تقرير

تقرير _ إمـداد الميليشيا المتمردة مستمر،، معبـر أدري.. سيناريو شـريان الحـياة.. تقرير هيومن رايتس ووتش يؤكد صحة مخاوف الحكومة.. مخطط خبيث يخرق القانون الدولي ويدعم التمرد بالمؤن الحربية..

مطالبات للحكومة بإغلاق معبر أدري، والعودة إلى مساراتها القديمة..

تقرير: إسماعيل جبريل تيسو..

تمكّنت الدفاعات الأرضية التابعة للقوات المسلحة السودانية والقوة المشتركة التابعة لحركات دارفور المسلحة، من إسقاط عدد 30 طائرة مُسيَّرة أطلقتها ميليشيا الدعم السريع مستهدفةً بها مدينة الفاشر حاضرة ولاية شمال دارفور، يوم الأحد، وقال المتحدث باسم القوة المشتركة في دارفور، أحمد حسين، إن الجيش السوداني والقوة المشتركة للحركات المتحالفة معه أحبطا ما وصفه بأكبر هجوم بالطائرات المُسَّيرة على الفاشر، وأبان حسين أن ال 30 طائرة مُسيَّرة التي تم إسقاطها، كانت تحمل قذائف عيار 120و85 ملم، وأخرى استطلاعية بغرض التصوير، مبيناً أن المُسيَّرات جابت الأحياء الشمالية الشرقية، قبل أن يتم التصدي لها وإسقاطها، منوهاً إلى أن القوة المشتركة دمرت 14 منها، فيما دمر الجيش نحو 16طائرة مُسيَّرة.

أول مرة:
وللمرة الأولى منذ محاولات ميليشيا الدعم السريع اجتياح مدينة الفاشر الذي بدأ في مارس 2024م، يتم استخدام هذه العدد الضخم من الطائرات المُسيَّرة سواءً المحمَّلة بالقذائف المدفعية أو الاستطلاعية، يأتي ذلك في وقت ذكرت فيه تقارير عن تدمير القوات المسلحة والقوة المشتركة عدد 16سيارة ” تاتشر ” مسلحة تدخل ميدان القتال لأول مرة، مما يعني أن الميليشيا المتمردة تحصلت على هذه المُسيَّرات وغيرها من المعدات والعتاد الحربي مؤخراً مما يعتبر تطوراً جديداً في خارطة المشهد العملياتي في السودان.

سماح رغم الارتياب:
وفي منتصف أغسطس الماضي سمحت الحكومة السودانية بعد تدخل وساطات لإقناعها بفتح معبر أدري الحدودي مع دولة تشاد لمدة ثلاثة أشهر من أجل تمرير المساعدات الإنسانية لمئات الألاف من المحتاجين والمتأثرين بتداعيات الحرب، حيث ظلت الريبة والشكوك تتلبس دواخل الحكومة السودانية من أن يتم إدخال أسلحة ومعدات حربية ولوجستية لميليشيا الدعم السريع تحت غطاء المساعدات الإغاثية، وقد اتخذت الحكومة جملة من الإجراءات لتسهيل انسياب المساعدات الإنسانية رغم العراقيل التي تضعها ميليشيا الدعم السريع المتمردة.

توجس مبرر:
وبحسب مراقبين فإن للحكومة السودانية الحقَّ في أن تتوجس من عملية إدخال المساعدات الإنسانية عبر معبر أدري الحدودي الذي يقع تحت قبضة ميليشيا الدعم السريع، مشيرين إلى تجربة سابقة للسودان حدثت قبل نحو 25 عاماً وتحديداً في العام 1999م، مع الأمم المتحدة ومنظماتها الإنسانية عبر برنامج “شريان الحياة” والذي كان مختصاً بنقل المساعدات الإغاثية من كينيا إلى جنوب السودان لسد رمق ملايين المحتاجين والعالقين في الحرب الأهلية، ولكن تلك المساعدات الإنسانية والإغاثية أفلتت من بين أعين الضوابط المشددة، لتتحول بقدرة قادر إلى دعم لوجستي استفادت منه الحركة الشعبية والجيش الشعبي لتحرير السودان بقيادة الراحل دكتور جون قرنق، حيث تضاربت الآراء وقتئذٍ بشأن الكيفية التي تمت بها هذه العملية، هل كانت رغم أنف الأمم المتحدة، أم تمت برضاها، أم عن طريق تواطؤ موظفين تابعين لمنظماتها الإنسانية.

 

شريان أدري:
ويبدو أن تخوف الحكومة السودانية كان في محله، باعتبار أن “البعضيهو الدبيب بخاف من الحبل”، ووفقاً لهذا المثل الشعبي فقد تخوفت الحكومة من تكرار سيناريو شريان الحياة، حيث تحكي عددية الطائرات المُسيّرة التي استهدفت الفاشر بالأمس، أن المخاوف التي أبدتها الحكومة أصبحت واقعاً يمشي على الأرض، وأن ميليشيا الدعم السريع استفادت من دعم لوجستي وعتاد حربي وصلها تحت غطاء المساعدات الإنسانية عبر معبر أدري، وتتسق هذه الفرضية مع ما يقول به شهود عيان في أم درمان بسماع أصوات مدافع لم تكن معهودة من قبل خلال عمليات التدوين المستمرة التي ظلت تستهدف أحياء أم درمانية في محلية كرري.

تقرير هيومن رايتس:
وقطعت منظمة هيومن رايتس ووتش، أمس الاثنين قول كل خطيب بإعلانها، حصول الجيش وقوات الدعم السريع على أسلحة ومعدات عسكرية حديثة من صنع أجنبي، وقالت ووتش في تقرير لها إنها حللت 49 صورة ومقطع فيديو، نشر أغلبها مقاتلون من الجانبين، على منصات التواصل الاجتماعي فيسبوك وتليغرام وتيك توك وإكس، حيث تُظهر الصور والمقاطع الفيديو أسلحة استُخدمت أو تم الاستيلاء عليها في الصراع، وقد أنتجتها شركات مسجلة في الصين وإيران وروسيا وصربيا والإمارات، وتشمل تلك المعدات طائرات مسلحة بدون طيار، وأجهزة تشويش عليها، وصواريخ موجهة مضادة للدبابات، وقاذفات صواريخ متعددة البراميل مثبتة على شاحنات، وذخائر هاون.

أسئلة مشروعة:
فإذا كانت الحكومة السودانية تتحرك تحت أضواء الشمس وعلى مرأى ومسمع الجميع من أجل استجلاب أسلحة ومعدات حربية تستمد بها عافية القتال في معركة الكرامة الوطنية من خلال إبرام اتفاقيات دولية، فكيف تتحصل ميليشيا الدعم السريع على الأسلحة والمعدات الحربية وبخاصة الطائرات المُسيّرة؟ فأي دولة تلك التي تخرق القانون الدولي، وتتسلل خلسة لتدعم بالأسلحة والذخائر ميليشيا إرهابية، تمردت على جيش وطني وقوات نظامية؟ كيف تخالف هذه الدولة مع سبق الإصرار والترصد الجهود الدولية المتضافرة لشلِّ حركة تمويل الجماعات الإرهابية والذي يعتبر ضرورة لا غنى عنها لتقويض أنشطتها؟، وما موقف المجتمع الدولي من هذه المسلك الإجرامي الذي يزيد من أوار هذه الحرب، ويمدُّ في عمرها، مهدداً الأمن والسلم الدوليين؟

خاتمة مهمة:
على كلٍّ فمن الواضح أن مخطط تمزيق السودان وتدمير بنياته وتبديد ثرواته ماضٍ برعاية قوية من محاور إقليمية ودولية، وهو واقع يملي على الحكومة السودانية اتخاذ المزيد من الحيطة والتدابير للتصدي لهذا المخطط بتسريع خطى العمليات العسكرية للقضاء على ميليشيا الدعم السريع من جهة، والعمل من جهة أخرى على مراجعة خطوتها التي سمحت بتمرير المساعدات الإنسانية عبر معبر أدري الحدودي مع تشاد، وذلك بإغلاق هذا المعبر، والعودة إلى خطتها السابقة بتمرير المساعدات عبر معبر الطينة الحدودي، إضافة إلى مسارات أخرى متمثلة في مدن عطبرة وبورتسودان عن طريق البحر الأحمر، بالإضافة إلى معبر وادي حلفا – دنقلا، إلى جانب مسار من جمهورية جنوب السودان بواسطة النقل النهري والطريق البري من الرنك إلى كوستي بولاية النيل الأبيض، فضلاً عن استخدام مطارات الفاشر وكادقلي والأبيض، في حالة تعثر الوصول عبر الطرق البرية، والباب البجيب الريح، سدّو واستريح.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *