
هب أن اسمها “كلتوم” وبالدلع “كلتومة” أو بالصدفة عرفنا أسمها “فطومة” – ولو قلنا نسأل من حقيقة اسمها مين حنسأل؟ .. أبوها المقتول أم أمها المكلومة.
المهم – شيل ولو بالزيف (وشها) وخت صورة إبنك أو أخيك أو أي طفل من عشيرتك – ثم أعد مشاهدة الصورة بكل أبعادها الإنسانية – ألسنت اللهب من خلفها تعانق السماء بلا حاجز – أمامها مُسلح بغيض يغطي رأسه الخاوي بقماش الموت اللعين- متعطش للدماء ممسك بحديدة صماء عمياء حقيرة لا تستثنى رصاصاتها أجساد الأطفال والأبرياء – ثم عِش الألم وفظاعة اللحظة وهولها وهذا فقط أنك وضعت إبنك مكانها وهو ليس حقيقة – ستجد نفسك سرعان ما أعدت الصورة مكانها وهربت بإحساسك (المُر) إلى الواقع.
استسلمت وهي تنظر لحتفها البطيء شبكّت أياديها على رأسها بعد أن أفرغت في جوفها الظامئ آخر جرعة ماء كانت تدخرها في (قارورة إستيم) تعينها في رحلة الهروب من ديارها في الجنينة إلى أرض الله الواسعة.
لا أعلم أن ما اسميتها “كلتومة” أو “فطومة” هي الآن على قيد الحياة أم أرسلتها رصاصة “الشيطان” إلى بارئها.
هب أننا وضعنا صورة أعز ابن أو طفل في موضع هذه الصغيرة بالضبط وسألنا أنفسنا هل سنفعل شيء لإنقاذه من هذا الجحيم – الإجابة نعم سنفعل كل ما بوسعنا ونضحي بحياتنا من أجله لكن طالما تعاملنا مع “فطومة” أنها مجرد صورة عابرة نشرها أحمق في زحام “الفيسبوك” سنظل بلا إحساس ولا شعور بل وبلا ضمير إنساني – لأنها بعيدة – هناك – في الجنينة ونحن في الخرطوم أو الجزيرة وكسلا ونهر النيل والشمالية والقضارف وبقية الولايات – نتحسر لثوانٍ ثم يزول التأثير بزوال المؤثر وإختفاء الصورة وسط نفايات الوسائط.
يا بنتي والله لو وضعنا الشمس على يمينك والقمر على يسارك – أنا على يقين أنك لن تسامحينا أبداً.. وبقية أطفال ونساء الجنينة.
اللهم أطفئ نار هذه الفتنة وأحفظ الأهل في الجنينة والخرطوم وكل بقاع السودان.
محمد أزهري
صحفي
17- 6 – 2023