حي للدبلوماسية المصرية في أبهى صورها .

عند مقابلة أي شخص له ، لا يمكنه أن يتجاهل الحضور الطاغي الذي يميّز سعادة السفير هاني ، فقامته السامقة ، التي تمزج بين هيبة السفير ، و وقار الدبلوماسي المحنك ، فيجذب الأنظار دون جهد ، و لكن ما يثير الانتباه فيه ، إنه ليس فقط ملامح وجهه الهادئة ، و تلك الابتسامة الصامتة التي ترتسم على شفتيه ، بل أيضاً هيئته الأنيقة التي تنم عن ذوق رفيع لا يخفى على أحد ، فالسفير هاني صلاح هو نموذج لصفوة الدبلوماسيين في العالم العربي ، و يجسد صورة حية لما يجب أن يكون عليه الدبلوماسي الناجح الذي يجمع بين الخبرة والرؤية المستقبلية من حيث الكفاءة ، و القدرة على التكيف ، مع الحفاظ على القيم و الأخلاقيات التي تميز دبلوماسية مصر العريقة .

فدبلوماسية هذا الرجل ليست مجرد حرفة أو مهنة عابرة ، بل نجدها كفن راقي يتقنه بكل حواسه ، و في كل كلمة ينطق بها لها وزنها الثقيل ، و أثرها الجميل ، فعُرف عنه براعة التحاور مع كبار المسؤولين السودانيين ، وأيضا كذلك في الوصول إلى الناس العاديين ، فنجده في اللقاءات الرسمية ، يشعرك بقدرته على قراءة ما وراء الكلمات ، و تفكيك المعاني بين السطور ، و هو ما يساهم في بناء علاقات متينة تخدم المصالح المشتركة بين بلديه في الشمال المصري و الجنوب السوداني ، و لكن ما يميز أسلوبه حقا هو قدرته على الجمع بين الرسمي و الشعبي في إطلالة فريدة من نوعها ، حيث يظهر كمن يلبّي الدعوات الرسمية في المحافل السياسية بنفس الروح التي تجعله قريباً من القلوب في المجالس الشعبية .

هذا الرجل الحكيم ، تجسدت حكمته من خلال دوره البارز في الملفات الهامة التي جمعت بين مصر و السودان في الآونة الأخيرة ، و في ظل هذه الظروف الإستثنائية إستطاع أن ينقل العلاقة بين البلدين إلى مستويات غير مسبوقة ، في الاروقة الدبلوماسية ، تمثلت في الجوانب السياسية و الاقتصادية و الثقافية .

و لا شك أن السفير هاني تفرد بأن يكون صاحب نظرة بعيدة المدى ، لم يكتفِ فقط بتحقيق مصالح آنية ، بل بذل جهداً كبيراً لوضع أسس لمرحلة جديدة من التعاون على المدى الطويل ، و هذه الرؤية تظهر جلياً في مشروعات التعاون المشتركة ، و خاصة تلك المتعلقة بإعادة إعمار الخرطوم ، التي بشرنا بها في لقائه بسعادة الفريق أول ركن إبراهيم جابر ، و هذه البشرى قد أثلجت قلوب جميع السودانيين ، و تعتبر جزءاً من رسالته للمستقبل ، فهو يمثل رمزاً من رموز الدبلوماسية الإنسانية .

إن الارتباط الشعبوي الذي حظي به سعادة السفير هاني صلاح لا يُعزى إلى نجاحاته الرسمية في معالجة الملفات السياسية و الاقتصادية و الثقافية ، بل يرجع ذلك إلى لمسته الإنسانية التي تترك أثراً في وجدان كل من يلتقي به ، فيعرفه كل من عمل معه عن كثب ، كرجل يهتم بأدق التفاصيل ، و يضع الإنسان إعتباراً قبل المكان ، و هذه سمة لا يتمتع بها الكثير من الدبلوماسيين في عالم يطغى عليه التنافس السياسي ، و المصالح الاقتصادية البحتة ، و لكن السفير صلاح يرى أن بناء الإنسان هو الأساس الذي يجب أن يقوم عليه أي تقدم أو تعاون بين الدول .

و كما إن كان هناك شيء يميز السفير عن غيره من نظرائه ، فهو قدرته الفائقة على الجمع بين الاحترافية في العمل والسمة الشخصية التي تميزه بالود والبساطة . فهو ليس غريباً عن المجتمعات التي يعيش فيها ، بل هو جزء منها ، يتفهم تحدياتها ، ويحاول بكل ما أوتي من قوة أن يسهم في حلها بطرق مبتكرة ، و هو يثبت عند كل محطة من محطات عمله أنه ليس مجرد ممثل لدولة ، بل هو جزء من النسيج الاجتماعي والثقافي لتلك الدول التي يعيش فيها .

و من أكبر المشاريع التي يتصدر فيها السفير هاني صلاح دوراً محورياً ، هو المشروع القومي المصري للمشاركة في إعادة إعمار الخرطوم ، و الذي يُعدّ بمثابة تجسيد عملي للرؤية المستقبلية التي يعكف عليها هذ السفير الإنسان ، التي تتجسد عندها الرؤية الثاقبة التي تبني على أسس صلبة من التعاون والتكامل بين الشعبين المصري والسوداني ، و على كافة المستويات ، و تضع التعاون بين البلدين في إطار عميق و طويل الأمد .

هذا المشروع ليس مجرد مبادرة سياسية فحسب ، و لكنها تضع النقاط فوق الحروف لأفق جديد ، و لتسوية الملفات المعلقة ، و تعزز كذلك أواصر التعاون بين القاهرة و الخرطوم في ظل متغيرات سياسية واقتصادية سريعة ، و رغم أن هذه المبادرة تندرج تحت إطار التعاون الحكومي الرسمي ، إلا أن السفير هاني صلاح يقودها بروح الشعبويين المحبين للخير ، فتجده في كل مكان يتحدث عن الشراكة بين البلدين بطريقة تبعث الأمل في قلوب الجميع ، فهو مثال حي للدبلوماسي الفذ الذي يخطط لبناء المستقبل .

السفير هاني صلاح ليس فقط دبلوماسياً متمرساً يعرف كيف يعالج الملفات السياسية بحنكة ، بل هو إمتداد للدبلوماسية المصرية الرائقة و الرائعة ، فهو رجل حكيم يشكل رمزاً للتعاون الحقيقي بين الشعوب ، وصورة رائعة من صور الجهد الوطني الذي يبذل في صمت لبناء جسور من الفهم المتبادل والتضامن ، و هذا هو السفير هاني الذي إستطاع من خلال مسيرته إن يثبت للجميع أن الدبلوماسية لا تعني فقط التفاوض في غرف الاجتماعات المغلقة ، بل هي أيضاً القدرة على فهم الإنسان ، واستشراف المستقبل ، و التمسك بالقيم التي تعود على الأوطان بالنماء والتطور ، وبالتأكيد فإن السفير هاني صلاح هو من بين هؤلاء الذين يجعلون العالم جميلاً و مكاناً أفضل للعيش بلمستهم البارعة ، بيد أن رسالته العميقة تكمن في أنه يُعلمنا بأن القوة الحقيقية للدبلوماسية تكمن في بناء الإنسان و الأوطان ، وإحداث التغيير الملموس على أرض الواقع .

و الله من وراء القصد وهو الهادي إلى سواء السبيل

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *