وكالات _ عزة برس
كشف مسؤولون بارزون في وزارة الخارجية الأميركية أنّ التحرّك لاحتواء أزمة السودان بدأ بتعاون سعودي أميركي قبل الوصول به إلى مدينة جدة في السعودية، لرعاية المحادثات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.
وقال المسؤولون، خلال إحاطة صحافية للحديث عن كواليس المفاوضات، إن إعلان الالتزام بحماية المدنيين في السودان الذي تم توقيعه في جدة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع يُمثل “خطوة أولى في ما نأمل تحقيقه هنا على أرض جدة في وجود طرفي الصراع السوداني”، وفق بيان للخارجية الأميركية.
وأضافوا أن الخطوة التالية ستتمثل في “التركيز على التفاوض بشأن تحديد تدابير أمنية يلتزم بها الطرفان لخلق بيئة آمنة لتوصيل المساعدات الإنسانية، واستعادة الخدمات الإنسانية ودفن الموتى بما يحفظ لهم كرامتهم”.
“صعوبات بالغة”
ونوّه المسؤولون بأن المحادثات بدأت مع قادة الجيش السوداني وقوات الدعم السريع أثناء عطلة عيد الفطر، مشيرين إلى أنها واجهت “صعوبات بالغة”، إذ تعثر التواصل مع القادة السودانيين بسبب “مشكلات تعاني منها شبكة الاتصالات في السودان”.
وأشاروا إلى أن بعض هذه المحادثات “جرت كتابة”، فيما جرى بعضها الآخر “عبر الهاتف الذي كان يعاني من أعطال بالخطوط بمعدل كل 7 دقائق تقريباً”.
بعد ذلك، حدد كل طرف من طرفي الحرب السودانية ممثلاً له “لإجراء محادثات معنا ومع السفير السعودي بالسودان علي بن جعفر”، بحسب المسؤولين.
وأوضح المسؤولون الأميركيون أن العمل استمر على هذا النحو “على أساس يومي”، حتى “وصلنا إلى جدة لنقل المحادثات، التي جرت عبر الهاتف إلى التحادث وجهاً لوجه”، بعد أن عرضت السعودية استضافة هذه المحادثات.
وأشاد المسؤولون بـ”التعاون الوثيق من قبل اللجنة الدولية للصليب الأحمر”، التي ساعدت في نقل ممثلي الجيش السوداني و”قوات الدعم السريع”، والسفير السعودي عبر مناطق الصراع المتأجج في الخرطوم إلى مطار “وادي سيدنا” العسكري، الذي يسيطر عليه الجيش السوداني، ومنه إلى جدة. وبمجرد وصولهم مساء الجمعة 5 مايو، “بدأت المحادثات في اليوم التالي”.
وشدد المسؤولون الأميركيون على الدور السعودي “بالغ الأهمية” في الذهاب بأطراف الحوار إلى جدة، موضحاً أن المدينة الساحلية شهدت أيضاً “جهوداً هائلة” من قبل وسطاء سعوديين وأميركيين للتواصل مع عدد من القادة المدنيين للمشاركة في مناقشة “أهداف محادثات ما قبل مفاوضات جدة، والديناميكيات السياسية، والإجراءات المزمع اتخاذها بشأن توسيع قاعدة الأطراف المتحاورة لتشمل مدنيين سودانيين وممثلين إقليميين ودوليين”.
“تحالف من المدنيين”
وتطرقت المحادثات إلى الخطوات التي يمكن أن يتخذها المدنيون السودانيون “الآن” للإعداد للمشاركة بفاعلية في النقاشات عندما تصل إلى هذه الصيغة الموسعة.
ولفت المسؤولون الأميركيون إلى ضرورة تشكيل “تحالف موسع من المدنيين السودانيين، ليكون أكثر تمثيلاً للمجتمع المدني السوداني”، بضم أصوات نسائية وممثلين غير سياسيين من أعضاء المجتمع المدني وغيرهم.
وقال المسؤولون الأميركيون إن التواصل مع المدنيين جاء أيضاً نتيجة طلب ممثلي الجيش السوداني وقوات الدعم السريع بـ”اقتصار محادثات جدة على القضايا العسكرية الفنية المرتبطة بوقف إطلاق نار قصير المدى وتوصيل المساعدات الإنسانية”، فيما عمل السعوديون والأميركيون على “الدفع قدماً بعجلة المحادثات”، ليس فقط لتشمل عناصر من مدنيين وممثلين إقليميين ودوليين، وإنما أيضاً لتتطرّق إلى “قاعدة أوسع من الموضوعات المعلقة”.
وأفاد المسؤولون بأن النقاش السعودي الأميركي مع ممثلي المجتمع المدني وممثلي لجان المقاومة شمل “إمكانية تنسيق الجهود المحلية الشجاعة” التي اضطلعوا بها لتقديم المساعدات الإنسانية والخدمات الأساسية على الأرض أثناء الصراع في الخرطوم وغيرها من جانب، مع “جهود توصيل المساعدات الدولية وإعادة الخدمات الأساسية، مثل توفير المياه وعودة الاتصالات وتوزيع الوقود ودفن الموتى حفاظاً على كرامتهم”، من جانب آخر.
“نهج تدريجي”
وأشاد المسؤولون الأميركيون أيضاً بـ”الشفافية التامة”، التي تحلى بها الوسطاء السعوديون والأميركيون مع أطراف المحادثات في جدة، بشأن انضمام مدنيين إلى المحادثات إلى جانب ممثلين إقليميين ودوليين لدى تقدم المحادثات إلى مرحلة “الوقف الدائم لأعمال القتال وتشكيل حكومة مدنية”.
وبين المسؤولون أن محادثات جدة تبنت “نهجاً تدريجياً” من أجل الوصول بها إلى “ما وصلت إليه من نتائج كنا نصبو إليها”، وأفادوا بالتواصل المستمر والكاشف من قبل الوسطاء السعوديين والأميركيين مع “الشركاء الإقليميين والدوليين” لاطلاعهم على “طبيعة محادثات جدة والأهداف التي تصبو إليها عبر مقاربة تدرجية”.
“خطوات تالية”
وأشار المسؤولون الأميركيون إلى أن الفقرات الثلاث الأولى في ديباجة إعلان الحماية “كتبها طرفا الصراع من ممثلي الجيش السوداني وقوات الدعم السريع”، وأن هذه المبادئ “ستحكم الخطوات التالية” التي ستتمثل في “وقف قصير المدى لإطلاق النار”.
وبين المسؤولون أنه نتيجة لحالة انعدام الثقة، التي سيطرت على الطرفين، استغرق التوصل إلى إعلان الالتزام بحماية المدنيين ووقف إطلاق النار لفترة قصيرة “وقتاً وجهداً أكثر مما كان متوقعاً”.
واعتبر أن هذا الوقت كان “مفيداً من الناحية التفاوضية” للتحدث بشأن عدد من القضايا المرتبطة بالخطوة المقبلة “المزمع اتخاذها في جدة” أيضاً، والمتعلقة بالاتفاق على “تدابير محددة لتسهيل وقف إطلاق النار قصير المدى”.
واختتموا بالقول: “لقد بدأنا بالفعل بعض هذه المحادثات، ونتطلع بقوة إلى الانتقال إلى مرحلة التفاوض، حتى نتمكن من تنفيذ الوقف القصير لإطلاق النار وتوصيل المساعدات التي يحتاج إليها السودانيون بقوة”