
– حينما يئست الانقاذ من تحقيق مكاسب ملموسة تصب في صالح تماسك الدولة السودانية لحلحة الصراعات السياسية والمسلحة اتجهت بكلياتها من مبدأ (التفاوض) الى مبدأ (الحوار) ، ولعل تجربة حكومة (البشير) لها ارث راسخ في اليات المفاوضات ودهاليز التفاوض المفضي الى عقد اتفاقيات تكتيكية مع قوى المعارضة بمختلف توجهاتها الايديلوجية والفكرية لذلك يعد انتقالها من خانة (المفاوضات) الى خانة (الحوار الوطني) قياس معياري لما انتجته المفاوضات من نتائج ثنائية سالبة بين الحكومة ومعارضيها انذاك ويعد اكثرها خزلانا انفصال جنوب السودان وانتاج مزيد من الحركات المسلحة باقاليم السودان المختلفة نتيجة الاطماع التي خلفتها مكاسب المفاوضات الثنائية للطرف المعارض دون الطرف الاخر ..
– (الحوار) له قيمة اضافية تعلو على (التفاوض) بحيث انه عملية اتصال بين (شخوص) يدرسون فيها البدائل المختلفة للتوصل لحلول مقبولة (لديهم) او بلوغ اهداف مرضية (لهم) دون شمول الاخرين بينما تغلب على التفاوض العملية (الثنائية) .. اما (الحوار) عادة يستخدم للتعبير عن اسلوب نقاش بين عدة اطراف يختلفون في وجهات النظر ويتفقون على (الشمول) .. ويقوم (الحوار) ايضا على مبدأ الاخذ والرد في الطرح وبيان الراي واستيعاب الراي الاخر وطرح الحجة والرد عليها لدفع الشبهة والسير بطرق الاستدلال الصحيح للوصول الى الحقيقة والحق بالاقناع او الاقتناع عبر عملية التسهيل من الاطراف الفنية الراعية .. فيما ان (المفاوضات) تقصي اطرافا عديدة من طاولات التفاوض .. لذلك فان الحوار يجمع شتات الفرقاء ولايقصي احد وتغلب عليه الجماعية والشمول وتميزه صفة القبول بالاخر ووحدة واتحاد النتائج ..
– منذ ان فشلت المفاوضات الثنائية بين المكون العسكري وقحت (الاولى) حول انتاج مسخ الوثيقة الدستورية بات واضحا وجليا فشل اسلوب المفاوضات الثنائية كمنهج للوصول الى حل الازمة السياسية وسؤالها المحوري: (كيف تحكم الفترة الانتقالية) ؟؟.. رغم وضوح خطل التجربة والمنهج السابق للوصول الى اتفاق بين اطراف الازمة الا ان قحت مجموعة الاربعة وحليفها السري الحزب الشيوعي السوداني تزداد عنادا للرجوع الى مربع التفاوض بديلا للحوار الذي اقرته الاطراف الدولية وارتضته معظم القوى السياسية والمجتمع .. غياب قحت الاربعة والشيوعي على طاولة الحوار وتوجهها لعقد مفاوضات ثنائية مع المكون العسكري تنم عن رغبة اكيدة لتحقيق التفاف حول عملية الحوار ويكشف ذلك النوايا الاقصائية لهذه المجموعة الصغيرة التي تدعي امتلاكها للشارع وهو منها براء .. فاحذروا انحراف الحوار الى عملية تفاوضية تعيد المشهد الى ما كان عليه فالمجرب لا يجرب ..